غزة-محمد بلّور-الرسالة نت
لا يكفي أن تكون "طبخات" حماس السياسية على نار هادئة بل عليها التحكم في "مذاق" الوجبة في زمن الثورات العربية .
تعزف القارّة العجوز "أوروبا" لحنا سياسيا جديدا على مسمع حماس يحتمل الغزل السياسي أو جرّها لحقل ألغام .
الآن على حماس أن تقنع المجتمع الدولي بعدالة قضيتها وفكرها السياسي كحركة تحرر في ظل التغيرات السياسية بالمنطقة .
وكانت مجموعة من الدبلوماسيين الدوليين أصدرت وثيقة تؤكد أنه لا يمكن أن ينجح إلا أي سلام إلا إذا كانت حماس جزءا منها محذرة من تجاهل اتفاق المصالحة كشرط لتحقيق الاستقرار.
أوروبا لم تعد مقتنعة باللعب في "خط الوسط" فقد شجعها تراجع الدور الأمريكي في المنطقة للانتقال إلى "خط الهجوم" وتحقيق مزيد من المكاسب.
أوروبا التي حافظت على الرضا الأمريكي والإسرائيلي لسنوات طويلة تريد الآن المشاركة في صناعة السياسة بالشرق الأوسط ومحاورة حركاته الإسلامية وعلى رأسها حماس والإخوان المسلمين.
حركة راديكالية
وعاشت حماس رغم صغر سنها الحركي "23 سنة" سلسلة تطورات متلاحقة انتقلت بها من النشأة والتكوين لتخوض غمار العمل المقاوم والسياسي وتجابه الحرب والحصار.
وأبدت حماس رغم أنها حركة تتمسك بثوابت محددة تكيّفا مع تقلّب الطقوس السياسية في المنطقة ما كلفها كثيرا من التضحيات الجسام .
وقال الباحث في شئون الحركات الإسلامية د. خالد صافي إن حماس بدأت في السنوات الأخيرة تظهر براغماتية سياسية ومرونة كبيرة .
وأضاف للرسالة: "سمعنا من قادتها كلاما عن تعاطيهم مع السياسة الدولية والنظام الفلسطيني وقد تجلى ذلك مذ قبلت بحكومة وحدة وطنية سنة 2007 وقبولها لدولة على حدود 67" .
أما المحلل السياسي عبد الستار قاسم فأكد أن دعوة أوروبا للحوار مع حماس ليست جديدة فهي تدرك أنها حركة قوية ومنضبطة تختلف عن فتح .
وأشار إلى أن ثوابت حماس تمنعها من تلبية الشروط القديمة لتقبل دوليا والمتمثلة في "نبذ العنف-الاعتراف بإسرائيل-إقرار الاتفاقيات".
وأضاف للرسالة: "رغم إدراكهم لرفض حماس تلك الشروط فهم يغازلونها سياسيا على لسان مسئولين سابقين وليسوا رسميين الآن" .
رقم حقيقي
وظهرت حماس كرقم حقيقي في المعادلة السياسية فرغم أن أعداءها أقوى منها في العتاد والسياسة إلا أن ارادتها في الصمود ودعم الجمهور لها أبقاها واقفة على ساقيها .
وقال المحلل صافي إن حماس صمدت في غزة رغم الحصار وأثبتت أنها لا يمكن تجاوزها في الواقع الفلسطيني.
وعدد صورا من "البراغماتية السياسية" لحماس تمثّلت في تصريحات مشعل الأخيرة حين وقع اتفاق المصالحة وقال إن لدى حركته عمل سياسي .
وتابع: "سبق ذلك تصريحات لمسئولين في الحركة تحدثوا عن تهدئة ومارسوها عمليا ثم القبول بدولة على ارض 67 ومن قبل قبولها الدخول في الانتخابات وكل ذلك تطور في فكرها السياسي".
أما قاسم فيرجع بالزمن لأيام السبعينات حين طرحت شخصيات أجنبية غير رسمية مشروع التسوية على منظمة التحرير ومع الزمن جرّها الرسميون للتسوية.
وأضاف: "سيتصاعد الطرح السياسي مستقبلا من حولها لإقناعها بالاعتراف بإسرائيل وسيستمرون في المحاولة"
سريعة أم بطيئة
السؤال كيف ستتكيّف حماس مع الغزل السياسي وكيف ستجمع بين تسويق برنامجها وإقناع المجتمع الدولي؟!.
وقال المحلل صافي إن حماس كحركة راديكالية تحكمها أيديولوجيا واضحة ستكون استجابتها بطيئة فليس من السهل عليها أن تجري تحوّلات كبيرة في سياستها.
وتابع: "ركّزت طوال السنوات الماضية على التعبئة المقاومة وفي السنوات القليلة الماضية فقط بدأت تركّز على التعبئة السياسية لذا تحتاج لفترة حتى تقنع جمهورها بأية رؤية جديدة" .
وأشار إلى أن حماس لا بد أن تتحلى بالذكاء في نهجها السياسي خاصة بعد أن أصبح على عاتقها التزامات تجاه الحكومة والشعب .
تغيرات الشرق الأوسط
وتعيش المنطقة العربية فوق براكين جماهيرية بعضها تفجّر والآخر خامد قد ينشط في أية لحظة.
وقال صافي إن حماس تعيش الآن بين إغراءات ولعبة مصالح دبلوماسية تقدمها أوروبا .
وتابع: "تولدت قناعة لدى أوروبا أن حماس جزء أصيل من الشعب لذا تحاول إغراءها لتغيير موقفها أو الالتقاء معها في منتصف الطريق ".
أما المحلل قاسم فأكد أن التغير الكبير الواقع في المنطقة ليس في صالح أمريكا ولا إسرائيل وان قلق الأخيرة ازداد بعد فشل حصار وحرب غزة.
وقال إن الميزان العسكري اختل ما يجعل الغرب وعلى رأسه أوروبا تفكّر جديا في الحديث مع القوى المؤثرة في المنطقة وعلى رأسها حماس وجماعة الإخوان المسلمين .
وإذا ما صدقت النوايا الأوروبية فإن حماس ستستجيب للدعوات الحوارية ولكن يبقى أمامها مهمة الحفاظ على ثوابتها التي يرفضها معظم المجتمع الدولي .