الرسالة نت - وكالات
تعليقا على تقرير حديث حول المجاعة في شرق أفريقيا، كتبت غارديان أن الجفاف الشديد هناك بدا وكأنه جاء من العدم، وقد يبدو الأمر هكذا، لكن صدمة هذه المجاعة في الواقع تؤكد وجود مشكلة أكثر قلقا تتعلق بالمعونة. فهناك جهاز تحذير من المجاعة خاص بالصومال هو وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية الأممية. والسؤال هو لماذا لم يكن هذا الجهاز فعالا هذه المرة؟
وقالت الصحيفة إن ما يحدث في الصومال كان يمكن التنبؤ به تماما. لكن الحكومات التي كانت بطيئة في الاستجابة عام 2008 غير راغبة بالمساعدة الآن. وآخر تقرير للوحدة المذكورة يشير إلى وجود ظروف بالغة السوء في بعض المناطق ونقص الإغاثة. لكنه أخفق في تقديم تنبؤ واضح للكيفية التي قد تتطور بها الظروف.
والإنذار المبكر الفعال يجب أن يلبي ثلاثة شروط: من يحتاج إلى المساعدة وما هو حجم الإغاثة المطلوبة ومتى تكون مطلوبة؟. والإنذار بحاجة لأن يكون بوقت كاف لأن الأغذية بطيئة في الحركة والتوزيع، ويجب أن يكون مقنعا للمتبرعين بالمعونة الغذائية المطلوب منهم أموال ضخمة في وقت وجيز.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من السابق لأوانه القول بالضبط لماذا فوجئنا بأزمة الصومال الحالية. وأضافت أن السؤال مهم وفي الوقت المناسب يجب أن تقدم الأمم المتحدة تفسيرا لذلك. كما أن الإخفاق في استباق والاستعداد للمجاعة يسبب خسارة فادحة في الأرواح ويربك الحياة وسبل العيش، وعوز أعداد كبيرة من السكان يجعل التنمية اللاحقة أصعب بكثير.
وتساءلت الصحيفة في موضع آخر عن سبب عدم تمكننا من إنهاء المجاعة في الصومال، واعتبرت الأمر فضيحة أن نكافح مجاعة بالقرن الحادي والعشرين وأن الأزمة المتنامية في هذه المنطقة تم تجاهلها.
وقالت إن الجفاف الحالي في الصومال الذي يخوض شعبه حربا أهلية مدمرة لأكثر من عقدين هو الأسوأ منذ ستين عاما. وهناك نحو أربعة ملايين نسمة في وضع حرج وفي بعض المناطق كانت المجاعة في أوجها تحصد الآلاف كل يوم. وأكثر الفئات حاجة إلى المساعدة هم الأطفال الذين تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 30% يعانون من سوء تغذية حاد. وفي مناطق معينة، مثل باكول وشبيلي السفلى، يزيد سوء التغذية على 50%، وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى أن الأطفال يموتون بمعدل طفل كل ست دقائق.
كما أن طبيعة الموقف الأمني غير المتوقعة بشكل متزايد تصعب على الأمم المتحدة ومعظم المنظمات غير الحكومية عملية تسليم المعونة. وبالنسبة لكثير من الصوماليين فإن خيار البقاء أو خوض القفار الخطيرة والقاحلة بحثا عن الطعام والماء تمثل بدائل لا تقل خطورة. ولهؤلاء الذين يبقون ليس هناك ضمان في وصول الطعام إليهم. والذين يتحركون لا ضامن لهم أيضا بأنهم سيخرجون أحياء من رحلتهم. وهذا هو الخيار الذي تواجهه آلاف الصوماليات.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المجاعة لم تحدث بين عشية وضحاها وأنها لم تكن غير متوقعة وأن المجتمع الدولي حذر قبل عامين بأن الماشية هناك تموت وأسعار الغذاء تزداد والقتال كان يخلق وضعا مأساويا لغالبية الصوماليين.
وفي سنة 2009 قال المتحدث باسم مفوضية شؤون اللاجئين إن أكثر من 50 ألف صومالي فروا إلى كينيا بداية 2009 فقط، وفي نفس السنة قدرت الأمم المتحدة أن 3.8 ملايين صومالي كانوا بحاجة عاجلة لمساعدة إنسانية. وهذه المجاعة، كمعظم المجاعات، كانت نهجا تدريجيا اختار المجتمع الدولي تجاهله.
وفي سنة 2010 كان الوضع حرجا حيث كان هناك الكثير من النازحين داخليا يعيشون في مخيمات بالعاصمة مقديشو. وهذه المخيمات كانت تتضخم كل يوم وبسبب النزاع كان الأطفال يموتون حينها بنفس المعدل تقريبا الذي يموتون به الآن.
والمطلوب الآن -كما ترى الصحيفة- أن يتحرك المجتمع الدولي فورا لإنقاذ ملايين المحرومين. والطعام والماء والدواء والمأوى أساسيات مطلوبة جميعها على وجه السرعة. والمعونة تحتاج لأن تُسلم بطريقة إستراتيجية لتقليل المسافة التي يسافرها الناس بحثا عن الطعام والماء.
ومن المهم أيضا أن تعمل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية عن كثب مع المنظمات غير الحكومية للشتات الصومالي والمحليين والحكومة المؤقتة، لأن الصوماليين هم الذين يعرفون الناس والثقافة والبلد والمنطقة. ولا يقل أهمية أن تكون هناك إستراتيجية تنمية طويلة الأجل تضمن أنه عندما تصل المجاعة إلى نهايتها تكون نهاية حقيقية.