قائد الطوفان قائد الطوفان

"في قاعة التحرير"

اصحاب تقرير بالمر مجرمو حرب

الرسالة نت- شيماء مرزوق

فجر تقرير لجنة "بالمر" التي شكلتها الأمم المتحدة للتحقيق في الهجوم (الإسرائيلي) على سفينة مرمرة التركية أزمة جديدة بين أنقرة و(تل أبيب)، بعد ان اعتبر التقرير الحصار البحري المفروض على قطاع غزة شرعي وقانوني وان سفن اسطول الحرية اخترقت القانون بإبحارها باتجاه غزة.

خبراء في القانون الانساني الدولي انتقدوا التقرير، واعتبروا أنه بموجب قانون حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني فإن لشعب غزة الحق في مستوى معيشي لائق ومواصلة تحسين ظروفه المعيشية حتى وان كان يعيش تحت الاحتلال.

"صحيفة الرسالة" استضافت الناشطة النيوزيلندية جولي ويب بولمان والاكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني د. أسعد أبو شرخ بندوة "في قاعة التحرير" للوقوف على اهم الاخطاء التي تضمنها التقرير والاثار السياسية التي قد تترتب عليه, وانعكاساته على الحكومة الصهيونية.

غير مؤهلين

وأكدت بولمان ان المأخذ الاول على تقرير بالمر هو رئيس اللجنة ونائبه, حيث لم يكن أي منهما خبيرا في القانون البحري الدولي او القانون الانساني ولا يوجد لديهم اي معايير تخولهم بتشكيل هذه اللجنة, مشيرة الى ان "ألفارو أوريبي" الرئيس السابق لكولومبيا لا يملك حق الجلوس في هذه اللجنة لأنه خضع سابقا للتحقيق في انتهاكات عديدة ارتكبها ضد حقوق الانسان بالتعاون مع البحرية الأمريكية، بالإضافة إلى جرائم الحرب والفساد والتجسس.

وأوضحت ان كل هذه الجرائم موثقة ضده, وهو ما يؤكد انه غير مؤهل للجلوس بلجنة تحقيق في جرائم ارتكبتها (إسرائيل) ضد الانسانية، مؤكدة أن جلوسه يعني أن نتنياهو هو من يترأس اللجنة, وخروجه بنتائج كهذه لا يفاجئ احدا.

وتابعت "كان من الأفضل أن ترغم" لجنة بالمر"، والأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي (إسرائيل) على احترام القانون الانساني الدولي، على النحو المنصوص عليه فيما يقارب 80 قرارا لمجلس الأمن، والعديد من الاتفاقيات الدولية، بدلا من القيام بمراجعات كتب غير ذات صلة، تعطي (إسرائيل) مزيداً من السلاح، لشرعنة الإبادة الجماعية.

ونوهت بولمان الى ان التقرير ركز على حق (إسرائيل) في الأمن بمنع إطلاق النار من الأسلحة المهربة إلى قطاع غزة، وذكر عدد الضحايا (الإسرائيليين) بالأرقام, وهي نظرة عوراء للأمن لأنه تجاهل تماماً الحق الغزي، أو الفلسطيني في الأمن، وتجاهل اعتداءات الجيش (الإسرائيلي) على القطاع من الاجتياحات واستخدام قنابل الدايم وقنابل الفسفور الابيض مشيرة إلى أنه وفقا لمؤسسة "بتسيلم" (الإسرائيلية) لحقوق الإنسان فإن (إسرائيل) قتلت أكثر من 4500 فلسطيني.

شرعنة الحصار

وشددت بولمان على ان الغرض المعلن لتقرير بالمر هو "تجنيب وقوع حوادث مماثلة في المستقبل لذلك كان من الأولى، حسب تأكيدها، أن يعالج الأسباب الجذرية لهذا الحادث، الحصار الذي تفرضه (إسرائيل) على غزة والذي هو جزء من الاحتلال (الإسرائيلي) غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، والاعتداءات العسكرية المستمرة على قطاع غزة, موضحةً أن التقرير ذكر ان الصواريخ التي تطلق من غزة قاتلة ولم يذكر مدى فعاليتها ودقتها خاصة أنها لا تؤدي إلى وقوع إصابات أو حالات وفاة الا في حالات نادرة، في حين تستخدم (إسرائيل) أسلحة عالية التقنية، ودقيقة وفعالة وتفتك بالفلسطينيين بوحشية.

