فايز أيوب الشيخ
انفرد رئيس السلطة محمود عباس بقرار الموافقة على المباردة التي اقترحتها فرنسا لاستئناف عملية التسوية مع الطرف الصهيوني، ملمحًا في الوقت نفسه إلى تراجعه عن الذهاب للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) القادم لمطالبتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وشكل هذا التفرد بالقرار الفلسطيني انتكاسة جديدة للإجماع الوطني الذي وقعت عليه الفصائل الفلسطينية والأحزاب والمستقلون في القاهرة مؤخرا"، حيث اتفق الموقعون -مطلع الشهر الماضي- على إدارة جماعية لكل ما يخص القضية الفلسطينية واتخاذ القرارات المصيرية، وخاصة المتعلقة منها بالمفاوضات مع الاحتلال.
"فتح" آخر من يعلم
وأقر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي بأن "المبادرة الفرنسية" لم تعرض عليهم رسميا، "ونحن بانتظار عودة عباس من الخارج للاستفسار منه حول فحوى تلك المبادرة ومضمونها".
وعبر زكي لـ"الرسالة نت" عن اعتقاده بأن عباس لن يستطيع أن يمضي في المفاوضات مع الإسرائيليين إذا لم تكن مبينة على قاعدة وقف الاستيطان والبحث في ملفي الأمن والحدود، كما أن عباس -وفق زكي- لن يتجاوز التوافق الفلسطيني في الذهاب للمفاوضات، "وخاصة في ظل الاتفاق على التوافق في كل القرارات المتعلقة بمستقبل القضية الفلسطينية", مشددا على أن المصالحة الفلسطينية ستشكل -من الآن فصاعدا- مخرجا لكل التناقضات على قاعدة الثوابت.
مراجعة شاملة
واعتبر عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية كايد الغول من ناحيته أن مثل هذه المبادرة كان يفترض أن تُبحث في الإطار القيادي الفلسطيني من مختلف الجوانب، "وأن يؤخذ منها موقف قيادي نابع عن دراسة معمقة مع الأخذ بالأسباب والمحاذير السابقة"، وقال في حديثه لـ"الرسالة نت": "الأولوية بالنسبة للفلسطينيين تكمن في إجراء مراجعة شاملة لمجمل العملية السياسية منذ أن بدأت"، مشترطا أن يكون ذلك في الإطار القيادي الفلسطيني الذي جرى التوافق على تشكيله مؤخرا ضمن اتفاق المصالحة.
ولفت الغول إلى إمكانية صدور موقف فلسطيني موحد على ضوئه يجري بناء موقف عربي ودولي مساند، مجددا رفضه للاستفراد بالقرار الفلسطيني، "وخاصة في ظل حالة الوحدة الوطنية التي شهدتها الساحة الفلسطينية مؤخرا".
نزول عن الشجرة
أما د. يوسف رزقة -المستشار السياسي لرئيس الوزراء إسماعيل هنية- فقد اعتبر موافقة عباس على المبادرة الفرنسية موافقةً على النزول عن الشجرة، "وهي مثيرة للقلق والاستغراب ولا تمثل الرؤية المقنعة للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج"، معتقدًا أن المطلوب من الدور الفرنسي –في هذه المرحلة بالذات- هو الجمع بين الأطراف قبل الوصول إلى سبتمبر (أيلول)؛ تاريخ الذهاب للأمم المتحدة للمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
واستهجن رزقة -في حديث لـ"الرسالة نت"- إقدام عباس على الموافقة على "المبادرة الفرنسية"، "وهو يعرف أن الأطراف المعنية بها لا تملك شيئا للدخول في مفاوضات جدية مع الإسرائيليين يمكن أن تفضي إلى شيء حقيقي للفلسطينيين"، محذرًا من أنّ فرنسا والولايات المتحدة لن تقدما شيئا جديدًا؛ "لأن نتنياهو في (لاءاته) الأخيرة أمام الكونجرس قطع الطريق على جميع الأطراف".
وأوضح رزقة أن الطرف الفلسطيني لا يملك –حتى هذه اللحظة- مشروعا أو رؤية جدية ليجري البناء عليها في أي مفاوضات جديدة، وأضاف: "ليس هناك قواعد أو بنود عمل يُتحاور حولها؛ فقضايا الحدود والاستيطان والقدس ليس لدى الفرنسيين أي مشروع لها، وكأنهم يقولون لعباس: لا تذهب إلى سبتمبر لكي لا تضع عقبة أمام (إسرائيل) للتفاوض معكم.. فقط ليس أكثر".
وعاد رزقة ليؤكد على أن الدور الفرنسي يمثل دور العرّاب بين الأطراف: "إسرائيل، السلطة والولايات المتحدة الأمريكية"، لافتا إلى أن هذا الدور هو نفسه الذي كان يقوم به الرئيس المخلوع حسني مبارك، "حيث أن الأخير غائب عن المسرح والنظام المصري الجديد مشغول وفرنسا حلت الآن للقيام بهذا الدور"، وتابع: "إن الدور الفرنسي هنا أقرب إلى الدور الإسرائيلي وأقرب إلى تحقيق المطالب الإسرائيلية، حيث تتضمن "أقوالا" في مصلحة (إسرائيل) ورئيس وزرائها نتنياهو".
وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية ذكرت أن الاقتراح الفرنسي يتضمن لأول مرة قولا من الأسرة الدولية بأن هدف المفاوضات هو "دولتين لشعبين"، مشيرة إلى أن هذا تغيير ذو مغزى كبير يقترب من نتنياهو ومن مطلبه من الفلسطينيين بالاعتراف بـ"إسرائيل" دولة قومية للشعب اليهودي.