رمضان: أعود إليكم شهرا كاملا بعد غيابي.
بنو البشر: ومن أنت أيها السيد الوقور؟
رمضان: أنا ضيفكم الراحل، وزائركم المؤقت، وناصحكم الأمين، أنا ركن من أركان الإسلام، وقبس من نور الإيمان.
بنو البشر: أهلا وسهلا بك.. ما اسمك أيها الضيف الزائر؟
رمضان: اسمي رمضان، ابن الزمان، وحفيد الأيام، وأخو شعبان.
بنو البشر: من أين أتيت؟
رمضان: أتيت من عند الرحمن، الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان.
بنو البشر: أين تسكن؟ يا حضرة الفاضل المحترم؟
رمضان: أسكن في قلوب المؤمنين، وفي ديار المتقين، وبجوار المحسنين.
بنو البشر: هل تعاني من أزمة السكن كما نعاني منها نحن هذه الأيام؟
رمضان: نعم، لقد مررت بكل بيت وحللت في كل منزل، ودفعت أغلى الأثمان، فكان أن طردني البخلاء الأشقياء، وتجاهلني الأغنياء الأذلاء، وعبس في وجهي التعساء الجهلاء، ولكني لم أيأس، فقد بحثت عمن يحبونني من المؤمنين المحسنين، والأتقياء الصالحين، فوجدتهم ينتظرون لقائي، ويستعدون لاستقبالي.
بنو البشر: وكم تقيم عندنا ؟
رمضان: أياما معدودات … تسع وعشرين أو ثلاثين .
بنو البشر: ما هي مهنتك التي تمارسها في ديار الإسلام؟
رمضان: مهنتي هي الزراعة والصناعة والطب والتعليم … أما الزراعة : فإنني أغرس الإيمان في القلوب، وأزرع المحبة في النفوس، وابذر الأخلاق في الطباع، واسقيها بماء الطهر والإخلاص، وأغذيها بشهد الفضيلة والإحسان، فتنبت كل معاني الخير والاطمئنان، ونجني ثمار الفلاح والنجاح، كما أنني أنزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور، وأقلع جذور الفساد والغش والحسد من النفوس فتنتج المحبة والمودة والإخاء.
بنو البشر: ما أجمل هذه الزراعة وما أبركها … وما هي صناعتك التي تمارسها؟
رمضان: إنني أصنع الأجسام القوية، والنفوس الأبية، والأرواح الزكية، وأصل ما تقطع بين الناس من أوصال، وأجمع ما تفرق من أشتات، وأصهر الجميع في بوتقة العدل والمساواة، فأنتج الأبطال الأقوياء، والرجال الأشداء على الأعداء الرحماء فيما بينهم.
بنو البشر: يا لها من صناعة تدفع الأمة إلى الجهاد… وما هي تجارتك؟
رمضان: تجارتي لن تبور، فأنا أعطي الحسنات وأمحو السيئات، فمن تعامل معي ربح الجنة وفاز بالحياة، ومن تنكر لي خسر البركة والخيرات وحبطت أعماله، وكان من أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.