الرسالة نت - مها شهوان
اليوم نحلق في سماء اليمن السعيد لنتعرف على عاداتهم الرمضانية في الشهر الكريم، حيث يبدؤون يومهم متأخرا حتى ساعات الصباح الأولى لسهرهم إلى الفجر بعكس حياتهم اليومية العادية التي تنتهي عند العاشرة مساء، فالسائر في الشوارع اليمينية صباحا يرى الأزقة خالية والأحياء تعيش حالة من السكون بخلاف ساعات المساء حيث الازدحام والباعة الذين يبيعون اللحوم والمشروبات والخضراوات والفواكه والحلويات.
شنطة كسوة اليتيم
عبر الهاتف.. تحدثت "الرسالة" إلى الشابة اليمينية المقيمة في مصر صفاء عبدو لتعيش معها يوما رمضانيا بطعم يمني، حيث قالت: "يفضل شعبي تتناول المعصوبة، ووجبة "الشفوت" وهي لحم مشرب باللبن، وكذلك وجبة "العتر"، و"الزربيان" الذي يشبه الكبسة لكن طريقته تختلف عنها"، إضافة إلى أنهم يفضلون صحون التحلية بعد الإفطار، "وغالبا ما نأكل الكنافة والرواني، وبيت الصحن وهو طبقات من العجين مرشوش عليها العسل والحبة السوداء".
وأوضحت أن اليمنيين يتهيؤون للشهر الكريم منذ شهر شعبان، ويعكفون على تحضير المواد الغذائية "الراشان" وشراء أدوات منزلية جديدة بالإضافة إلى أشرطة لمحاضرين إسلاميين مشهورين وسماعها طوال الشهر.
ووفق الشابة عبدو فإن الأسرة اليمينية مترابطة، "وصلة الأرحام شيء أساسي لكن أواصر المحبة تتعزز أكثر في الشهر المبارك الذي يتميز بالإفطار الجماعي لكل أفراد الأسرة خلال يومين من كل أسبوع في منزل الأب أو الجد".
ويحيي اليمنيون الشهر الفضيل بتكثيف الشعائر الدينية، حيث يكثرون من ختم القرآن الكريم أكثر من مرة في الشهر، ويصلون التراويح والتهجّد وقيام الليل والتسبيح إلى جانب مشاريع إفطار الصائم وشنطة كسوة اليتيم.
وروت اليمنية صفاء أن من المظاهر الشعبية المتعارف عليها في بلدها -بعد انقضاء اليوم العاشر من رمضان- إحياء ليالٍ تنافسية في إلقاء الشعر، "وأداء الرقصات الشعبية وارتداء الأقنعة على الوجه"، موضحة أن بلدها يتميز بسهراته ومجالسه الدينية التي يقرأ فيها القرآن الكريم وتناقش المسائل الدينية.
"المسبحين" دون طبول
وينفرد أهل اليمن خلال الشهر بعادة الاحتفال بالراغبين في الزواج ليلة العشرين من رمضان، ويعد هذا إعلانا بأنهم سيدخلون عش الزوجية بعد انتهاء الشهر المبارك.
ويتبارى العرسان بإظهار قوتهم في (المدارة) وهي لعبة شعبية، حيث يُربط حبلان غليظان بجذع شجرة ضخمة تعرف بـ(النالوق) ويثبت بها كرسي، والقوي من الشباب من يحقق أعلى ارتفاع في الهواء أثناء القفز، وهناك لجنة تحكيم من كبار السن.
أما الفائز من الشباب فيفرح بتقدير قرنائه واللجنة المحكمة مع إعجاب عروسه التي تراقب اللعبة مع زميلاتها عن بُعد.
وفي القرى اليمينية يقوم "المسبحين" بإيقاظ المواطنين للسحور، وهم متطوعون يرددون الأدعية بصوت عال دون قرع الطبول كما العادة في الدول الإسلامية.
وأبرز ما يميز شهر رمضان الأهازيج التي يرددها الأطفال في الأمسيات التي ينتظرونها بصبر فارغ لكسب مبالغ نقدية صغيرة تلبي طموحاتهم، حيث تبدأ "التماسي" بتجميع الأطفال في الأسبوع الأول من رمضان حول بيوتهم مرددين الأهازيج التي تدعو لأهلهم بالخير، فيقفون عند كل باب ولا يبرحون إلا بعد أن يرمي لهم صاحب البيت بعض القطع النقدية، وفي نهاية الأسبوع الأول تنطلق أفواج الأطفال إلى الحارات المجاورة بعد أن يبدأ القمر يضيء وتصبح حركتهم ممكنة وهم ينشدون أمام البيوت ويلتقطون في فرح ما يرمى لهم من نقود.