الرسالة نت – أحمد الكومي
قالوا عن كهرباء غزة كأن بها حياء، فلا تزورنا إلا في نهايات المساء، تأتي خلسة والناس نيام بلا ضوضاء، وإذا شعر أحد بوجودها فرت كما الظباء، وإذا كان لديك أجهزة كهرباء والكل لها في اقتناء، فيا ويلها من كثرة الترميش فلا بد أن يحل بها الفناء.
حقيقة لا مفر منها، فالمواطنون في قطاع غزة يعانون الأمرّين، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، وعدم انتظامه في الفترات القليلة التي يتوفر فيها، ما أدى إلى سخط وتذمر المواطنين.
وقد تشكل الفترات القليلة التي تضيء فيها الكهرباء حياة الغزيين نعمة لهم، إلا أنها انقلبت في مرات عديدة نقمة عليهم، وأضحت هاجساً يلاحقهم، بعد أن أحرقت أجهزتهم الكهربائية، وعاثت في منازلهم فساداً، ليجد الغزيون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مُرْ، وما عليهم سوى اختيار "أهون الشرّين".
"الرسالة نت" استطلعت ورصدت شكاوي المواطنين، وأبدى العديد منهم انزعاجهم واستياءهم من طول انقطاع الكهرباء عن منازلهم، وتكرار الانطفاءات بين الفينة والأخرى.
*** يوم السرور قصير
"أبو يحيى" رجل أربعيني، عاد من صلاة التراويح في أحد أيام رمضان المبارك إلى منزله، ليجد زوجته وأبناءه جميعاً يجلسون على عتبة المنزل الذي لفّ الظلام أرجاءه بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة.
في البداية ظن أبو يحيى أن عائلته جلست في الهواء الطلق هرباً من حر المنزل دون أن يدرى ما يُخبؤه له القدر، وبعد أن اطمئن عليهم جميعاً، نهضت زوجته "أم يحيى" لتزف له –حسب وصفها- بشرى تلف جميع الأجهزة الكهربائية في المنزل بفعل ضغط كهربائي عالٍ وتكرار انقطاع الكهرباء، وما كان من زوجها إلا أن شهق شهقة عميقة، تحسب وكأن روحه فارقت جسده، وأسرع إلى داخل المنزل ليتفقد الأجهزة، ليجد "الثلاجة والتلفاز والريسيفير، وحتى حاسوبه الشخصي قد تلفت، وبعدها أخذ أبو يحيى يضرب كفاً بآخر، ولسان حاله يقول "حسبي والله ونعم الوكيل".
وقس على حال أبو يحيى الكثير في قطاع غزة، ممن تلفت أجهزتهم المنزلية بفعل تكرار انقطاع التيار الكهربائي، دخلوا على إثرها في حيرة من أمرهم لدرجة أن وصفوا حالهم بـ"الكارثي".
وعندما أقدمت "الرسالة نت" على الحديث مع "أبو يحيى" استشاط غضباً وبدأ صوته يعلو معبراً عن غضبه وامتعاضه مما آل إليه حاله، ولأن "ساعة الغضب ليس لها عقارب" تركنا "أبو يحيى" يواسي نفسه علّه يشفى غليله وتهون عليه مصيبته.
"أبو أحمد" في العقد الرابع من عمره، قال: "إن الكهرباء تقطع لفترات طويلة وتأتينا لساعات محدودة، وبشكل متقطع".
ورأى أبو أحمد والعرق يتصبب من جبينه، أن الأمر بات كارثياً ويدعو للتحرك العاجل، مطالباً كافة الجهات المسؤولة في شركة الكهرباء بالعمل لحل تلك الأزمة وإعادة التيار بانتظام ليتسنى للمواطنين تسيير أمور حياتهم، والعيش بكرامة.
وأخذ أبو أحمد يحذر من الآثار السيئة لانقطاع التيار على نفسية المواطنين، موضحاً أن انقطاع التيار وانتشار الظلام لفترات طويلة يؤثر سلبا على نفسيتهم وأعصابهم.
وعبر عن استهجانه للامبالاة شركة الكهرباء –حسب قوله-، داعياً مسؤولي الشركة لتوضيح الأمر للمواطنين وشرح أسباب الأزمة، وضرورة تحديد الأوقات التي سيتم فيها قطع التيار.
*** خارج عن الإرادة
المهندس سهيل سكيك مدير شركة توزيع الكهرباء بغزة، دعا المواطنين للتوجه لشراء معوقات زمنية –أجهزة حماية كهرباء المنزل- بهدف التحكم في كمية الكهرباء وانتظامها.
وأكد لـ "الرسالة نت" أن عدم انتظام الكهرباء خارج عن إرادة الشركة، مشيراً إلى سبب يكمن في الأطراف المغذية بالكيان الصهيوني.
وفي آخر بيان لسلطة الطاقة بخصوص هذه المعضلة، أكدت أنّ فصل التيار الكهربائي المتكرر جاء نتيجة انقطاع "خط البحر" القادم من داخل الأراضي المحتلة عام 1948، للمرة الثانية على التوالي خلال أسبوع.
وأوضحت أن الخط جرى إصلاحه منتصف ليلة الخميس، لكنه توّقف مرة أخرى فجر السبت، مستطردة: "انقطاع التيار الكهربائي خارج عن إرادتنا".
ويعد هذا الخط المورد الرئيس لغرب غزة، علمًا أن الاحتلال الإسرائيلي يعيق أعمال الصيانة فيه.
من جهتها، بينت شركة توزيع كهرباء غزة أن التشويش الحاصل على برنامج التوزيع، ناتج عن تعطل خط كهرباء البحر الرئيس من داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
وأشارت إلى أن التيار الكهربائي وبرنامج التوزيع سيعودان إلى حالتهما المعهودة، في حال إصلاح الشركة الإسرائيلية للأعطال.
وتزوّد الشركة حاليًا المناطق المتضررة من محطة توليد غزة، وجدولة توزيع كمية الطاقة المتوفرة على هذه المناطق. وبحسب الشركة فإن أكثر المناطق تضررًا هي منطقة غرب غزة.
ومن خلال ما سلف؛ تولّد لدى الكل إجماع على أن تكرار انقطاع الكهرباء مشكلة كبيرة منذ سنوات، وأصبح من الضرورة على المختصين أن يحسبوا لهذه الخدمة المتذبذبة ألف حساب.