فايز أيوب الشيخ
الفرق بين حركتي حماس وفتح في رفضهما لتسمية "سلام فياض" رئيسا لحكومة التوافق الوطني أن "حماس" ترفضه صراحةً لأسباب عدة صرحت بها في حين أن "فتح" ترفضه خلسةً لأسباب داخلية أخفتها.
وما عرقل تشكيل الحكومة حتى الآن هو تمسك رئيس السلطة محمود عباس بـ" فياض" خيارا أوحد لرئاستها بخلاف ما اتفق عليه في القاهرة مطلع مايو الماضي بأن يجري التوافق على تعيين شخصية مقبولة تكون قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية المقبلة والتحضير للانتخابات.
معارضون ومؤيدون
وتبدي أوساط واسعة في حركة فتح رضاها عن رفض حركة حماس تولي فياض؛ في خطوة تشير إلى انعدام الرضا عن موقف مسؤولي فتح وعلى رأسهم عباس في هذا الإطار، حيث أن مصادر في حركة حماس في الضفة الغربية أشارت إلى أن قيادات "وازنة" في حركة فتح أبلغتها بضرورة إصرار حماس على رفض تولي فياض رئاسة الوزراء لأنهم غير راضين عن تشبث عباس به، مبلغةً إياها أن معظم قيادات حركة فتح مع هذا التوجه.
كما ينقسم الفتحاويون بين معارضين بالخفاء لتمسك عباس بفياض وبين مؤيدين، فقد زعم أحد المؤيدين -عضو اللجنة المركزية لفتح جمال محيسن- أن عباس يريد من إبقاء فياض على رأس الحكومة المحافظة على التأييد الدولي للقضية الفلسطينية والذهاب بهذا التأييد إلى الأمم المتحدة بدلا من المقاطعة والحصار، "وعوضا عن أن فياض قادر على تحقيق إنجازات على صعيد بناء مؤسسات الدولة"، على حد قوله.
وعلى الجانب الآخر من فتح عارض عضو مجلس ثوري -فضل التحفظ على اسمه- ما طرحه محيسن، فقال لـ"الرسالة نت": "ليس فياض وحده المخلص للشعب الفلسطيني ولا الذي لم تلد بعده النساء.. أليس هو من عارض فكرة الذهاب للأمم المتحدة لإعلان الدولة بعد أن وقف على تلّها بحجة بناء مؤسسات الدولة؟"، مستنكرا على فياض تصريحاته الأخيرة التي قلل فيها من توجه السلطة للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة.
وتحدى عضو الثوري، أن يُجري عباس استفتاء داخليا على مستوى قيادة فتح في الضفة الغربية وقطاع غزة حول تسمية فياض رئيسًا لأي حكومة مقبلة، مؤكدا أن القيادة الفتحاوية ستلفظه لفظا، "كما أن القاعدة الفتحاوية سئمت تصرفاته"، على حد قوله.
انتهاك اتفاق المصالحة
وكررت حركة حماس من جهتها رفضها لفياض ردا على عباس الذي اتهمها بوضع "العراقيل" أمام تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية وتأكيده لتمسكه بفياض لرئاسة حكومة التوافق.
وشدد المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري على أن حركته لن تسمح بتشكيل حكومة الشخصيات المستقلة بموجب اتفاق المصالحة إلا على قاعدة التوافق وفق ما ورد في نص الاتفاق، واصفا استمرار تمسك عباس بترشيح فياض لرئاسة حكومة التوافق بأنه "انتهاك لاتفاق المصالحة".
وقال أبو زهري إن حركته لم تفرض أي مرشح لرئاسة الحكومة، "كما أنها في المقابل لن تسمح لأي طرف أن يفرض مرشحه"، مضيفاً: "حماس لن تتنازل عن ضرورة أن تشكل الحكومة استنادا إلى قاعدة التوافق".
أما د. يوسف رزقة -المستشار السياسي لرئيس الوزراء- فقد قال إن إصرار عباس على فياض رئيسًا لحكومة التوافق كأنه يؤجل المصالحة، مستهجنا تساوق أوساط في حركة فتح مع هذا الإصرار رغم رفضهم لتوليه.
وفي السياق قال رزقة: "لم يثبت أن هناك موعدا قريبا بين عباس ومشعل، كما أنه ليس هناك وساطات تركية كما يتصور البعض وروجت له وسائل الإعلام"، معربا عن اعتقاده بأن ملف المصالحة الفلسطينية سيبقى في رعاية الشقيقة مصر.
ما ذكرته صحيفة "الحياة" اللندنية يؤكد ما طرحه رزقة بأن مساعيا مصرية تُبذل من أجل عقد لقاء قريب في القاهرة يجمع حركتي فتح وحماس؛ من أجل إيجاد مخرج للأزمة العالقة في ملف تشكيل الحكومة المؤقتة بمقتضى اتفاق المصالحة الذي وُقع في القاهرة.
وشدد رزقة على أن من يتحمل تأخر البدء في تطبيق اتفاق المصالحة هو رئيس السلطة الذي يرهن تشكيل الحكومة بشخصية مرفوضة للكثيرين ولاسيما في حركتي حماس وفتح، كما "أنه يسعى إلى تأجيلها إلى ما بعد ما يسمى (استحقاق أيلول)".
وكان عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية رباح مهنا حمل عباس المسؤولية المباشرة عن تعثر المصالحة الفلسطينية لتمسكه بفياض رئيسا للحكومة المقبلة، قائلا: "عباس فسر مفهوم التوافق على طريقته الخاصة وخضع للضغوط الخارجية بترشيح فياض رئيسا للحكومة بل صمم وتعنت في هذا الموضوع حتى ضد رغبة حركة فتح", على حد قوله.
فياض ليس مستقلا
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الدكتور عبد الستار قاسم من ناحيته أن اتفاق المصالحة الذي جرى في القاهرة لم ينص بالتحديد على تعيين مستقلين في الحكومة الانتقالية، "وإنما نص على اختيارهم بالتوافق".
ودحض قاسم -في حديث لـ"الرسالة نت"- مزاعم من يعتبر فياض مستقلا، قائلا: "أمريكا مصرة عليه وقادة الاحتلال يثنون عليه، فكيف يكون مستقلا؟!.."، لافتا إلى أن المستقل لا يخضع لإرادة دولة خارجية، "ولا ينتمي لتنظيم.. وهذا غير متوفر في فياض الذي كان يقود حزب الطريق الثالث في الانتخابات الأخيرة".
كما قلل قاسم من أثر تهديدات الدول المانحة بوقف دعمها لمؤسسات السلطة في ظل التحرر من إملاءاتها، لافتا إلى أن 53% من دعم الدول المانحة هو من الدول العربية.
ويُستشف من قراءة موضوعية للمزاج العام للشارع ولأبناء الفصائل أن هناك استهجانا لأن يكون تولي فياض عقبة أمام إتمام اتفاق المصالحة، حتى أن أسهمه انخفضت عند بعض أنصاره لأن كثيرين توقعوا منه أن يعتزل موقعه طواعية؛ حتى لا يكون عقبة أمام إتمام المصالحة.