الرسالة نت- لميس الهمص
أبدى وكيل وزارة الخارجية الدكتور غازي حمد تفاؤلاً واضحا من مستقبل العلاقات بين قطاع غزة ومصر بعد الثورة، معربا عن تجاوب كبير تبديه "مصر الجديدة" في العديد من القضايا المشتركة: المعبر والحدود وقوائم الممنوعين أمنيا، "بل تتعدى إلى المشاورات لتصل لتغذية القطاع بالكهرباء والوقود"، إلا أن قيودا سياسية -كما يراها حمد- تحد من ذلك التعاون أحيانا.
وتوقع في حوار أجرته معه صحيفة "الرسالة" -في مكتبه بالوزارة- مستقبلا سياسيا أكبر لتركيا في الفترة المقبلة، معتبرا أنها استطاعت إثبات نفسها قوة سياسية إقليمية ودولية، "وفرضت رؤيتها على العالم لذلك أصبحت مثالا يجب أن يحتذى".
وشدد وكيل وزارة الخارجية على أن الانقسام الفلسطيني يعيق الكثير من المشاريع والمبادرات السياسية، "كما يعرقل استثمار الموقف التركي وإنجازات الربيع العربي".
تقدم مصري
وعن طبيعة المهام التي تقوم بها وزارته قال: "عملنا يرتبط بوضع السياسات العامة والرؤى السياسية وتنظيم العلاقات الدولية، ولكن الحصار السياسي وفرض العزلة على الحكومة وكون السفارات تقع تحت مسؤولية منظمة التحرير كل هذا حد من عمل الوزارة".
ويضيف: "رغم ذلك نعمل على تقديم رؤية سياسية للحكومة في مختلف الأحداث سواء الصراع مع الاحتلال أو الأوضاع في الشرق الأوسط بالإضافة للوضع العربي عبر عرض اقتراحات ودراسات على جلسات مجلس الوزراء".
وذكر أن علاقات تربط حكومته ببعض المؤسسات والدول والشخصيات، وبين أن اللجنة الحكومية لكسر الحصار يتبع عملها للوزارة، "والتي بدورها توفر تسهيلات لكل الوفود التي تصل القطاع وتتواصل مع دول الجوار"، مؤكدا أن انتهاء الانقسام يعزز عمل الوزارة في خدمة المواطنين.
وحول العلاقات مع مصر بعد الثورة يرى حمد أنها جيدة حتى اللحظة، "وفيها تعاون مستمر"، موضحا أنهم يناقشون معهم باستمرار القضايا ذات الاهتمام المشترك كالمعبر والحدود وضبطها والحفاظ عليها.
ووفق وكيل وزارة الخارجية فإن وزارته تناقش مع المصريين تزويد القطاع بالكهرباء والوقود وطرح مشاريع كمنطقة حرة بين مصر وغزة، مشيرا إلى أن المصريين يتفهمون احتياجات الغزيين ولديهم استعداد للمساعدة، "لكن هناك بعض القيود السياسية التي تحد من التعاون بين الطرفين".
واستدرك حمد: "قضية توفير الكهرباء والوقود لغزة تحتاج للمزيد من المشاورات ومطروحة على أكثر من مستوى"، متمنيا أن يكون فيها تقدم جوهري خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن العمل في المعبر أفضل بكثير من حيث العدد المسموح له بالسفر وسرعة الإنجاز ومستوى المعاملة مع المسافرين، "بالإضافة لتخفيف بعض القيود على المسافرين"، منوها إلى أن الإحصاءات الواردة من المعبر تظهر تقدما كبيرا في العمل، "وهذا ناتج عن التواصل المستمر".
ويشير إلى أن السلطات المصرية وعدت بمعالجة موضوع الممنوعين أمنيا، موضحا أن تلك القضية شهدت تخفيفا في بعض الحالات من القوائم التي ترسلها وزارته، ومعربا عن تفاؤله بحل القضية لتصل لتسهيل سفر جميع المواطنين.
وعن سياسة ترحيل العائدين للقطاع أشار حمد إلى أنهم ناقشوا تلك القضية مع القيادة المصرية كون المحتجزين في المعبر من المرضى وكبار السن، منوها إلى أن الجانب المصري يعزو الإجراءات لنقص القوى البشرية لديه وسوء الأوضاع في منطقة سيناء، ولكنه أعرب عن تفاؤله بحل القضية بشرط استمرار التواصل.
