قائد الطوفان قائد الطوفان

الغائبون الحاضرون في العيد

الرسالة نت - عبد الرحمن وليد

سنين عشرة وواحدة تممت الحادية عشرة.. هي عمر الانتفاضة الثانية التي قدم فيها الفلسطينيون من الضفة وغزة والأرض المحتلة ومدينة القدس خيرة شهدائها أطفالا ونساء وكبار سنّ..

وما زالت العائلات الفلسطينية تحافظ منذ تلك السنين على مداومة زيارة قبور أبنائها من الشهداء في صورة موسمية -الأعياد وهلال رمضان- وغير موسمية وفق الحنين والشوق.

بيد أن الصورة التي تكون أول أيام العيد المبارك جديرة بالوصف، وخصوصا أن بعضا ممن يزار مضى على رحيلهم أعوام تخطت العشرة وأكثر، ولكن الشوق الذي تنضب به قلوب أمهاتهم خارج عن الزمان والمكان.

ماء وورد

لعل الفقر منع هذه العائلات من حمل باقات الورود غالية الثمن كما في الأفلام والمسلسلات لكنها حملت في أفئدتها ما هو أغلى من الإحساس والحب، وبقليل من الماء تحاول بعض الأمهات في مقبرة شهداء بيت لاهيا -شمال قطاع غزة- ترطيب حرارة الشوق التي اعترتها طوال الفراق.. تنظر إليهن وهن يكابدن البكاء حتى لايظهرن بموقف الضعيف أمام أبنائهن الصغار ممن حولهن..

ويطوف حولهن أطفال صغار يبيعون زجاجات من الماء بشيقل أو نصف، جامعين في نهارهم الأول مبلغا لا بأس به مقابل بعض من طفولة جارت عليهم فيها الظروف..

وفي الصورة المقابلة تنظر إلى الساعة في يديك لتقدر زمن كل زيارة من ربع ساعة كأقل تقدير إلى نصف ساعة، وقد يمتد الحال ببعض العائلات التي تأتي بما لديها من بعض حلوى لتوزعها "صدقة" كما تقول عن روح المرحوم للأطفال الآتين من باب المقبرة..

تستمر هذه الصورة في التكرار كل عام بلا ملل ربما لأنها تمدهم بالشعور الذي يقوي صبرهم، فما كان غياب أبنائهم عن الحضور جسدا إلا بحضورهم روحا وذكرى، وكل خطوة تحثها أقدام عائلاتهم نحو قبورهم تجعلهم منهم أقرب.. حتى أن إحدى الأمهات تقول لابنها بعدما ردت على قبره السلام: "كل عام وانتا بخير يا نور عينيّا".. فهم الغائبون الحاضرون كل عيد وكل يوم..

البث المباشر