الرسالة-محمد أبو حية
لم يكن يعلم الحاج أبو إيهاب ما الذي يخبئه له القدر في الحادي عشر من شهر رمضان الجاري, إنطلق إلى سوق مدينة غزة –بسيارته الخاصة- لجلب ما يلزم أسرته من طعام وشراب مختلفة ألوانه, اعتاد أبو إيهاب -60 عاماً- على التسوق عصر كل يوم في الشهر الفضيل, وشراء وجبته المفضلة "صحن الحمص" الذي لم يتوقع أبداً أنه سيدفع ثمنه هذه المرة 2500 شيقل.
ويعمل أبو ايهاب في مهنة النجارة منذ عام 1970, ويساعده أبنائه الإثنين اللذين يجيدان الصنعة حديثاً في ورشة متواضعة الحال بمدينة غزة.
وتنتشر في محافظات قطاع غزة المطاعم الشعبية التي تعد وجبات "الفلافل بأنواعه وأشكاله, والحمص, والفول", ويقبل الغزيون على هذه المأكولات من كافة الطبقات الفقيرة والغنية ومتوسطة الحال لما لها من مذاق طيب وكونها عادة توارثتها الأجيال الفلسطينية على مر السنين.
وقال أبو ايهاب "للرسالة نت " إنه اشترى في الحادي عشر من شهر رمضان الحالي صحن حمص كلفه 2500 شيقل ما يعادل -700 دولار- تقريباً, على الرغم من أن وزنه لا يتجاوز 250 جرام.
وفي تفاصيل "القصة" –شراء صحن الحمص- قال أبو ايهاب أنه ذهب ليشتري صحن حمص كالمعتاد من أحد مطاعم مدينة غزة وإذا بأحد زبائنه يتصل به قبل أن يصل مبتغاه, يريد أن يدفع له مبلغ 2500 شيقل ثمن بضاعة سلمها إياه النجار الستيني.
فالتقى أبو إيهاب مع زبونه قبل أن يذهب ليشتري الحمص, وأخذ منه المبلغ ثم توجه إلى المطعم الذي اعتاد أن يشتري منه وسط مدينة غزة, وقف على "الطابور" لكثرة الزبائن وبعد أن حالفه الحظ –من شدة الازدحام- تمكن من الحصول على صحن الحمص, مد أبو إيهاب يده بخفة إلى جيبه –كي لا يفقد شيئاً مما فيه- وأعطى صاحب المطعم ثلاثة شواقل ثمن الصحن الذي حصل عليه ثم عاد إلى منزله, ليفاجئ بفقدان المبلغ الذي أخذه من الزبون.
ويعمل أصحاب محلات بيع المأكولات الشعبية على جذب الصائم -ذو الشهية المفتوحة- من خلال تزيين وجباتهم المختلفة في "الصحون" بمجموعة من البهارات ذات الألوان الزاهية, إضافة إلى نبات البقدونس ذو اللون الأخضر الجذاب.
ويقول الستيني, بعد أن سند ظهره إلى كرسيه المصنوع من "الخيزران" وشكر الله على المصيبة التي لحقت به :"كلفني صحن الحمص 2500 شيقل يضاف إليهم ثلاثة شواقل الثمن الحقيقي للصحن ليصبح بذلك ثمن صحن الحمص 2503 شيقل".
ولمداعبته بهدف تخفيف وقع المصيبة على نفسه سألته "الرسالة نت", هل أكلت من الحمص؟, قال أبو إيهاب بابتسامة خجولة وبصوت خافت بالكاد سمعناه :"أكلته كله.. هذا أغلى صحن حمص في العالم".
وفي نهاية حديثه "للرسالة" أعرب عن أمله في أن يعثر على المبلغ الذي فقده عند أحد مطاعم المأكولات الشعبية بمدينة غزة حين اشترى صحن الحمص "الثمين".
ويعد أصحاب المطاعم في القطاع تشكيلة من المأكولات منها الفلافل "السادة" والفلافل "المحشي", الذي يغمس بالسمسم قبل أن يقلى ليحظى بشكل خاص يثير شهوة الصائم ويدفعه للشراء, كما يصنع هؤلاء الحمص ويزينوه بالسماق والكمون وأوراق البقدونس التي تعطي الحمص ذو اللون الأبيض الناصع شكلاً جميلاً, بالإضافة للفول الذي يطهى مبكراً ليكون جاهزاً للبيع مع بدء تدفق الصائمين للأسواق قبل حلول ساعة الإفطار.