غزة - فادي الحسني
خرج الشاب عبد الرحمن أحمد ضاحكا من بوابة معرض الكتاب الدولي المقام في منتجع الشاليهات غرب غزة منذ الأربعاء الماضي وهو يحمل بين ذراعيه رزمة كتب صادرة عن دور نشر عربية.
ويقول الشاب العشريني: "هذه هي المرة الأولى التي أستطيع فيها اقتناء كتب دولية متاحة في السوق المحلي دون الاضطرار إلى شحنها عبر الأنفاق أو تمريرها برفقة المسافرين".
وحاصرت (إسرائيل) الثقافة في قطاع غزة منذ ما يزيد عن خمسة أعوام، ولم تسمح بإدخال الكتب أو المؤلفات العربية كما صنعت بالمواد الخام والمستلزمات الأساسية للقطاع.
وتمكنت وزارة الثقافة من عقد معرض غزة الدولي للكتاب بعد انقطاع دام نحو 11 عاما، وهذا ما عزز من فرص اقتناء الكتب والمؤلفات التي كان يلجأ محتاجوها إلى الأنفاق لجلبها.
وداخل المعرض الذي شاركت فيه نحو 25 دار نشر عربية بالإضافة إلى المحلية انهال الزوار على مختلف توجهاتهم الفكرية على الزوايا والأركان مختلفة التخصصات.
وأخذ الشاب كمال فتحي يقلب في الكتب الدينية داخل المعرض حتى اقتنع بشراء مجلدين حملا عنوانين هما: (إلا من رحم ربي) و(تاريخ المغول وسقوط بغداد).
وقال الشاب فتحي وهو صاحب لحية كثيفة: "الكتب الدينية تبدو الأقل سعرا مقارنة بغيرها من الكتب، وهي في نهاية الأمر الأكثر فائدة"، مبينا أن المعرض أسهم في تخفيض قيمة الكتب المباعة في المكاتب التجارية.
فيما انهمك الصحفي صالح يوسف وهو حديث الخِطبة في تقليب الكتب الخاصة ببناء الأسرة وكيفية كسب قلب الخطيبة والزوجة، وانشغلت آنسة أخرى بتقليب كتاب الطهي (أمال العالم) وجميعها كانت لكتاب عرب.
وقال يوسف مازحًا: "كل شخص يبحث عن الكتب التي تهمه"؛ في إشارة إلى تنوع اهتمامات الوافدين إلى المعرض.
ورغم حرارة الجو فإن الزوار كانوا مكتظين داخل مكتبة "آفاق"، ويقول أحد القائمين على المكتبة محمد جبر: "حجم الاقبال كبير لكن نسبة الشراء قليلة رغم أننا قدمنا نسبة خصم وصلت إلى 35% على أسعار الكتب".
وتقول وزارة الثقافة إنها حرصت كل الحرص على توفير أكبر قدر من الكتب والعنوانين لجمهور غزة المحاصر، حيث بلغ عددها نحو 350 ألف عنوان منها 200 ألف عنوان موجود في جناح الوزارة.
وطاف الركن المخصص لدور النشر العربية مئات الزوار الذين أرادوا اقتناء المؤلفات المحجوبة عن القطاع منذ أعوام.
ومن المقرر أن يزور قطاع غزة غدا الثلاثاء وفد اتحاد الناشرين العرب لمتابعة مجريات المعرض والمشاركة في الفعاليات التي تقام على هامشه.
وفي أحد أركان المعرض اجتمع عدد من الشبان لالتقاط صور تذكارية مع وزير الثقافة الفلسطيني د. محمد المدهون الذي حل ضيفا دائما على المعرض، وبدت الابتسامة جلية على محياه.
وقال المدهون لـ"الرسالة نت": "تقرر عقد معرض الكتاب بصورة دورية في الخامس من أكتوبر لكل عام وذلك بالاتفاق مع اتحاد الناشرين العرب"، مبينا أن وزارته حرصت على تقسيم المعرض إلى أجنحة متخصصة: (دينية، وسياسية، وثقافية، واجتماعية، والطفل).
وتقام على هامش المعرض الذي سيستمر لنحو عشرة أيام متواصلة ندوتان يوميا يشارك فيهما كتاب وشعراء وأصحاب الرأي والفكر فيما جرى تخصيص ركن لعرض التراث الفلسطيني وذلك استجابة لرغبة الجمهور، وفق تأكيد مسؤول العلاقات العامة بوزارة الثقافة إيهاب السنوار.
ويؤكد السنوار أن المعرض خرج بصورة مشرفة في ظل الإمكانات البسيطة المتاحة، مبينا أن زخم دور النشر العربية زاد من زخم المعرض، "وساهم في زيادة إقبال الجمهور".
وأرجع تدفق الزوار على المعرض من مختلف الأعمار والتوجهات الفكرية إلى عطش الشعب الفلسطيني المحاصر إلى الكتب بمختلف تصنيفاتها.
ويحوي المعرض قسما خاصا بتكنولوجيا المعلومات بالإضافة إلى أركان خاصة بالجامعات والمعاهد الفلسطينية والجمعيات والمؤسسات الأهلية.