بإشراف من المجرم "شارون"

مجزرة الدرج .. 9 سنوات والقانون لم يأخذ مجراه

غزة - رائد أبو جراد - الرسالة نت

ليس من السهل أبدا مع الأيام أن تُمحى آثار مجزرة الدرج؛ فأشلاء الشهداء ربما تنتهي بدفنها وركام البيوت قد تجلو برفعها.. ولكن ما لا يمكن محوه أبدا هو ما خلفته تلك المجزرة البشعة من آهات وصيحات على ذكريات اندثرت بلحظة واحدة دون سابق إنذار..

فلم تكن ليلة الثالث والعشرين من يوليو عام 2002 ليلة عادية على قطاع غزة؛ ففيها اقترف العدو الصهيوني جريمة بشعة اهتزت لها كل الضمائر الحية لتبقى في قلوب الفلسطينيين عامة والغزيين على وجه الخصوص.

متابعة أعلى المستويات

مجزرة حي الدرج استشهد فيها أكثر من 18 فلسطينيا منهم القائد العام لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة وزوجه وإحدى بناته، كما أصيب نحو 150 آخرين؛ بعد إلقاء طائرات الاحتلال الحربية قنبلة بوزن طن على حي مكتظ بالسكان.

ونظرا لمكانة القائد شحادة فقد أشرف على عملية اغتياله رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك أرئيل شارون، وذلك بعد جهد استخباري كبير بالتعاون مع مجموعة من العملاء الذين قبض على عدد منهم لاحقا.

وذكرت الإذاعة الصهيونية عقب المجزرة أن شارون ووزير دفاعه آنذاك بنيامين بن اليعازر أعطيا "شخصيا" الضوء الأخضر لتصفية القائد العام لكتائب القسام الشهيد صلاح شحادة، وأنهما تابعا لحظة بلحظة عملية الرصد وتنفيذ الجريمة المتمثلة في الغارة الجوية التي شنت على غزة.

وبعد 20 دقيقة من منتصف الليل تلقى شارون أول تقرير عن الجريمة: هدم البيت الذي يقيم فيه صلاح شحادة ولم يكن من الواضح إذا كان "أبو مصطفى" قد ارتقى في الهجوم الوحشي.

وقرابة الساعة الثانية والنصف فجرا سمع شارون من سكرتيره العسكري أن العملية توجت بالنجاح، فلقد تم التعرف على جثة شحادة، مع ذلك أُبلغ شارون أن مدنيين من النساء والأطفال قتلوا في العملية.

مجرمي حرب

جريمة اغتيال شحادة فتحت الباب على مصراعيه أمام الحقوقيين لرفعها في المحاكم الدولية ضد قادة الاحتلال باعتبار منفذيها "مجرمي حرب" لتشكل نموذجا للملاحقة القضائية وتقض مضاجع الصهاينة أينما ذهبوا رغم الانحياز الغربي الأعمى للاحتلال.

وكان من المقرر أن تنظر المحكمة الدستورية الإسبانية صيف العام الماضي في القضية التي رفعها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وشركاؤه للطعن في القيود المفروضة على قانون الولاية القضائية في إسبانيا، وذلك عقب رد المحكمة العليا القضية التي قدمت حول مجزرة حي الدرج التي ارتكبتها "إسرائيل" صيف عام 2002.

وقد أيدت المحكمة العليا الإسبانية قبل أيام القرار الصادر عن المحكمة الوطنية صيف العام الماضي والقاضي بإغلاق التحقيق في مجزرة حي الدرج.

ولم يجر الاحتلال أي تحقيقات جدية، كما أن المحكمة العليا الإسرائيلية أيدت سياسة الإعدام خارج نطاق القضاء.

ورفع المركز الفلسطيني لحقوق الانسان وشريكاه -المحاميان غونزالو بوي وأنطونيو سيغورا ومؤسسة "هيكمان أند روز" البريطانية- القضية إلى المحكمة الدستورية -أعلى هيئة قضائية في إسبانيا- بالتماس على خلفية قرار المحكمة العليا.

واستند القرار الأخير إلى استنتاجين رئيسين: أولهما أن هناك تحقيقا إسرائيليا ما يزال جاريا في القضية، وثانيهما أن هناك عدة قضايا مدنية على قائمة الانتظار في (إسرائيل)، وهو ما يشير إلى أن هذه القضية يتم النظر فيها تحت الولاية القضائية الإسرائيلية.

ضد الإنسانية

الدكتور أحمد الخالدي -الخبير في القانون الدولي- بدوره أكد أن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين وفق القانون الجنائي والانساني لا تسقط بالتقادم، مشيرا إلى إمكانية المطالبة بتوقيع أقصى درجات العقوبة على مرتكبيها حتى إذا حدثت صعوبات في مرحلة معينة.

وقال الخالدي لـ"الرسالة نت": "القانون لا يمنع من تجديد المطالبة بتوقيع أقصى العقوبات على المشاركين في جرائم ضد الانسانية".

وأوضح وزير العدل الفلسطيني الأسبق أنه إذا لم تنجح المحاولة الأولى في ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة قانونيا فإنه من الممكن إجراء محاكمات عديدة أمام المحكمة الدولية والقضاء التابع لبعض الدول في العالم.

واعتبر الخالدي تراجع القضاء الإسباني عن قراره بمحاكمة قادة الاحتلال المتهمين بارتكاب مجزرة حي الدرج نتيجة ضغوط سياسية وانحياز لـ(إسرائيل)، مستطردا: "لكن هذا الانحياز لا يغير من قواعد القانون الدولي لأن هذه الجرائم ترتكب ضد الانسانية".

وأكد الخبير القانوني أن من مصلحة المجتمع الدولي ملاحقة مرتكبي الجرائم، معتبرا تركهم يتيح إمكانية ارتكاب جرائم مماثلة دون وجود أي رادع للمتهمين؛ "مما يهدد المصلحة الدولية العامة"، وفق الخالدي.

بيد أن الملاحقات القانونية لقادة الكيان شكلت -بلا شك- إستراتيجية بعيدة الأمد لمحاربة ثقافة الحصانة التي تهيمن على صفوف قادة الكيان الصهيوني العسكريين منهم والسياسيين خاصة بعد ارتكابهم مجموعة من الجرائم التي يمتلك الفلسطينيون أدلة كثيرة عليها، وخاصةً في الحرب على غزة التي استمرت حوالي ثلاثة أسابيع مع نهاية العام 2008 ومطلع العام 2009 وحصدت أرواح 1500 فلسطيني جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

 

البث المباشر