الرسالة نت - أحمد الكومي
بينما كانت تتجول مجلة تايم الأمريكية في أسواق مدينة رام الله تستطلع آراء المواطنين عما إذا كان هناك خليفة للرئيس الراحل ياسر عرفات، اعترض طريقها شاب فلسطيني في العشرينات من العمر، وأرشدها إلى الجدار الفاصل قرب حاجز قلنديا –يفصل رام الله عن القدس- وقال إن هناك صورة مرسومة على الجدار لأبو عمار وبجانبها صورة الأسير مروان البرغوثي –أبو القسام-، "الرجل الأكثر شبابا.. قد تجدونه هناك رافعا يديه المصفدتين".
في فرنسا، يُسمى مروان البرغوثي "نيلسون مانديلا الفلسطيني"، المقاتل المسجون الذي تحول إلى قائد يتحدث عن السلام حين يُطلق سراحه، ويعرفه الإسرائيليون قاتلاً بالجملة يقضي عدة أحكام بالسجن المؤبد لإرساله فدائيين إلى سوق السمك في تل أبيب وسوق مبنى تجاري في القدس.
كثيرة هي القضايا السياسية التي يأمل كل صحفي بأن يناقشها مع البرغوثي في عزله الانفرادي الذي انتقل إليه مؤخراً، بعدما زعمت إدارة السجون بأنها عثرت على هاتف نقال في غرفته، إلا أن "الرسالة نت" حاورت زوجته المحامية "فدوى" التي نقلت توصيات زوجها الأسير من داخل زنزانته للمتخاصمين -حركتي فتح وحماس- وقيادة السلطة بالضفة فيما يتعلق بذهابها للأمم المتحدة لكسب اعتراف بالدولة.
تقول أم القسام: "زوجي سيقبع الآن في عزل انفرادي لمدة ثلاثة أسابيع، بعد أن قضى ما يزيد عن أربعة أعوام في زنزانة لوحده، وما يقارب الـستة أعوام في عزل جماعي برفقة 100 أسير من قيادات المقاومة والعمل الوطني، الذين تتجنب سلطات الاحتلال اختلاطهم بباقي الأسرى لمنع التأثير فيهم والتواصل معهم".
ويقتصر تواصل فدوي مع زوجها على زيارات الصليب الأحمر بين الفينة والأخرى، وبعد أن نُقل لعزل انفرادي بات من الصعب الاطمئنان عليه، وأخذت إدارة السجون في زيادة حدة الإجراءات الأمنية بحجة ضبط هاتف نقال في غرفته، وهو ما يُخضع الأسرى الـ 100 لتفتيش صارم وعقوبات شديدة.
وذكرت صحيفة معاريف العبرية أن سلطة السجون الإسرائيلية صعّدت في الأيام الأخيرة ضغوطها على الأسرى الفلسطينيين بحثاً عن هواتف خلوية مهربة إليهم، بينها هواتف متطورة تحتوي على كاميرات يمكن من خلالها الدخول إلى شبكة الانترنت وتصفح مواقع الكترونية.
شخصية براغماتية
"مروان البرغوثي" اسم بارز في قائمة الأسرى التي تريد حماس مبادلتهم بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط المختطف في قطاع غزة منذ خمس سنوات، وله مواقف توضح الاتجاه الفلسطيني العام، فاتفاق المصالحة الذي أعلن عنه في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية كان بشرى أُطلقت بداياتها في 2006 فيما عرف بـ "وثيقة الأسرى" التي صاغها البرغوثي في سجن هداريم، ووقعها معه قادة معتقلون يمثلون الفصائل الفلسطينية الرئيسية.
وفي هذا السياق؛ تؤكد المحامية فدوى بأن أهم ما يؤرق زوجها في الأسر هو تعثر المصالحة الفلسطينية، واحتدام الخلاف على شخصية رئيس الوزراء المقبل، ونقلت دعوته لقطبي الساحة "فتح وحماس" بالتوافق فوراً على رئيس للحكومة والخروج من الحالة المحبطة التي ألمت بالشعب الفلسطيني بعد أن انفرجت أساريره بالإعلان عن الاتفاق بالقاهرة.
وأوضحت أن الشخصية الأفضل هي التي يجري التوافق عليها، وتحظى بتقدير القوى والجهات الفلسطينية كافة، التي تخدم المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وتكون شخصية مستقلة بحق، مؤكدة وجود العديد من الشخصيات الفلسطينية المرموقة التي تصلح لقيادة الحكومة.
وإن كان هناك الكثير ممن يصلح لرئاسة الحكومة –حسب البرغوثي- فهل يتولى أبو القسام رئاستها إن أفرج الاحتلال عنه عاجلاً أم آجلاً؟، اكتفت زوجته بالقول: "زوجي لا تستهويه المناصب، فهو لديه رسالة محددة وهي النضال أولاً وأخيراً، وإن لم تخدم الحكومة المقبلة النضال الفلسطيني، فلا قيمة لها".
وفيما يتعلق بذهاب السلطة الفلسطينية للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل، من أجل نيل اعتراف دولي بفلسطين، نقلت فدوى رؤية زوجها الأسير فيما يتعلق بموقف السلطة قائلة: "أبو القسام يعترف بأن ذهاب القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة نضال دبلوماسي، وإعلان واضح وصريح بفشل المفاوضات مع الكيان".
واستنكرت التوجه الفلسطيني للعالم الدولي، دون تحقيق المصالحة ولم الشمل، مستطردة: "من العيب التوجه للأمم المتحدة ونحن منقسمون، ينبغي على السلطة التوجه لحماس والتصالح فوراً، دون تسويف ومماطلة، وعلى حماس كذلك".
ويؤيد الأسير مروان –حسب زوجته- توجه السلطة للمؤسسات الأممية للمطالبة باعتراف بالدولة الفلسطينية، باعتبارها مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني.
وختمت فدوى حديثها، وكلها أمل بأن تصل رسالتها للقيادة الفلسطينية في المقاطعة برام الله، بأن تسعى لتحقيق المصالحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تقود الدفة في أروقة المجتمع الدولي، من أجل نيل الحقوق الفلسطينية كاملة.