شرق أوسط جديد
المواقف التركية كانت الأبرز على ساحة الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية، والتي قال حمد عنها: "تركيا استطاعت أن تثبت نفسها قوة سياسية على مستويين -إقليميا ودوليا- وفرضت الرؤية التي تتمسك بها فأصبحت مثار إعجاب بعدما نجحت في مسارها السياسي والاقتصادي والدولي"، ويضيف: "باتت البلد الأول في المنطقة وأثبت أنها لا تخضع سوى لمصلحتها، فحملت مواقف قوية وشجاعة ضد الاحتلال، ومن الثورات العربية، والحصار".
ويعتقد أن أنقرة أصبحت تمثل نموذجا رائعا لما يسمى "الإسلام السياسي"، مطالبا بالاستفادة من ذلك النموذج غزيا لنجاحها في تخطي العقبات الداخلية والخارجية.
ويذكر وكيل وزارة الخارجية أن الفترة المقبلة يجب أن تشهد تعزيزا للعلاقات التركية الفلسطينية، مبينا أن الدور التركي القوي ونهضة مصر والتغير في ليبيا وتونس ستشكل معادلة سياسية في الشرق الأوسط يجب استثمارها؛ "لذلك بدأ بالاحتلال الشعور بالعزلة ولم يعد يستطيع ممارسة العربدة".
ويرى أن الاستثمار الأمثل للدور التركي ولدول الربيع العربي لن يكون سوى بالوحدة الفلسطينية؛ "كون الانقسام يضعف ذلك".
آليات جديدة
وحول موقف وزارة الخارجية من تقرير بالمر الذي "شرعن" الحصار بيّن حمد أن الأمم المتحدة وقعت في بعض الزلات التي لا ينبغي أن تقع فيها؛ "فهي مؤسسة إنسانية ودولية قامت على أساس حقوق الشعوب وهناك اتفاقيات كثيرة تحكمها"، مؤكدا أنه ليس هناك أي مبرر لإعطاء شرعية للحصار.
ولفت إلى أن مكتب الأمم المتحدة بقطاع غزة أخرج العديد من التقارير التي تظهر عدم قانونية الحصار والعدوان وطالبت برفعه، مشيرا إلى أنهم أجروا اتصالات مع الأمم المتحدة وشرحوا لهم الصورة ورفضهم ما جاء بالتقرير.
وطبقا لحمد فإن وزارته عقدت جلسة مع المؤسسات الدولية وبعض المؤسسات الأهلية بالتواصل مع الداخلية، مشددا على أنهم معنون بوجود مؤسسات محلية ودولية تعمل في القطاع لنقل معاناة الغزيين للعالم.
ونفى أن تكون لديهم نية في التضييق أو التدخل بعمل أي مؤسسة دولية، مبينا أن هناك بعض الضوابط القانونية التي هدفها تعزيز الشفافية، "وبخاصة بعد وجود مؤسسات مارست تجاوزات ضد القانون"، منوها إلى أنهم أوجدوا رؤية وآلية واضحة في التعامل دون الدخول في أزمات.
وعن التواصل مع دول الربيع العربي قال: "الربيع العربي أنهى الدكتاتورية وصمت الشعوب الذي استغلته (إسرائيل) واحتلت فلسطين وهاجمت لبنان"، ويضيف: "لدينا تعاون مع مؤسسات وأحزاب واتصالات في تلك الدول"، مؤكدا أنهم يلقون ترحيبا واستعداد لدعم الشعب الفلسطيني.
المصالحة متعثرة
وأوضح وكيل وزارة الخارجية أن الشعب يعاني من إحباط كبير لعدم تطبيق بنود المصالحة حتى هذه اللحظة، موضحا أن الربيع العربي يشجع للمضي في خطوات الوحدة الداخلية.
وذكر أن موضوع المصالحة يطول دون مبرر، مشددا على أنه لا يجب أن يتوقف عند موضوع الحكومة؛ "كون الوطن أهم ويجب المضي في الأمن والانتخابات والعديد من الملفات".
ولفت إلى أننا بحاجة لرسم إستراتيجية جديد في موضوع منظمة التحرير ومقاومة الاستيطان والتهويد، مؤكدا أن المصالحة أصبحت تتعثر بحصوة، "لكن الشعب الفلسطيني بحاجة لتوحيد خياراته".
وأكد أن الطرفين جادان في المصالحة لعدم وجود خيارات أخرى يملكانها؛ "فرئيس السلطة عباس لا يستطيع المضي في الموضوع السياسي دون مصالحة، وحماس لا تستطيع النهوض بوضعها".
ويرى حمد أن "مشروع أيلول" يجب ألا يعرقل المصالحة كونه افتراضي وغير معلوم النتائج، مطالبا السلطة بإعادة النظر في الحالة الفلسطينية بعد أن جعلت الشعب حقل تجارب، "لأن الخيار الأحادي دائما ضعيف".