قائد الطوفان قائد الطوفان

"نصابة" بنغمة كلاسيكية تفلس جيوب البسطاء

غزة- عدنان نصر

تصاعد رنين نغمة كلاسيكية لرسالة قصيرة من جوال المواطن( ك. غ)، بينما كان غارقا في مراجعة بعض التقارير المبعثرة على سطح مكتبه، لتشق سكون خلوته، وتقطع حبل أفكاره.

 

وبلا مبالاة تناول جواله، مطلقا زفيرا مسموعا أثار انتباه زملائه في العمل، بعد أن تبين مصدر الرسالة، وألقى جواله بعصبية، متمتما بهمسات غاضبة تنم عن مدى الضيق الذي اختلج صدره، وأثار أعصابه.

فلم تكن  تلك المرة الأولى التي يستقبل فيها رسائل للمشاركة في مسابقات شركة جوال التي تعلن عنها بشكل متواصل، وبألوان تنافس قوس قزح، فقبل شهور قليلة وقع ضحية لإحدى الرسائل التي غررت به على مدار شهر كامل.

 

"أجهزة خلوية يوميا ولغاية تاريخ ____، أرسل رقمك إلى الرقم التالي ____ ، وزد من فرص ربحك".

"أدخل السحب لتربح 100 دولار يوميا أو 500 دولار أسبوعيا مع مسابقة الصيف، للاشتراك الاتصال على الرقم التالي".

 

عبارات معسولة لتكون فخا محكما يغرر بأحلام الشباب الذين يعيشون أحلام اليقظة ، فما أن يدخلوا للاشتراك بتلك السحوبات، والإجابة على أسئلتها حتى ينزلقوا إلى سراب واهم، لا يلبث أن يطمس أحلامهم، ويمنيهم بخسارة لا بأس بها.

 

و لم يتردد الشاب( ك. غ) الذي شارف الثلاثين من عمره، عندما استقبل نموذج الرسالة الأولى، وأجاب بسهولة عن السؤال التافه الذي لا يخفى حله على طفل في المرحلة الابتدائية.

 

وبدون أن يشعر بما ينتظره وطأت قدماه بداية الطريق لسكة نصب واحتيال استمرت على مدار شهر كامل، في إرسال الإجابات عبر رسائل (SMS ) القصيرة، دون أن يتيقن من مدى صحة إجاباته، فالشركة لم ترد، وغاص في شرك رسائل سابقت الزمن لتفلس جيوبه.

 

بعد مرور شهر تناهى إلى مسامعه نغمة ألفتها أذناه ٍٍٍٍخلال الأيام الماضية، وانتظر مليا قبل أن تداعب أنامله مفتاح القبول، وتهللت أساريره، وراوده شعور بالنشوة أن يكون ضمن الفائزين، ولكن سرعان ما تبخرت أحلامه وحلقت في فضاء خياله.

 

وما أن وقعت عيناه على نص الرسالة الواردة" نرجو منك تسديد المبلغ المستحق عليك، وقيمته 364 شيكل- شركة جوال" حتى أصيب بخيبة أمل، معتبرا ذلك بمثابة نصب واحتيال.

 

 ومنذ تلك اللحظة يحتفظ برسائل المسابقة كاملة في محموله لينذر كل من سولت له نفس أن يكون لقمة سائغة لتلك الخرافات.

 

ويهون الطالب محمد حسونة(20عاما) من حي التفاح على نفسه ، بعد أن أوشك على الانزلاق في مصيدة مماثلة، رغم أن رسالته كانت مغرية كثيرا: شقة سكنية في وقت شحت به الشقق وارتفعت أجورها.

 

ولم يتردد في الإجابة عن ستة رسائل يثق من صحة إجابتها، ولحسن حظه أن توقف عن متابعة تلك الرسائل لعدم تلقيه ردودا.

 

ويقول حسونة " للرسالة نت"بغيظ ونقمة: رسائل جوال هدفها الإغراء فهي ربحية بحتة، والدافع من ورائها كسب غير مشروع من خلال الضحك على عقول البسطاء،  فهم يلعبون من خلالها على وتر أحلام الفقراء.

 

ويتوقف برهة عن الحديث ليسحب نفسا من أرجيلته، ويضيف بخيبة أمل: أهدرت 50 شيكلا على تعبئة كروت شحن لجوالي على أمل الفوز بإحدى الجوائز المغرية ، ولم أعلم أن المسألة لا تعدو عن نصب ولا أحد يفوز بجوائز الأحلام التي ابتزت رصيد جوالي.

 

ويشير حسونة إلى أن تلك المسابقات وجدت تربة خصبة في قطاع غزة، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي أنهكت أقوات الناس، وضربت بعرض الحائط مستقبل الشبان العاطلين عن العمل.

 

وبنفس الوتيرة زج المواطن أبو صالح سعدية (32 عاما)، بأتون الرسائل التي ألهبت خياله، وسار على درب سابقيه في مسابقة قيمة جائزتها خمسة آلاف شيكل، وبعد أسبوعين يأس لعدم استقباله ردودا مطمئنة من الشركة، مقررا التوقف عن تلك المسابقة المغرية.

 

ولحسن حظه أن صديقه أوعز له أن الأمر "ضحك على ذقون الغلابا"، لمروره بتلك التجربة من قبل، وإهداره رصيد جواله على عروضها المغرية.

 

ويعلق سعدية بالقول على تلك الرسائل بأنها تهدر الوقت، وتسرق المال، وتستهدف فئة المساكين، الذين يعيشون على حلم واهي يمكن أن يسرج مصابيح الأمل وسط دياجير الظلام التي رسمها الحصار في طريقهم.

 

 

البث المباشر