نختلف عن بقية الحركات في أننا اكتوينا بنار "الباطل" والاحتلال
زاد احتكاكي بـ"هنية" مؤخرا وزدت يقينا بحرصه على شعبه
الثورات العربية تعمل لمصلحتنا وهذا العام هو عام التغيير
مطلوب من (الإخوان) في مصر مساندتنا وتأييدنا في محنتنا
المحافظة الوسطى- محمد بلّور-الرسالة نت
كل شيء في العمر ينقص إلا تفاؤل الشيخ أبو أيمن طه بمستقبل حركة حماس وجماعة الإخوان في فلسطين؛ فوحده يزيد مع مرور الزمن.
سمعت عنه وأنا صغير وزرت منزله للمرة الأولى وهو مبعد إلى مرج الزهور سنة 1992، وتعرّفت حينها على نجله الشهيد القائد القسامي ياسر واليوم أشرف بمحاورته وأنا صحافي ويسعدني كثيرا أن أناديه: "يا عمي".
ما رأيكم أن نرتدي "منظار" الشيخ محمد طه "أبو أيمن" -74 عاما، أحد قيادات حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين- لدقائق معدودة لنعرف كيف يقرأ تجربة حماس ومشوارها الطويل؟!.
يشغل طه الآن منصب مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية لشؤون الإصلاح بعد رحلة طويلة في مجال التربية والتعليم والعمل المؤسساتي.
أهداف حماس
يرحب الشيخ طه بضيوفه كعادته ويدعوهم للدخول وهو ينزل على سلّم البيت قبل الوصول إلى جناح الضيافة الخاص به.
أفهم أن صمته بعد أسئلتي يحمل إجابات واضحة وصريحة تأتي من ذاكرته الخضراء وهمته العالية التي تعلّمنا منها الكثير.
يرى طه أن حماس حققت جزءا كبيرا من أهدافها، "وأهمها جمع كلمة الشعب الفلسطيني على الحق"، كما يقول.
وقال لـ"الرسالة": "تغيرت كثيرا من العادات والتقاليد بفضل الله وحركة حماس؛ فقد تلاشت الألفاظ النابية والشتائم التي تقدح في الدّين وما عدنا نسمعها وقد كان الناس يشتمون بألفاظ "كفرية" ويتضاحكون.. وهيهات هيهات من يجرؤ على الاعتراض!".
أما الأهداف السياسية فيرى طه أن حماس نجحت في منح شعبنا دفعة وأعطته الأمل في الحياة بانتهاء اليأس والعودة المحمودة للدين. وبإمكانكم ملاحظة أن الشيخ طه يقدم في إجاباته نجاح حماس في الجانب التربوي ونشر الوعي الديني باعتباره أساسا للنجاح في السياسة والمقاومة، وتلك فلسفة خاصة يؤمن بها.
وأكد طه أن حماس نجحت في التكيّف مع التطورات السياسية في السنوات الأخيرة مع الحرص على الثوابت الوطنية وعدم التفريط بها، مضيفا: "هي جزء من حياتنا وعقيدتنا ولا يمكن أن نفرط بها سائلين الله أن يزيدنا ثباتا وقوة ويقينا".
ولفت إلى أن الحديث عن محاولات أعداء حماس تحجيم نشاطها عبر استدراجها لدخول حلبة السياسة أمر قد يكون ورادا، "لكن الله أبطل كيدهم وألاعيبهم فخرجت حماس بعد نجاحها في الانتخابات أقوى من قبل وهي ثابتة على الحق".
وأضاف: "قد تغير حماس مواقفها السياسية دون المساس بالثوابت، ومن يتخيلون أن حماس غيرت وبدلت فهم واهمون لأنه الحركة لم ولن تغير بإذن الله".
تطور إيجابي
يقبض الشيخ طه على جانبي مقعده ويشرد بنظره قبل أن يجيب على سؤال آخر لـ"الرسالة" يقارن فيه بين حماس قبل دخولها للتشريعي والحكومة وما بعد، فيقول إنها سجلت تطورا إيجابيا، مؤكدا أن حماس عموما أثبتت أنها تسير للأمام بخطوات ثابتة، "وغيّرت دفة الأمور للاتجاه الأحسن".
وتابع القيادي المؤسس: "زادت الضرائب مثلا وهي في الحكومة على بعض الأشياء الضارّة -يقصد التبغ- وهي خطوة تتجه لمنعها وتحريمها والله الموفق"، موضحا أن التغيرات في المنطقة العربية تمضي لمصلحة القضية الفلسطينية، وواصفا العام الحالي بأنه عام التغيير الذي آن أوانه بعد رحيل الظلم، "وهذا سيليه زوال دولة اليهود والعودة لفلسطين المحتلة".
وحول صعود جماعة الإخوان المسلمين المنتظر في بعض الدول العربية أكد طه أن صعودهم يدعم موقف حماس وقضية فلسطين، وأضاف: "مطلوب من (الإخوان المسلمين) أن يساندونا ويقفوا لجانبنا ويؤيدونا في محنتنا (...) نحن لا نحملهم فوق طاقتهم إنما قدر الاستطاعة -لا يكلف الله نفسا إلا وسعها..- سائلين الله أن تتضافر الجهود".
