فايز أيوب الشيخ
جدد قادة الاحتلال ثقتهم الزائفة في قدرة ما أسموها منظومة "القبة الحديدية" المخصصة لاعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية في حين شكك خبراء عسكريون-إسرائيليون وغيرهم- في قدرتها الدفاعية، وأبدى الشارع "الإسرائيلي" تذمره من عدم فعاليتها في حمايتهم ودرء الخطر عنهم.
وكان قائد ما يسمى فرع الدفاع الجوي "الإسرائيلي" السابق العقيد "شاحر شوحط" قد زعم أن النجاح الذي سجلته منظومة "القبة الحديدية" المتخصصة بإسقاط الصواريخ قصيرة المدى خلال التصعيد الذي شهده شهر نيسان الماضي بين حماس و(إسرائيل) منح القيادة السياسية "الإسرائيلية" حرية أوسع في اتخاذ القرارات، "وبذلك نفي الحاجة لتنفيذ عملية هجومية جوية واسعة وحرب شبه حتمية ضد القطاع لوقف إطلاق الصواريخ"، وفق زعمه.
إخفاق ذريع
المقاومة الفلسطينية من جانبها وعلى رأسها كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- قللت من قدرة "القبة الحديدية" على اعتراض الصواريخ، مؤكدة أنها مثلت إخفاقا ذريعا لقادة الاحتلال عبر التجربة العملية، "ولاسيما خلال التصعيد الصهيوني على غزة في إبريل/نيسان الماضي".
أما "أبو أحمد" -المتحدث الرسمي باسم سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- فاعتبر أن الاحتلال أخفق إخفاقا كبيرًا في اعتراض صواريخ المقاومة عبر قبته الحديدية المزعومة، وضرب مثالا على ذلك بتجربة عملية للمقاومة الفلسطينية أثناء التصعيد الصهيوني في إبريل/نيسان الماضي قائلا: "لقد ردت فصائل المقاومة على التصعيد بقصف بئر السبع وأسدود وكريات قات وأفكيم.. وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه القبة فاشلة".
ولفت "أبو أحمد" -في حديثه لـ"الرسالة نت"- إلى أنه ووفق ادعاءات العدو نفسه فإن "القبة" اعترضت ثمانية صواريخ فقط من أصل 120 صاروخا وقذيفة هاون أثناء التصعيد الأخير، "وهذا يعتبر -كما قال الخبراء والقادة العسكريون الإسرائيليون- إخفاقا ذريعا لهذه القبة".
وأوضح أن قادة الاحتلال ربما يحاولون من جديد الترويج لتلك "القبة" لأغراض تسويقية، "وليست عسكرية"، متوقعا أن تكون الشركة المصنعة تريد من وراء ذلك بيع القبة الحديدية في عدة دول بادعاء أنها أوقفت حربا على غزة .
ولم يستبعد "أبو أحمد" أن يأتي تفاخر قادة الاحتلال بقبتهم الحديدية في إطار الضغط النفسي على المقاومة، متسائلا: "كيف إذا كانت هناك عمليات قصف متواصلة من فصائل المقاومة؟ (...) أعتقد أنها ستكشف سوأة هذه المنظومة وسيثبت للعالم -كما هو ثابت الآن- أنها مخفقة ولن تقف في وجه صواريخ المقاومة".
إستراتيجية المقاومة
وأشار "أبو أحمد" أيضا إلى أن الاحتلال يهدف من تصريحاته المزيفة حول نجاح القبة لإطلاق "بالونات اختبار"، "وكأنها دعوة غير مباشرة لفصائل المقاومة بأن جربوا ما عندكم.. ربما صواريخ متطورة أو صواريخ أحدث من التي أطلقت"، مؤكدا أن المقاومة على درجة عالية من الذكاء والعقلانية والتكتيك قاصدا بذلك الفصائل الرئيسة الموجودة في الميدان.
