غزة - لمراسلنا
خرج المواطن مؤمن محمد من أحد محلات الصرافة في مدينة غزة ضاربا كفا بكف وهو يقول: "انتظرت ساعات طوالا حتى وصلت شباك الصرف نظرا لوجود ازدحام كبير في المحل بسبب اقتراب العيد، لكن الموظف رفض صرف مبلغ 500 دولار مقابل الشيكل بناء على سعر البورصة، وقال "سأصرفها لك بناء على سعر السوق".
وأكد الثلاثيني محمد -موظف في أحد مؤسسات القطاع الخاص- أنه يخسر في كل ألف دولار أربعمائة شيكل في حال صرفها من السوق، وهو مبلغ كبير بالنسبة للمواطن الغزي الذي يعيش عامه الخامس على التوالي في حصار.
***** شكوى
ودفعت أزمة الصرف بزميله محمد بلبل -29 عاما- إلى حد اتهام محلات الصرافة المحلية بنهب المواطنين، فقال: "معي اكثر من ثمانية آلاف دولار، وبحاجة إلى تحويلها إلى الشيكل، لكن سعر السوق الذي يقل كثيرا عن البنك او البورصة سيجعلني اخسر فيها ألف دولار على الأقل".
ويعاني سكان قطاع غزة من نقص حاد في السيولة النقدية، لاسيما الدولار والدينار والشيكل، الأمر الذي سبب أزمات كبيرة في عمليات بيع وشراء العقارات والسيارات.
الجدير بالذكر أن العديد من المواطنين كانوا يشتكون في الماضي من انخفاض اسعار البنك مقارنة مع اسعار السوق، بالإضافة إلى استغلال البنوك للأزمة الاقتصادية التي تمر بها المنطقة واجبار الغزيين والموظفين على اخذ اموالهم بالشيكل بدلا من الدولار، الأمر الذي كان يتسبب في خسائر كبيرة لهم نظرا لفرق السعر.
***** الاحتلال عقبة
بدوره، عزا المحلل الاقتصادي معين رجب سبب الأزمة إلى أن التجار والمودعين غير قادرين على سحب أموالهم من البنوك العاملة في القطاع، والتي تواجه أزمة ثقة وسيولة نقدية في العملات الأجنبية، فالاحتلال الصهيوني يرفض طلبات يومية للسلطة الفلسطينية ومدراء البنوك بالسماح بإدخال الأموال إلى غزة.
وقال: "تحتاج غزة شهريا نحو 83 مليون دولار لتسيير أمورها الحياتية، لكن الأزمة بدأت منذ فترة طويلة وتحديدا منذ بدء الحصار (الإسرائيلي) ومنع (إسرائيل) لإدخال الأموال، ما جعل الأزمة تتفاقم وجعلت تجار السوق السوداء يتلاعبون بأسعار صرف العملات الأجنبية في السوق".
وأضاف رجب أن من بين تلك الأسباب تجارة الأنفاق بين قطاع غزة ومصر، فتجار غزة اضطروا لسحب أرصدتهم بالدولار وإرسالها إلى مصر، لشراء البضائع منها وجلبها عبر الأنفاق، وهي مشكلة أدت إلى تفريغ قطاع غزة من الدولار.
وسجل سعر صرف الدولار مقابل الشيقل الثلاثاء في "سوق الصرافة 347 للشراء ، 349 للبيع.
وبلغ سعر صرف الدولار مقابل الشيقل "في البنك" 359 للشراء، و360 للبيع.
وأرجع السبب الذي يدفع المواطنين للاحتفاظ بأموالهم بعيدا عن البنوك، إلى أزمة السيولة مرجعا الإشكالية في صعوبة إخراجها من البنك من جهة، واحتمالات الحاجة لها بشكل مفاجئ في ظل الأوضاع المالية الزئبقية.
ويحاول المسؤولون الفلسطينيون من خلال لقاءات مستمرة مع وسطاء من الولايات المتحدة وأوروبا، إقناع الاحتلال بضخ عملات أجنبية إلى سوق غزة وبنوكها، لحماية الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار، ولكن دون جدوى.
فهل سترى أزمة صرف الأموال النقدية في قطاع غزة النور كي يتمكن الغزيون من ممارسة حياتهم الطبيعية؟