قائمة الموقع

العلماء ونكسة حزيران 1967م (1-2)

2011-06-06T16:26:00+03:00

قبل أربع وأربعين سنة كانت النكبة الجديدة لأمتنا العربية، على أيدي أدعياء القومية العربية ، نعم إنها نكبة جديدة لأمتنا العربية بعد نكبة 1948م ، وقاموا بإطلاق اسم النكسة على هذه النكبة الجديدة ظانين أنها أخف وطأة على نفوس الشعب العربي ، ولم يعلموا أن النكسة في الطب هي عودة المرض إلى المريض بعد تماثله للشفاء ، وقليلاً ما ينجو منها المريض ، وهذا ما حصل مع زعامات القومية العربية ، والتي أضاعت أضعاف أرض فلسطين 1948م وأضاعوا الجيوش العربية التي حشدوها لمعركة قادمة لم يتحكموا في بدايتها ، كما دارت عليهم نتائجها . بالضبط كما حدث مع الجيوش العربية المغوارة بقيادة الإنجليزي أبو حنيك ( جلوب باشا ) المحتل لأغلب الأقطار العربية التي أرسلت أبنائها من الجيوش ، كي تحمي السكان وترد البلاد المقدسة إلى حياض الإسلام والمسلمين ، فإذا ببعض الجيوش تخوض معارك ضارية مما يثبت أن الجندي العربي يستبسل في القتال إذا كان عن دين وعن عقيدة ، ولكن يفاجأ الجيش بأوامر انسحاب دون مبرر من الأماكن التي يدور الحرب في رحاها ، والناس لا يدرون لم انسحب الجيش ، فإذا بها أوامر من القيادة العليا الملك أو الأمير ، وهكذا يكون الأمر قد وضح ، إن يهود استطاعوا الوصول إلى رأس الهرم ، وأمسكوا بزمام الأمور ، يتحكمون بالمعارك ونتائجها بأموال وإغراءات أخرى . إنهم باعوا دينهم ، وشعوبهم وجنودهم الذين أرسلوهم لينقذوا قبلتهم الأولى من رجس يهود ، فإذا بهم يبيعون 78% من أرض فلسطين ، ويقبلون بتحديد حدود لا يجرؤون على تعديها بعد ذلك ، وعليهم الحفاظ عليها وعدم السماح لأحد من الاقتراب منها . وعجبت كيف حصل ذلك في الوقت الذي كانت فيه الشعوب تتحرك حراكاً شديداً من أجل الانعتاق من ربق الاستعمار الأوروبي . ولكن وجدت الجواب في نصيحة أحد العلماء من التابعين إلى أحد أمراء المسلمين ، والذي كان يستمع إلى نصيحة العلماء ، ولا يلقي بها في الأدراج دون أن يعيرها أي اهتمام ، وليعلم قارئ المقال أن هذا الأمير وهو سليمان بن عبد الملك رحمه الله كان من بركاته أنه استمع إلى نصيحة مستشاره العالم الرباني رجاء بن حيوة في استخلاف الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز رحمهم الله تعالى ، وترك أبناءه وإخوانه وأولاد عمه ، وللنظر إلى أمير المؤمنين الذي كان يحكم البلاد من شرقها إلى غربها ، وكانت جيوشه تدك عواصم بلاد الكفر ، لتوصل الإسلام والعدل والحرية لكل الناس من الصين إلى المغرب العربي ، وليس أميراً على قطر صغير ، أو دويلة هامشية على تاريخ الكون . إنه أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك الأموي رحمه الله تعالى ، يناقش التابعي أبا حازم الإمام الرباني العالم العامل، وإليك هذا الحديث مفصلاً من كتب السنة النبوي المشرفة ، وستصل يقيناً إلى سبب نكبتنا الثانية ، والتي ظن الجهلاء أنهم بتسميتها نكسة قد يخففون الوطأة على الشعوب العربية التي نكبت بهم قبل أن تنكب بنتائج سياساتهم الخرقاء . ولنقارن بينها وبين موقف لمن كان متحكماً في أرض الكنانة ، وسلم قياده للأعداء فاستسلم وتنازل عن حق شعبنا في فلسطين ، لقاء أن تعود شبه جزيرة سيناء إلى حكمه اسماً ، ويحظر على الجيش المصري وأسلحته أن تدخلها إلا بالأعداد المتفق عليها مع الأعداء ، فلا يسمح لطيران غير مدني حتى ولو كان هليوكبتر لإنقاذ بدو سيناء الذين جرفهم وادي العريش قبل عدة سنوات ، حيث احتجت حكومة العدو كيف يدخل طيران مصري دون إذن من الأعداء ، ومما يدلل على أنه باع القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية – قضية فلسطين – دون أن يحصل على عزة أو كرامة بالرجوع مرفوع الرأس إلى سيناء ، أنه يدخل المستوطن الصهيوني بصورة سائح إلى شبه جزيرة سيناء من أولها إلى آخرها دون أن يحصل على تأشيرة دخول إلى جمهورية مصر العربية ، إلا إذا أراد أن يجتاز قناة السويس إلى الغرب ، فهناك تسهل له الإجراءات للحصول عليها . مما يثبت أن يهود لم يعترفوا أن شبه جزيرة سيناء للعرب أو للمصريين فقط . وما ذاك إلا لبعد هؤلاء الحكام عن العلماء ، وعن الالتقاء بهم ، والاستماع إلى نصائحهم . بل كانوا يعتقلونهم ويسومونهم سوء العذاب ، بل كان المتحكم في رقاب المصريين يقول متبجحاً عن أحد العلماء العاملين الناصحين له ولغيره من أرباب الوزارات: (ها هو مرمي في السجن زي الكلب) باللهجة المصرية . بل وصل الأمر إلى أن يتهم أكبر جماعة إسلامية موجودة على أرض الكنانة بأنها تعمل ضد القانون ، بل يتهمها بالعمالة إلى روسيا في الوقت الذي كان من قبله يتهمهم بأنهم عملاء لأمريكا ، فرد عليه الأستاذ عمر التلمساني في محفل خطابي للسادات ، نحن لسنا عملاء إلا لله ، لو كان غيرك الذي قالها لشكوته إليك ، فلما كنت أنت القائل ، فإني أشكوك إلى الله . هذا حال علمائنا في العصر الحديث ، ولنقارن ذلك بما كان عليه الأمراء والعلماء في العصر الذهبي للإسلام والمسلمين ، مع ما عليه الرؤساء والأمراء مع العلماء في عصر الهزيمة والذل والعار .

يتبع ...

 

اخبار ذات صلة