وذكرت بأن كلا من الصواريخ التي تطلق على (إسرائيل) من قطاع غزة، والجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتخفيف المعاناة الناجمة عن الحصار الجائر على غزة، ما هي إلا النتائج التي تتدفق مباشرة من الأسباب الجذرية، والتي سببها هو رفض (إسرائيل) المتواصل والمستمر للاعتراف بالقانون الدولي، أو حتى حدود دولية تحدد أراضيها.

واعتبرت بولمان ان اللجنة تجاهلت خرقا خطيراً وكبيرا للقانون الدولي، وهو أن الهجوم على مرمرة، تم على بعد 72 كيلومترا بحريا من الساحل و 64 ميلا بحريا من منطقة الحصار البحري المفروض على القطاع، وهذا يتجاوز مجرد "فرض حصار بحري مشروع"، والذي يمتد من الساحل إلى خارج صلاحيات تطبيق الحصار البحري إلى المياه الدولية، بمسافة تقدر بأكثر من 20 ميلا بحريا, وهو ما يؤكد بان (إسرائيل) تفعل ما تريد متجاهلة القانون الدولي, بدليل توقف الرحلة الثانية قبل ان تنطلق من اليونان بسبب التعنت (الإسرائيلي).

وأكدت أن اللجنة تجاهلت ما يحدث على أرض الواقع من نتائج ما يسمى "تخفيف القيود"  وتقديرات الأمم المتحدة، التي جاءت في تقرير "أوتشا" والذي قال "لقد زاد التخفيف الجزئي للقيود من توافر بعض السلع الاستهلاكية والمواد الخام.. ولكن نظرا لطبيعة للقيود المتبقية، والتي لم تخفف، فإن هذا الاسترخاء لم يسفر عن تحسن كبير في معيشة الغزيين".

محاكمة المسئولين

من جانبه أكد الاكاديمي والمحلل السياسي د. اسعد ابو شرخ ان تقرير بالمر هو جريمة مع سبق الاصرار والترصد لأنه بحسب القانون الدولي وكل اتفاقيات حقوق الانسان في العالم فإن الحصار جريمة انسانية ومن يفرضه يجب ان يجرم ويحاكم كمجرم حرب وكان الاولى بمن كتبوا التقرير ان يطالبوا بمحاكمة قادة الكيان وان يعوضوا الشهداء الاتراك والفلسطينيين عن المآسي التي ارتكبتها (إسرائيل) بحقهم لا ان يشرعنوا الحصار الإجرامي.

ونوه أبو شرخ الى ان التقرير سياسي بامتياز ويشرعن الحصار ويحيل العالم لـ"مزرعة حيوانات" حيث الحيوان المفترس سيد الموقف ولا يرحم احدا", كما ينم التقرير عن انحطاط بالسلوك الانساني مما يستدعي محاكمة المسئولين عنه, مطالباً الشعوب الاوروبية والامريكية بان تشكل محاكم شعبية لأعضاء لجنة بالمر لانهم يقودون البشرية للهلاك, فلابد ان يكون العالم يقظاً لان هذا القرار يعيد العالم لعصر التغول الاستعماري.

وأما عن انعكاساته على الحكومة الصهيونية التي تقودها عصابة من القتلة والمجرمين وهم "نتنياهو وباراك وليبرمان", قال ابو شرخ: من المتوقع والطبيعي أن تزيد (إسرائيل) من اجرامها وممارستها للتطهير العرقي في القدس وقطاع غزة والضفة الغربية والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الشعوب العربية الاخرى مثل لبنان وسوريا بدعم من هذا التقرير الاجرامي.

وأضاف "هذا التقرير يشجع (إسرائيل) على عدم الاعتذار عن جريمة مرمرة التي ارتكبتها وان تزيد من جرائمها, مؤكداً ان تركيا لم تسمح بان يمر " بالمر"  مرور الكرام فقد ذهبت لمحكمة العدل الدولية لمقاضاة (إسرائيل), بالإضافة إلى أنها قالت بانها سترسل سفنا حربية لحماية القوافل الانسانية التي تنوي القدوم لغزة, وهو ما يعني بان أنقرة ستصعد من الموقف لحد قطع العلاقات.

