غزة- الرسالة نت
قال تعالى : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [البقرة : 256] . إنها لافتة عظيمة ، وشعار كبير محترم ، يرفعه الإسلام والمسلمون : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) فلا إكراه على الدخول في الإسلام ، وقد تبين الرشد من الغي ، حتى قال رب العزة والجلال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ) [يونس : 99].
إذن هي الحرية في الاعتقاد ، وقد أعطى الله الناس الإرادة والقدرة والمشيئة لاختيار ما يريدون دون إكراه ، ودون تعدٍّ من أحد على الفطرة التي فكر الله الناس عليها . فكما أن الله سبحانه وتعالى أعطاك الحرية في الاعتقاد ، إياك أن تظن أن هذه الحرية لك وحدك ، فهي لك ولغيرك ، فكما أن الله يمنع غيرك من إكراهك على اعتقاد شيء دون اقتناع وإرادة ومشيئة منك ، فقد منع غيرك من إكراهك على اعتقاد شيء دون اقتناع منك أو إرادة أو مشيئة .
واعلم أن دين الله سبحانه وتعالى هو الدين المتواكب والمنسجم مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وكيف لا ينسجم دين بعقيدته وشريعته مع خلق الله وهما من مشكاة واحدة ؟!!! واعلم أيضاً أن الله سبحانه وتعالى لا يمكن دينه أن يحل محل عقيدة فاسدة حتى يطهر القلب منها كلياً، ولذا قال : ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا ) وهذا يفيد أن القلب يجب تخليته من كل الأدران والشركيات حتى يخلص لخالقه سبحانه وتعالى صفاءً ونقاءً، فلا ينزل الإيمان الصافي الطاهر على قلب إلا بعد أن ينقى من كل شيء يشوبه من الشركيات التي تبطل التوجه الحق إلى الإله الحق، ولذا قال العلماء الاصطلاح المشهور: التخلية قبل التحلية ، تخلية القلب من كل ما يتعلق بغير الله سبحانه وتعالى، لينزل الإيمان الصافي الطاهر ليحل في قلب خالٍ إلا من دواعي الفطرة السليمة ، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم : 30] ومن أجل ذلك كان الإعلان العظيم لهذا الدين (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) فدين هذا شأن عقيدته لا يمكن إلا أن يتمكن من القلب الصافي الطاهر ، فيصبح صاحبه ربانياً.
وعلى نسج المنوال نفسه يستطيع الإنسان أن يقول : إن دخول شباب الحركة الإسلامية وكل الصالحين والوطنيين في جهاز القوة التنفيذية قبل أن يتحولوا إلى جهاز الشرطة في قطاع غزة الحبيب ، كان ماسحاً لكل ما كان عليه جهاز الشرطة القديم من سلبيات ، حتى جعلت أي عنصر من عناصر جهاز المخابرات أو الأمن الوقائي الفاني يدخل الباب على ضابط الشرطة ليأمره فينفذ أوامره خوفاً وطمعاً ، خوفاً من بطش الفئة المجرمة ، وطمعاً في عدم إزاحته من منصبه أو تعريضه للمساءلة القانونية والحقوقية.
ولذا عندما دخلت العناصر العاملة في القوة التنفيذية أزاحت كل تراكم سيء من السلوكيات السابقة ، السلبية بما فيها الرشوة والمحسوبية والخنا والزنا إلى غير ذلك، فحق لهذا الجهاز أن يفخر وهو يعيد الاحترام والعزة لهذا الجهاز بكل مكوناته الشرطية ، المرورية والمكافحة والمباحث والمخابرات والبحرية والأمن الداخلي والدفاع المدني، وأمن الجامعات، والشرطة القضائية، وحفظ النظام (قوات التدخل السريع ) وشرطة النجدة ، فكان الحسم هو التخلية، وكانت القوة التنفيذية هي التحلية .