قائمة الموقع

الزى الفلسطيني كنز باندثاره تضيع الهوية

2009-11-24T10:14:00+02:00
الزى الفلسطيني القديم

المبيض: التراث الفلسطيني يحتاج إلى المزيد من العناية والدراسة الممنهجة

المختار رجب: المدني يختلف عن الفلاح "بالطربوش"

أبو الهطل: "السياحة" تسعى لترسيخ التراث من خلال فعاليات مختلفة

غزة - أمل حبيب "الرسالة نت"

في ديوان العائلة التقينا به ..علم بلادي كان أول من استقبلنا ..عباءته الواسعة تحتضن مئات الهموم والمشاكل لجيرانه وأهل حيه المتواضع لتحاول حلها ..جلسنا حول حطب مشتعل وقهوة عربية أخذتنا رائحتها إلى كرم الضيافة العربي الأصيل.

المختار أبو أيمن رجب هو أحد وجهاء منطقة الشجاعية والذي يهتم بالتراث الفلسطيني وخاصة بالزي الذي ورثه عن أبيه, فهو جزء من تراثنا الفلسطيني العريق ..هو ما بقي من عبق الماضي الأصيل, فهل سيستمر الزي الفلسطيني ليصبح جزءٍاً من حاضرنا ومستقبلنا ؟ أم انه سيندثر كما العديد من معالم هويتنا المسلوبة ؟

 وقار واحترام

الحاج أبو أيمن منذ صغره كان أكثر إخوته تعلقا بوالده فيجلس برفقته مع وجهاء المدينة يستمع إلى أحاديثهم والى طريقة كلامهم ويدقق النظر في ملابسهم , متمنيا بان يصبح مثل والده المختار, وقال: "ارتديت الزي الفلسطيني برغبة مني فهو يزيد الرجل وقارا واحتراما ويكسبه هيبة , وأتمنى أن يلبسه أبنائي ويحافظوا عليه من بعدي ", مضيفا بان اليهود يحاولون طمس هويتنا فعلينا التمسك بالتراث لان التخلي عنه بمثابة التخلي عن فلسطين .

ويعد الحفاظ على التراث الفلسطيني على رأس أولويات وزارة السياحة والآثار بغزة فلقد وقالت عبير أبو الهطل المتخصصة في شؤون الآثار وأمين متاحف ومخازن أثرية بالوزارة لدينا توجه نحو حماية المواقع الأثرية والمحافظة عليها من خلال توفير حراسة على مدار الساعة للمواقع الأثرية لحمايتها من العبث و العمل على إنهاء المرحلة الأخيرة من توثيق القطع الأثرية داخل المخزن الأثري بالوزارة".

وأضافت : " تم الانتهاء من إخراج فيلم وثائقي سيعرض قريبا يتناول المعالم الأثرية والسياحية في غزة , وإعداد الدليل الأثري حول المعالم الأثرية وهناك قسم خاص بالزي الفلسطيني في متحف دير البلح ويضم ثوب لكل منطقة من مدن الوطن."

 منذ نعومة أظفارها

أما الحاجة سعاد الغماري من حي الشجاعية فتعلمت تطريز الأثواب منذ نعومة أظفارها من إحدى جاراتها, فلقد كانت تطرز أثوابا بسيطة للأطفال وهي في سن الخامسة ثم تعلمت شيئا فشيئا , حتى أصبحت تجعل من بيتها معرضا تراثيا في ذكرى النكبة تعرض فيه مختلف أنواع التراث من المطرزات وأواني الفخار وطاحونة القمح وغيرها . 

وللتطريز مكانة خاصة في حياة الغماري فهو يمثل الهوية والجذور, وتقول: " الزي الفلسطيني هو تعبير عن ارتباط الإنسان بأرضه وثقافته , وهو جزء هام في حياتنا , وتواصل: " أطلب من المسئولين والمهتمين بإحياء التراث الفلسطيني أن يدعموا السيدات اللواتي لديهن الخبرة في التطريز وحياكة الأثواب حتى نحافظ على الهوية ", معللة ذلك بارتفاع أسعار الخيط والقماش نتيجة لإغلاق المعابر والحصار المفروض على قطاع غزة .

من ناحيته أكد المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض بأن التراث الفلسطيني يحتاج إلى المزيد من العناية والتركيز والدراسة العلمية الممنهجة .