مستقبل حماس
يزيّن طه إجاباته عقب كل سؤال بتكرار الصلاة والسلام على رسول الله والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وهي بصمة حرص عليها في أحاديثه قاطبة الصحافي منها والاعتيادي.
وأكد أن مستقبل حماس يسير اتجاه الأفضل رادا ذلك لسبب أساسي ألا وهو "العودة إلى الله"، وتابع: "ما زلنا نعود إلى الله ونراجع حساباتنا، وما دمنا نعود فهو معنا لنحقق ما كان مستحيلا، وما حدث في حرب الفرقان كان تغييرا مستحيلا لكن الله أراده مقدمة للخير وهذا يطمئننا أنه -سبحانه وتعالى- راض عن سلوكنا".
وحول ما تتسم به جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين عن الجماعة في بقية الأقطار أكد أنها عاشت حياة خاصة واكتوت بنار الباطل أكثر من غيرها وأنها ليس لها إلا الله دائما.. "كانت دائما تعود له عودة صحيحة وحقيقية"، كما قال.
وأضاف: "نختلف عن بقية المناطق لأننا عانينا الكثير من الباطل وعدنا للحق فأكرمنا الله وسرنا في الطريق الصحيح.. ومزيد من الرجوع لله يحقق لنا مزيدا من الخير"، واصفا نجاح حماس بأنه نجاح لا يخفى على من له عقل وعينان.
وتوقع طه نهاية قريبة لـ(إسرائيل) -أسوة بتوقع شهير للشيخ الشهيد أحمد ياسين- متابعا: "لأنه كما نعتقد فاعتقاد الشيخ اعتقاد مؤمن حقيقي، ونسأل الله أن يكون كذلك، والمؤمن يرى بنور الله (...) نسأل الله أن يحقق أمله وهناك مؤشرات ودلالات ودراسات تؤكد قرب نهايتها".
واستدل بدراسة أجراها سابقا الشيخ بسام جرار حول نهاية دولة اليهود لتكون سنة 2022 مضيفا: "كنا في الإبعاد وقلنا له: تلك مدة طويلة ونأمل أن تكون قبل ذلك، فضحك الرجل وقال أقصد نهايتها تماما في تلك السنة وأنها ستسقط".
نصف قرن
مضى نصف قرن على انتساب الشيخ طه لجماعة الإخوان المسلمين لكنه كان معهم قبل ذلك قلبا وقالبا كما يصف.
بيد أنه أكد تأثره بشقيقه الشيخ عز الدين الموجود حاليا في الأردن، موضحا أنه يخالفه في صفة ألا وهي أنه يحاول التحلي بالصبر والحكمة خلافا عن مواقف عز الدين "السريعة"، على حد تعبيره.
طه تعرّض للاعتقال 8 مرات على يد الاحتلال و7 مرات على يد أجهزة السلطة الفلسطينية, وحول تحديه للسجان الصهيوني وسبب ذلك بادر بالقول إن ذلك من الحكمة.
هُدم منزل طه على يد العدو في انتفاضة الأقصى وتعرض هو وأبناؤه للاعتقال حيث تعمّد الاحتلال إيذاءه فيما استهدف نجله الشهيد ياسر طه بالقصف؛ مما أدى لاستشهاده هو وزوجه وطفلته.
وتجمع طه علاقة خاصة برئيس الوزراء إسماعيل هنية وقد عرفه منذ سنوات طويلة فوجد فيه التواضع وخفة الروح والحرص على مصلحة الوطن والشعب.
وحول قربه منه الآن -بصفته أحد مستشاريه- ورؤيته للعمل الحكومي أضاف: "زاد احتكاكي به مؤخرا ما زادني يقينا بأنه حريص على مصلحة شعبنا ووطنه فحياه الله".
وأكد طه أنه يسمع كثيرا عن سلبيات يتحدث بها "البعض" في حركة حماس والحكومة الفلسطينية، فيقوم أحيانا بالرد وأحيانا يترك الإجابة لتتكلم الحقيقة وحدها كما يقول.
وتابع: "أشعر أننا ربحنا كثيرا وكلما حاولوا أن يكبّروا سلبيّة جاءت لهم سلبيات كثيرة من الطرف الآخر -يقصد فتح- لترد عليهم؛ فمثلا مسألة الرواتب يتلاعب المتسلقون بها وبموضوع الإصلاح وفيّاض يلحن بأنه لا يستطيع دفع رواتب وحقوق الموظفين".
وأوضح أن سلوك فتح الأخير يعطل المصالحة، وأن حماس رغم قلّة إمكاناتها تحرص على تدبير شؤون الوطن ورواتب الموظفين بكل الطرق، "بينما الدنيا مفتوحة على فياض وفريقه ومع ذلك فهم ينكرون المصالحة ويعطلونها".
طه عاصر أجيالا من المنتمين لحركة حماس وهو يرى في شبابها الخير الكثير، في حين يدعو شبابا آخرين من أبنائها إلى فهم حقيقة حركتهم وعدم النظر لها كبوابة تجلب لهم مصلحة مادية ومنفعة شخصية.