ولفت المحلل أبو شرخ، الى ان التقرير ستكون له انعكاسات سلبية كثيرة من ضمنها ان الشعوب العربية ستفقد الثقة بالأمم المتحدة ومجلس الامن والغرب عموماً كما ستضغط على حكوماتها التي ما زالت تسمح بوجود سفراء لـ(إسرائيل) في دولها لطردهم وقطع العلاقات معها, مؤكدا ان الشعب الفلسطيني سيزيد من صموده وتماسكه بالثوابت وثقافة المقاومة.

وشدد على ان المسؤول عن رفع الحصار ومحاسبة (إسرائيل) على جرائمها هي الامم المتحدة والمجتمع الدولي المتخاذل امام (إسرائيل), متوقعا ان يدخل العالم مرحلة جديدة لصالح الفلسطينيين, كما ستدفع (إسرائيل) ثمن جرائمها.

***تساؤلات

وفي تساؤل لرئيس تحرير صحيفة الرسالة وسام عفيفة حول امكانية ان يتسبب التقرير في ضرر قانوني على اي سفن قد تأتي في المستقبل للقطاع, وكيف يمكن ان يواجه الفلسطينيون التقرير؟

قالت بولمار "ان اية محاولة لكسر الحصار عن غزة سيتم تجريمها وفرض عقوبات على من يقوم بها وهذه الاجراءات ستستمد شرعيتها من تقرير بالمر".

من ناحيته رأي د. ابو شرخ بان التقرير لن يكون له تأثير كبير لان جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وحركة التضامن العالمي لن تعترف به, كما ان القانون الدولي فيه حماية للنشطاء وبالتالي ستأتي السفن للقطاع ولن تستطيع (إسرائيل) ان تفعل شيئا.

واردف قائلا "سيكون هناك تحد اكبر من السابق امام المتضامنين ولكنهم سيأتون بسفن لكسر الحصار، نظرا لتواجد مؤسسات قانونية دولية ومنظمات حقوقية تقول بان ما يقوم به النشطاء والمتضامنون مع الفلسطينيين هو حق واساسا يجب انهاء الحصار الذي تفرضه (إسرائيل) على قطاع غزة.

وفي تساؤل اخر قال الصحفي فادي الحسني بان التقرير اثار حراكا كبيرا على المستوى الدولي، ولكن كيف للفلسطينيين ان يستغلوه لمصلحتهم في ظل حالة الانقسام؟

وهنا اجاب د. ابو شرخ بان صاحب القرار الاول في الوقوف في وجه (إسرائيل) هو رئيس السلطة محمود عباس, فكان يجب على السلطة الا تتفاوض مع (إسرائيل) بالمطلق والا تتعامل معها لان الحصار جريمة حرب, وعلى عباس ان يأتي لغزة ويبدأ في اجراءات المصالحة لأنه رئيس الدولة ولا يجب ان يحسب على فصيل بعينه.

وتابع "رئيس السلطة هو من يجب ان يقود الحملة الدولية ضد (إسرائيل), مطالباً بخطوات اجرائية وسريعة على مستوى الدول العربية والاوروبية والاسلامية.

أما الصحفية لميس الهمص فتساءلت حول الاجراءات اللازم اتباعها حتى يأخذ الفلسطينيون حقهم من هذا التقرير الظالم والمثير للجدل؟

وهنا اجاب ابو شرخ بان العرب والفلسطينيين لا يتابعون بالمطلق القضايا التي تمس مستقبل الشعب الفلسطيني الاولى كقضية تقرير غولدستون، لذا فالسلطة مطالبة بان تشن حملات اعلامية وسياسية لملاحقة (إسرائيل) دولياً ومحاكمة قادتها, بالإضافة إلى تشكيل غرفة عمليات فلسطينية مدعومة بالعرب والمسلمين للحصول على حقوق الشعب الفلسطيني.

البث المباشر