الرسالة نت - محمد بلور
يخلد الفلسطينيون للنوم مبكرا هذه الليلة بعد متابعتهم لمباراة معروفة نتائجها سلفا ! .
أخيرا انتهى الجزء الأكبر من العاصفة الإعلامية عقب إلقاء رئيس السلطة عباس خطابه الموعود بعد طول انتظار ! .
تنحنح عباس خمس مرات خلال الخطاب وابتسم نصف ابتسامة تحت جولات التصفيق الحار التى كان أطولها حين طالب بالاعتراف بدولة فلسطين .
ويرى محللون سياسيون أن خطاب عباس صيغ بعناية لكن معظمه لم يكن مفاجئا مع تركيزه على الاستيطان ومطالبته بإنفاذ المبادرة العربية وقرار 194 .
وتوقع المحللون انطلاق جولات مفاوضات ماراثونية مستبعدين استجابة الاحتلال لوقف الاستيطان وقبوله بحق العودة .
ضمير العال
ويبدو أن أوراق خطاب عباس مرت للتدقيق والمراجعة على عدة شخصيات ممن يحملون رؤيته حيث بدت جمله منتقاة بعناية.
عندما جاء دوره في الحديث مشى نحو منصة الخطابة سعيدا بتصفيق الحضور الذي تخلل خطابه فيما بدا هو كممثل مسرحي طالت انحناءته راغبا ألا ينتهي التصفيق ! .
ويرى المحلل السياسي د.عبد الستار قاسم أن أهم نقطة استوقفته في خطاب عباس قوله:"من لا يؤمن بإقامة الدولة لا يوجد لديه ضمير ولا وجدان" .
وأضاف:"كانت جملة جريئة جدا أما ما عدا ذلك فهو تكرار ضمن معايير نعرفها مسبقا"
وأشار الى أن خطابه كان منسقا ومرتبا على مستوى الأفكار ما يشير إلى صياغة متأنية أتت قبل مدة طويلة .
أما الباحث في الشئون الأمريكية والإسرائيلية د. وليد المدلل فأكد أن معظم نقاط الخطاب كانت متوقعة.
وأضاف:"كان بودي أن يكون خطاب أكثر جرأة وأن يكون صيغته قوية بدلا من لهجة الترجي حول حق الفلسطينيين بالدولة بعد 63 سنة من النكبة" .
وأوضح أنه كان على عباس أن يكون أكثر قوة في الحديث خاصة عن معاناة الفلسطيني وجرائم الاحتلال اليومية منتقدا عدم إشارته لحصار غزة.
وتابع:"أشار خطابه سريعا لأوضاع الفلسطينيين وكان مفروض يثير الأمر بحجم الجرح الفلسطيني".
أما المحلل السياسي د.باسم الزبيدي فامتدح خطاب عباس واصفه بالشامل والمترابط .
وأضاف للرسالة نت:"أبعد بعض التخوفات وكنت أتوقع حقيقة خطابا دارجا لكن يبدو أنه تضمن جهد استثنائي , العبرة هي ما سيكون على الأرض ! " .
الاستيطان
وكان الحديث عن الاستيطان هو نجم الخطاب خاصة أن عباس ربط معظم المسائل الجوهرية به ومستقبل الدولة الواعدة بتوقفه .
وحول تركيزه على الاستيطان أكد المحلل قاسم أن حصول الاستيطان على نصيب الأسد من الخطاب مرده أن الاستيطان هو حجر العثرة أمام المفاوضات .
وأضاف:"يجسد الاستيطان جوهر الاحتلال واستمراره وتواصل تهويد الضفة والقدس مرتبط به كما أن مصادرة الأرض والاعتقالات والعدوان اليومي يتعلق به" .
واتفق المحلل المدلل مع قاسم في أن الاستيطان هو جوهر المشكلة وهو تهديد حقيقي أمام إقامة الدولة .
