الرسالة نت - فايز أيوب الشيخ
تتوالى ردود الفعل الفلسطينية وتتفاوت حول توجه رئيس السلطة محمود عباس إلى مجلس الأمن لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية عضوا في الأمم المتحدة فيما بات يعرف في الاصطلاح السياسي الفلسطيني والعربي بـ"استحقاق أيلول".
وبينما تؤيد حركة فتح هذه الخطوة وتقوم بتنظيم فعاليات وأنشطة شعبية ورمزية لدعمها فإن كلا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي -إضافة إلى الجبهة الشعبية- تنتقدانها بشدة، وبخاصة بعد خطاب عباس الأخير الذي أبدى فيه تمسكه بالمفاوضات مهما كانت النتائج من التوجه لمجلس الأمن.
المفاوضات "خيار عباس"
ومما يؤكد تمسك عباس بالمفاوضات "كخيار أوحد" ما كشفه ديوان "نتنياهو" حول اجتماع قد يُعقد في نيويورك الأسبوع المقبل بين نتنياهو وعباس قبل التوجه للأمم المتحدة في حين نفى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض العلاقات الدولية نبيل شعث في تصريح لـ"الرسالة نت" علمه عن أي لقاءات قادمة تجمع عباس بنتنياهو.
واشترط شعث العودة للمفاوضات مع (إسرائيل) بقيام الأخيرة بوقف الاستيطان وإنهاء حصار قطاع عزة والعودة إلى حدود الـ 67، مشيرا إلى أن توقف الدعم المالي الدولي للسلطة ما من شك في أن الدول العربية سوف تعوضه، على حد تعبيره.
مع العلم أنه تم نشر وثيقة -نهاية هذا الأسبوع في مدينة نيويورك- أُعدت من الخارجية (الإسرائيلية) تطالب فيها المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية بالاستمرار في تقديم الدعم المالي للسلطة حتى بعد التوجه للأمم المتحدة.
وفي سياق ذي صلة أشار شعث إلى تأجيل المناقشات في تشكيل الحكومة الانتقالية التي من المقرر أن تنبثق عن اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس إلى حين عودة عباس من الأمم المتحدة.
قلق من "خطوة تكتيكية"
حركة حماس اعتبرت من جانبها توجه "سلطة رام الله" لمجلس الأمن خطوة تكتيكية للعودة إلى المفاوضات مع الاحتلال، وقد حذر المستشار السياسي لرئيس الوزراء د. يوسف رزقة من أن لقاء عباس نتنياهو في نيويورك -إذا ما تم- فإنه ربما يكون جزءا من صفقة متفق عليها، معربا عن تفهمه لقلق الفصائل الفلسطينية –مثل حماس والجهاد والشعبية وأطراف كثيرة- من أن تكون خطوة التوجه للأمم المتحدة جسرا لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال.
وقال رزقة في حديثه لـ"الرسالة نت": "القلق والتخوف مشروع في هذه الحالة لأن الوضوح غائب وعباس يُخفي معلومات كثيرة عن شعبه"، مشيرا إلى أن عباس لم يتطرق في خطابه إلى موقف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، "وأعلن استعداده الذهاب للمفاوضات مع الاحتلال في اليوم الثاني بعد التصويت في الأمم المتحدة".
وأعرب المستشار السياسي لرئيس الوزراء عن خشيته من أن تكون خطوة التوجه للأمم المتحدة تخدم الموقف (الإسرائيلي) من قضية اللاجئين؛ "باعتبار أن قرار الأمم المتحدة السابق ينص على عودة الفلسطيني المهاجر إلى أرضه ودياره وممتلكاته، حيث أنه وبهذه الخطوة ستصبح العودة فيها مقتصرة على التوطين في حدود "دويلة منقوصة السيادة" يجري الاتفاق عليها في الأمم المتحدة".
وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير فاروق القدومي أكد في تصريح صحفي أن الهدف الأساسي من الرجوع إلى مجلس الأمن هو إعطاء دفعة جديدة للمفاوضات وجعلها تجري على أراضي دولة واقعة تحت الاحتلال بدلا من أراض متنازع عليها.
يعطي "رسائل خاطئة"
كايد الغول -عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية- أكد من ناحيته أن لقاء عباس بنتنياهو سيكون ضارا بكل المقاييس، "خاصة في هذه الفترة التي يجري فيها حشد التأييد من دول عديدة"، مبينا أنه إذا جرى هذا اللقاء فهو يعطي رسائل غير سليمة، "وربما يؤثر في تأييد بعض الدول التي يمكن أن تدعم خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وشدد الغول لـ"الرسالة نت" على أن اللقاء سوف يُخرج (إسرائيل) من العزلة التي تعيشها في هذه الأوقات لسبب تنكرها لكل الاتفاقيات السابقة وجرائمها المتعددة، لافتا إلى أن ذلك من شأنه أيضا أن يخرج الولايات المتحدة الأمريكية من الحرج الذي وضعت نفسها فيه إزاء دعمها المطلق لـ(إسرائيل) وتراجعها عن التزاماتها اتجاه الفلسطينيين.
وجدد الغول موقف جبهته الرافض لتمسك عباس بخيار المفاوضات المباشرة مع (إسرائيل) مرة أخرى وفق المرجعيات والأسس القائمة عليها، قائلا إن ذلك يعمق الانقسام السياسي ولا يؤدي إلى تحقيق حالة من الإجماع الوطني، ومشددا على استعادة الوحدة الوطنية كضرورة لمواجهة استحقاق المواجهة الشاملة مع الاحتلال الذي يتوعد ويتجهز للفلسطينيين لعقابهم على توجههم للمطالبة بحقوقهم.
نتيجة "إحساس بالإخفاق"
وكانت حركة الجهاد الإسلامي قد اعتبرت أن توجه عباس يؤكد العودة إلى المفاوضات التي تتعارض مع المصالحة الفلسطينية، كما قللت من شأن مسعى السلطة بالتوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، معتبرة -على لسان أمينها العام رمضان شلح- أن هذا التحرك يأتي نتيجة إحساس السلطة بالإخفاق واليأس من مسار التسوية.
وحذر شلح من "المخاطر الكبيرة" التي ينطوي عليها هذا التوجه قائلا: "كان الأولى بصانع القرار في دائرة المفاوضات أن يعود للشعب الفلسطيني للاتفاق على إستراتيجية جديدة تتناغم مع حراك الشارع العربي".
وشدد أمين الجهاد على رفضه الحديث عن دولة فلسطينية حدودها الأراضي المحتلة في الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، وأضاف: "نحن نريد دولة ولا ننظر إلى العالم نظرة عدمية، وإذا أراد البعض أن ينشغل في دولة على أو في حدود 67 ففلسطين بالنسبة لنا هي كل فلسطين لا تنقص ذرة واحدة من ترابها وعاصمتها القدس".
وفي كل الأحوال فإن هناك إجماعا فصائليا على تأييد أي جهد أو حراك سياسي لا يكون على حساب أي من الحقوق الوطنية ويحقق تأييدًا ودعمًا دوليا لحق الشعب الفلسطيني في التحرر وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة، وإنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية.