غزة / مها شهوان
في مشهد بات يتكرر مع بداية كل عام دراسي جديد ، حيث يسارع جميع الطلبة لشراء حاجاتهم المدرسية من زي مدرسي وحقيبة وقرطاسيه جديدة.
حال طلاب قطاع غزة يختلف عن غيرهم بسبب الحصار والظروف الاقتصادية المتردية، مما يجعل بعضهم لمعاودة استخدام ملابسه وقرطاسيته القديمة.
"الرسالة" تجولت في أسواق غزة لمعرفة مدى إقبال المواطنين على الشراء وكمية العرض وحجم الأسعار .
الجمعيات الخيرية
ما أن لامست نور بيدها الصغيرة تلك الحقيبة التي رسمت عليها صورة الباربي حتى أبعدتها عنها أمها مبررة ذلك بعدم توفر المال الكافي لشرائها ، حتى تعلو صرخاتها مدوية لتملأ المكان.
تقول والدة نور :" زوجي عاطل عن العمل ، و نعتاش على المساعدات التي يقدمها لنا بعض المعارف، إضافة إلى الشئون الاجتماعية فبالتالي لا استطيع أن جلب لها كل ما تريده فلدي خمسة أبناء آخرين يحتاجون إلى بعض المستلزمات المدرسية".
وفي مشهد آخر بالقرب من سوق فراس، حيث عشرات النساء والرجال يلتفون حول عربة كارو يزاحم بعضهم الآخر متهافتين للحصول على زى مدرسي أو حقيبة مدرسية مستعملة علها تساعد في توفير بعض المال فسعرها لا يتجاوز العشرة شواقل.
يقول أبو أحمد :" لدي سبعة أبناء جميعهم في المدارس وما أن شاهدت هذه العربة حتى سارعت إليها علي أجد ما يناسب أبنائي حتى اخفف عن عاتقي بعض المصاريف فالحال يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، فلم اشتر سوى لأبني الصغير لأنه سيلتحق بالمدرسة لأول مرة ولا يشعر بأنه اقل من أقرانه .
بينما أضافت سهى "16 عاما" وهي طالبة في المرحلة الثانوية أنها لا تنوي شراء زيا مدرسيا جديدا عوضا عن القديم ، مكتفية بالقرطاسية التي ستحتاجها هذا الفصل وذلك نظرا لظروف والدها المقعد الذي يعيل أسرته من المساعدات التي تأتيه عبر الجمعيات الخيرية.
أما أم مصطفى المصاحبة لأبنائها الثلاثة لتشتري لهم مستلزمات المدرسة تقول:" لا يوجد البضاعة الكافية بالسوق مقارنة بالأعوام الماضية ، فإذا أردت أن اشتري شيئا يستطيع أن ينتفع به أبنائي طيلة العام احتاج لدفع المزيد من المال ، بالإضافة إلى أن الأسعار مرتفعة.
وفي زاوية أخرى من السوق وبالتحديد قرب سوق الذهب خرجت أم رامي وعلامات الحزن لا تفارق تقاسيم وجهها لبيعها اسوارتها الذهبية لتشتري لأبنائها ما يلزمهم من حاجياتهم المدرسية إضافة إلى حاجيات رمضان خاصة وان هذا العام يلتقي فيه الشهر المبارك مع بداية العام الدراسي.
مد يد العون
وفي هذا الصدد يقول صاحب إحدى محلات الشنط مؤيد عيسى:" الإقبال هذا العام قليل جدا بالنسبة للسنوات الماضية وذلك نظرا للظروف الاقتصادية التي يعيشها سكان قطاع غزة".
وأضاف أن معظم البضاعة المتواجدة في الاسوق هي صناعة مصرية تأتي عبر الأنفاق لا يرغب المواطن الغزي شراءها نظرا لقلة جودتها ، بينما البضائع الأجنبية التي تصل عبر الأنفاق يكون سعرها غالي جداً بسبب جودتها إضافة إلى الضرائب التي يدفعها التجار منذ قدوم البضاعة إلى مصر حتى دخولها الأنفاق لتصل إلى المحلات.
وأوضح عيسى أن ثمن الحقيبة المدرسية تتراوح مابين 40لـ150شيكل وذلك حسب جودتها ، مضيفا أن الزبائن هي من تحدد سعر الحقيبة عندما تأتي وتطلب حسب ما هو متوفر من مال لديها.
ومن جهته وصف أبو احمد صاحب إحدى محلات الأحذية هذا الموسم بالنسبة له بالسيئ فلم يعد هناك إقبالا شديدا على محلات الأحذية التي كانت في المواسم السابقة مكتظة بالمواطنين لشراء الأحذية لأبنائهم ، وقد ارجع ذلك بسبب توفر الأحذية لعدد كبير من الطلاب خاصة الذين شاركوا في المخيمات الصيفية التي وفرت لهم الأحذية.
وأضاف هناك عدد كبير من الأسر الفلسطينية باتت تنتظر أن يبدأ العام الدراسي حتى يتمكنوا من الحصول على كابونات تحتوى على زي مدرسي وقرطاسيه من الجمعيات الخيرية والمساجد.
وفي الوقت الذي جابت فيه "الرسالة" أسواق غزة حتى ناشد العديد من المواطنين المسئولين والجهات المعنية لإجراء بحث ميداني للبيوت الفقيرة ومد يد العون لهم، كما وطالب المواطنون التجار وأصحاب المحال التجارية للحد من الغلاء الفاحش للأسعار خاصة مع اقتراب شهر رمضان.
فطلاب غزة الذين تعودا أن يقهروا الفقر والظلام بعلمهم رغم ظروفهم الاقتصادية الصعبة ، أصروا هذه المرة أيضا أن يقهروا الظلام وان يغنوا بعلمهم ويتفوقوا بملابسهم البالية.