قائد الطوفان قائد الطوفان

جريمة قتل تفتح أبواب الثأر بغزة

غزة-مها شهوان-الرسالة نت

استكمالا لملف قضيتنا السابق الذي تحدث عن فتاة اقتحم خلوتها شاب حاول اغتصابها وهي نائمة في باحة بيتها وعاقبه إخوتها بالقتل، ثم أخذ القانون مجراه وزج بالقتلة في السجن لتجاوزهم نصوص الأخير.. إخوة المجني عليه وصفوا الادعاء بالكاذب؛ لذلك بدأوا يتربصون بالجناة الذين أفرج عنهم بعد قضاء فترة من السجن.. وفي أحد الأيام بعد صلاة المغرب حينما فرغ إخوة الفتاة من صلاتهم هجم عليهم ذوو القتيل وباتوا يطلقون النار على بعضهم بعضا حتى وقعت إصابات في الجهتين.

وأثناء تقليب "الرسالة نت" لأوراق ملف القضية وجدت خلال التحقيقات أن أحد مطلقي النار كان يسعى لتشويه أحد أشقاء الفتاة، فضلا عن أن إخوة المجني عليه لم ينفكوا عن إطلاق الإشاعات السيئة حول الفتاة التي لم يطرق بابها أحد للزواج.

خلع نعليه

بعد وقوع الشجار الأخير قبضت الشرطة على المتهمين وزجت بهم في الحبس حتى أحيلت قضيتهم للنيابة لتصل فيما بعد إلى القضاء.

وعندما حدد موعدا للبت في الحكم على المتهمين وضع في قفص الاتهام ثلاثة من أشقاء المقتول.. أحد المتهمين لم يتجاوز عمره الـ25 عاما خلع نعليه وضرب وجهه قائلا: "ايش اللي خلاني أسمع كلامكم وأطخ نار"، فقد كانت فعلته تلك دليلا واضحا على ندمه الشديد الذي استقطب تعاطف من في القاعة باستثناء القضاة الذين يطبقون القانون ولا تأخذهم العاطفة.

وكيل المدانين تقدم بزيه "الرّوب" الأسود حاملا المستندات في يده ويقدم الواحدة تلو الأخرى ليثبت براءة موكليه قائلا: "إنهم نادمون على فعلتهم ولا سوابق لهم، وما فعلوه كان دفاعا عن نفسهم".

مرافعة المحامي لم ترق لوكيل النيابة الذي طالب بأقصى العقوبات؛ لأن ما ارتكبه المدانون من التهم الخطيرة؛ وذلك لمحاولتهم إيقاع الأذى البليغ وتشويه المجني عليه وفق تقارير الطب الشرعي. وحينما فرغ كل من المحامي ووكيل النيابة نطقَ القاضي بالحكم، حيث أمر بحبس أحد المتهمين مدة سنة مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات، والآخران اكتفى بمدة توقيف لهم لسبعة أشهر وأخلي سبيلهما مع دفع غرامة مالية قدرت بـ1500 شيكل أو الحبس ست شهور إن لم تدفع.

أحكام رادعة

"الرسالة نت" التقت رئيس محكمة بداية غزة أشرف فارس حيث برر الحكم الذي صدر قائلا: "تلك الجريمة من القضايا القديمة؛ لذا اعتبرت المحكمة ما وقع رد فعل لانتهاك حرمة البيوت"، مضيفا أن رد الفعل الذي وقع مؤخرا كان سيتسبب في إزهاق روح، وأكد على أنه لا يجوز لأي شخص أخذ القانون بيده وإلا سيعاقب عقوبة شديدة، داعيا المواطنين إلى التوجه للجهات المتخصصة في حال تعرض أحدهم للاعتداء ليأخذ القانون مجراه. وأوضح فارس أن القضاء يصدر أحكام رادعة لوقف الجاني والآخرين عند حدهم؛ "كي لا يعبثوا بالقانون".

أهل الحلم والعقل

وعلى الصعيد الاجتماعي قال الاختصاصي د. فوزي أبو عودة: "ما حدث يعتبر تجاوزا لكل الأطر القانونية ويؤول إلى تفكك المجتمع لسبب العبث في القانون"، موضحا أنه طالما أخذ ذوي الفتاة حقهم في المرة الأولى وقتلوا الجاني فلا داعي للاعتداءات المتكررة، وأشار إلى أن تلك الجرائم التي تقع بحاجة إلى أهل الحلم والعقل ليصلحوا بين الناس، "بدلا من أن تسفك الدماء".

وعن أخذ المواطنين للقانون بيدهم قال أبو عودة: "لا بد من نشر ثقافة سيادة القانون ليسلم المجتمع من وحل الفوضى والاضطراب"، لافتا إلى أنه في حال وجد فيصل في القضية المطروحة بين الطرفين لنجت العائلتان.

وعن استمرار الاعتداءات التي كان يقوم بها إخوة الفتاة ذكر الاختصاصي أنه لا بد من أخذ الأمور بحكمة بالغة؛ "كي لا يؤثر ذلك سلبا على سمعة العائلة"، مبينا أن أشقاء الفتاة نتيجة تهورهم أساؤوا لسمعة أختهم.

وفي ختام ملفنا القضائي نصيحة من "الرسالة" لك عزيزي القارئ: لا بد من الوقاية لأنها خير علاج، فإذا كانت التربية سليمة فهي تساعد على إنشاء جيل صالح لا يتجاوز حدوده أخلاقيا؛ مما يحمي المجتمع من بطش الآخرين.

البث المباشر