وقال: "الفصائل الكبيرة من ناحيتها لديها إستراتيجية في العمل وقدرة على المناورة، وهي الأخرى تستطيع أن تطلق التصريحات والتحذيرات وبالونات الاختبار (...) هذه معركة مفتوحة يجب علينا أن نستخدم فيها ما في جعبتنا سواء من حرب فعلية على الأرض أو حرب نفسية مع هذا العدو".
"أبو عطايا" -الناطق باسم ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية في فلسطين- اعتبر بدوره أن حديث دولة الاحتلال عن تطور "القبة الحديدية" مجرد "دعاية فارغة" هدفها رفع معنويات جيشها لا أكثر، مؤكدا أن المقاومة قادرة على ردع أي عدوان "إسرائيلي" جديد ضد القطاع.
واعتبر "أبو عطايا" -في حديث لـ"الرسالة نت" أن نظام "القبة" الذي يتغنى بقوته جيش الاحتلال ثبت إخفاقه على أرض الميدان، مشيرا إلى أنها تمكنت فقط من اعتراض خمسة صورايخ خلال الشهور الماضية من أصل العشرات التي أطلقتها المقاومة من قطاع غزة اتجاه البلدات "الإسرائيلية"، على حد تعبيره.
لإقناع الجمهور "الإسرائيلي"
وفي السياق يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أنه من غير المعقول أن تطرح "إسرائيل" موضوع "القبة الحديدية" في مواجهة صواريخ المقاومة وهي أصلا مدججة بأنواع عديدة من السلاح تستطيع بها أن تواجه الدول العربية مجتمعة، مستدركا: "لكن هذه اللهجة من قادة الاحتلال ربما تكون ضرورية لإقناع الجمهور الإسرائيلي فقط بأن هناك جدوى للحرب الإسرائيلية والتهديد بها قطاع غزة".
واستبعد عوكل -في حديثه لـ"الرسالة نت"- أن تنجر المقاومة لاختبار صواريخها ومعرفة مدى قدرة "القبة" على صدّها، مشيرا إلى أن المقاومة لا يمكن أن تنجر إلى استفزازات إسرائيلية؛ "فالجميع يعرف أن (إسرائيل) تبحث عن ذرائع من أجل تصعيد عدوانها على قطاع غزة"، وفق تعبيره.
غير أن وليد المدلل -الخبير في الشؤون "الإسرائيلية"- قال إن محاولات الاحتلال لاستقطاب قدرات المقاومة لم تتوقف على الإطلاق طوال الفترة السابقة، معتبرا أن الحديث "الإسرائيلي" عن قدرة "القبة الحديدية" على صد الصواريخ "غير دقيق"، "باعتبار أن الأيام الأخيرة شهدت إطلاق بعض الصواريخ التي سقطت داخل دولة الكيان".
وأوضح المدلل لـ"الرسالة نت" أنه ورغم مزاعم الاحتلال حول اعتراض "القبة" لبعض الصواريخ فإن الصحافة العبرية نقلت وقائع سقوط صواريخ في مناطق معينة وأحدثت أضرارا، لافتا إلى أنه لا يمكن للاحتلال الزعم بأن القبة الحديدية تمكنت من توفير غطاء جوي واقعي مئة بالمئة.
واعتبر أن تصريحات قادة الاحتلال حول نجاح قبته الحديدية موجهة لطمأنة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أكثر من أنها موجهة للمقاومة وزعزعة حركة حماس؛ "خاصة أن هناك معارضة شديدة جدا ضد نتنياهو لسياسته الاقتصادية التي زادت من مساحات الفقر في دولة الاحتلال".
تجدر الإشارة إلى أنه وإضافة لـ"القبة الحديدية" يزعم الاحتلال بامتلاكه نظاما ثانيا يسمى "العصا السحرية"، وهي للصواريخ التي يزيد مداها عن 70 كم مثل فجر 3 وفجر 5 وخيبر وردع الإيرانية، عدا عن النظام الثالث الذي يسمى "مقلاع داود" وجرى تصميمه بالتعاون بين شركتين صهيونية وأمريكية بتكلفة مليار دولار للتعامل مع الصواريخ من مدى 40 إلى 200 كيلومتر.