وأضاف للرسالة نت :"الاستيطان هدف ووسيلة لبسط السيطرة السياسية وتوسعه يهدد دولة فلسطين لذا أراد أن يذكر العالم بمشكلة الاستيطان" .وتوقع انسحابا جزئيا من بعض الأراضي لتولد دولة مشوهة خالية من المقاومة الحقيقية للاحتلال .
أما المحلل الزبيدي فأوضح أن مشكلة الاستيطان هو "مربط الفرس" في القضية –على حد وصفه .وأضاف:"مستقبل الدولة مرتبط به لذا التركيز عليه هو كلام مفصلي وقد كان الجزء الأهم في الخطاب" .
حق العودة
زين عباس كلماته بالشّدة وبدا حينا من الوقت شاعرا وهو يتلو أبيات محمود درويش بعد أن ذكر العالم بعرفات الذي اختلف معه في الطريق والهيئة وهما يقفان على ذات المنصة يفصلهما 37 سنة .
ولم يتضمن خطاب عباس إشارات قوية عن حق عودة وتعويض اللاجئين المهجّرين في الشتات .
ورغم عدم إغفاله الحديث بالكامل عن ذلك الحق إلا أنه عرّج على مبادرة السلام العربية والتي تتحدث عن أرض 1967 ما يعني ضمنا عدم عودتهم لأراضي 48 وهو جوهر حق العودة .
وقال المحلل قاسم إن عباس لم يطالب بحق العودة صراحة بل دعا إلى تسوية عادلة وفق قرار 194 المأخوذ من مبادرة السلام التي تسقط ضمنا حق العودة لأراضي 48 .
أما المحلل المدلل فأكد أن خطاب عباس مرّ على حق العودة عبر إشارات سريعة .
وأضاف:"تحدث عن دولة على أراضي 67 وذلك يكون على حساب أرض 48 والقرار 194 والمفروض أن العودة تعني بالمعنى الحقيقي العودة للقرية والحقل " .ويرى المحلل الزبيدي أن الحديث عن حق العودة وفق رؤية المبادرة العربية وقرار 194 ومدى ارتباطه بأراضي 67 فقط قد تكون رؤية .
وتابع: "دعا عباس إلى حل مشكلة اللاجئين وفق العدالة النسبية ولا أعتقد أنه ألغى الحق بل ركز على الاحتكام للقرار 194" .
المفاوضات
الخطوة القادمة لعباس هي الجلوس على طاولة المفاوضات من جديد مع إسرائيل وهو أمر معروف سلفا
وأكد المحلل قاسم أن إسرائيل لن توقف الاستيطان مضيفا:"كان بودي سماع شيء عن التنسيق الأمني لكنه طرح كل القضايا وفق رؤيته هو وعلى رأسها مسألة حل الدولتين".
أما المحلل المدلل فأشار أن حديث عباس عن المفاوضات جاء لطمأنة دول العالم بأنه مشروع استراتيجي بالنسبة له ولكسب مزيد من التأييد .
وأضاف: "العالم كله يدرك وعباس أنه لا يمكن بناء دولة إلا بعد رضا إسرائيل وقد يتم الانسحاب جزئيا في ظل عزلة إسرائيل والثورات العربية لتنطلق مفاوضات ماراثونية لا تنتهي" .
أما المحلل الزبيدي فقرأ في حديث عباس عن المفاوضات عدم قبوله بالعودة لها في ظل الاستيطان .
وأضاف:"قال أنها لابد أن تتواصل بمرجعيات واضحة مع عدم رغبته بالعودة لها بالطريقة السابقة"
وتوقع الزبيدي أن يثير خطاب عباس غضب إسرائيل خاصة ما يتعلق بالاستيطان المستمر .
التحدي الحقيقي سيكون بعد أيام حين يتم الإعلان عن جلسة المفاوضات الأولى هل ستكون بذات المواصفات أم سيحصد عباس شيئا بعد الزوبعة الإعلامية التي تهب على المنطقة منذ أسابيع.