وأضاف: كل ما ورثناه عن أجدادنا حتى يومنا هذا عميق الجذور , لان أغلب حضارات العالم تعاقبت على فلسطين وتركت من آثارها الشيء الكثير فمنها الحضارة الكنعانية والبابلية والرومانية والفرعونية وغيرها.

 حلم من خيوط

وللتأكيد على أهمية الزي الفلسطيني ولفت الأنظار إليه تمكنت مجموعة من السيدات الفلسطينيات في الخليل بمساعدة متطوعين شباب، ورعاية مؤسسات أهلية ودولية، من حياكة وتطريز ثوب بطول 32 مترا و60 سنتمترا، محطمة بذلك الرقم القياسي لأطول ثوب في العالم, وقد استغرقت عملية إنجاز الثوب ثلاثة أشهر وتجاوزت تكلفته 40 ألف دولار .                                                                       

وقال مصمم الثوب التراثي الفلسطيني إن الإنجاز الذي حمل عنوان "حلم من خيوط" سُجل بالفعل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية ، محطما بذلك الرقم السابق المسجل لثوب باكستاني بلغ طوله 30 مترا و78 سنتمترا.

 الزي تراث مادي

وقسم المبيض التراث إلى شقين تراث مادي وهو من صناعة البشر وكل ما استخدمه الآباء والأجداد من أدوات للزراعة والصناعة وطهي الطعام والزي الفلسطيني يدخل في هذا الشق, وان الملابس في فلسطين تختلف بتنوع المناطق و البيئات المحلية، وتعرض البلاد لكثير من المؤثرات الخارجية, قائلا :" الزي الشعبي بألوانه المختلفة يعتبر من أغزر وأجمل التراث الخاص بزي المرأة بتعدد القرى والمدن وسكان البادية في الصحراء".

وأضاف :"لكل منطقة ثوبها الخاص بها , لدرجة انه يمكن تمييز مكان إقامة المرأة من خلال ثوبها , ونجد أحيانا أن تعدد الزي ليس فقط على مستوى المدينة بل على مستوى الأحياء أيضا, فعلى سبيل المثال نجد أن الثوب الفلسطيني ذا اللون الأزرق الباهت يميز المرأة في حي الشجاعية ,في حين أن المرأة في حي الدرج ترتدي الكاب والحداف وكذلك زي قرية جباليا يختلف ."

مشيرا إلى أن هذا التباين "الفسيفسائي" يحتاج إلى دراسته بعمق من حيث اللون وطريقة الحياكة والتطريز ومعرفة سبب الاختلاف وذلك عن طريق جمعه وتصنيفه من جهات مسئولة ولديها خبرة بالتراث .

أما بالنسبة لزي الرجل الفلسطيني فيتكون من القمباز والبالطو أو الجاكيت والسروال يلبس تحت القمباز ويتحزم الرجل بشملة حرير أو حزام جلدي ثم يرتدي العباءة , ويضع الحطة والعقال على الرأس, وأوضح الحاج أبو أيمن بأن زي الرجل المدني أو المتعلم يختلف عن الفلاح بأنه يضع طربوشا على الرأس بدلا من الحطة والعقال , وفي الشتاء بدلا من الحرير يرتدي الصوف , وأشار المبيض بأن هناك أسماء مختلفة لزي الرجل مثل الصرتين أو الدماية والهندية والقمبز.

 تراث على الموضة

من ناحيتها أوضحت السيدة أم محمود أبو ربيع صاحبة إحدى المحلات لبيع المطرزات والفضيات في غزة بأن هناك إقبالا شديدا من قبل المغتربين وزوار القطاع الأجانب لشراء الثوب الفلسطيني والمطرزات  بالرغم من ارتفاع سعرها نظرا لما تحتاجه من وقت وتعب طويل لانجازها.

وقالت: " من لا تستطع شراء المطرزات الغالية بإمكانها شراء عباءة بتطريز بسيط على الأكمام  أو محفظة مطرزة أو قطعة صغيرة من الفضة" ,مضيفة :" نعمل على تلبية جميع الأذواق وندمج التراث بالموضة من خلال إضافة لمسات تطريز فلاحي على العباءات والستائر والأحذية لمواكبة تطورات العصر".

ويظل الفلكلور الفلسطيني يحكي حكاية شعب هجر من أرضه وشرد عبر سنين طويلة لكنه متمسك بعراقته رغم محاولات الصهاينة تشويه تاريخه وهويته.

 

اخبار ذات صلة