قائمة الموقع

متى تخجل السلطة من نفسها؟!

2011-10-23T17:34:34+02:00

غزة - أحمد الكومي

لا داعي لأن نعود بذاكرتنا للوراء قليلا كي نستذكر انتهاكات أجهزة السلطة بالضفة المحتلة ضد المجاهدين وضد من يرفع راية لا إله إلا الله هناك، فما استجدّ كان أعظم وطوى ما سلف!!.. وهو ما سيسجله التاريخ ليوم قد "تشخص فيه الأبصار"، ويصبح "عض الأصابع" الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الندم.

الجديد والخطير –قبل ذكره- يؤكد وبلا أدنى شك أن أجهزة السلطة قد حازت على درجة الامتياز في "العمالة الأمنية" مع الاحتلال، وهذا ما قد ينذر بانفجار الأوضاع هناك ويشعل ثورة لا يُحمد عقباها، وقد يكون تكرارا لتجربة الحسم العسكري إبان عام 2006 في قطاع غزة وهي احتمال وارد في أي لحظة بالضفة، وفي النهاية تكون الضحية السلطة ورأس الهرم فيها الرئيس محمود عباس.

ففي الوقت الذي لم يسع فيه الكون فرحة الفلسطينيين بالإفراج عن أبنائهم الأسرى في سجون الاحتلال بعدما نجحت المقاومة بتمريغ أنف (إسرائيل) في التراب وإجبارها على الإفراج عن ألف أسير في صفقة تبادل شهد لها القاصي والداني بعظمة الإنجاز.. تشرع أجهزة السلطة في الضفة باستدعاء الأسرى المحررين تحت دعوة "شرب فنجان قهوة"، وبحجة تهنئتهم بالإفراج.

ووفق النائب في المجلس التشريعي فتحي القرعاوي فإن أجهزة عباس اتصلت بعدد من الأسرى المحررين، "وعلى إثر ذلك عمت أجواء من الغضب الشديد والاستنكار بين مواطني الضفة، ورفض بعض الأسرى هذه الدعوات، ووصفوها بأن تعمق الجراح وتتنافى وجهود المصالحة الفلسطينية".

كرم حمساوي

وأصبح من المؤكد أنه يصعب إيجاد مسمى لما تمارسه أجهزة السلطة بالمقارنة مع الحكومة الفلسطينية بغزة، فالكلمات والسطور لا تكتفي لسرد الكرم الحمساوي –إن صح التعبير- للأسرى المحررين.

فرئيس الوزراء إسماعيل هنية وقف ينتظر الأسرى على معبر رفح الحدودي، وأخذ يعانق كل واحد منهم بحرارة في مشهد بكت لرؤيته العيون واهتزت له الأبدان، ورافقهم من هناك إلى ساحة الكتيبة بغزة حيث المهرجان الكبير احتفاءً بهم، ثم أمر بصرف مبلغ مالي يقدر بـ2000 دولار لكل أسير إضافة إلى تخصيص أرقى الفنادق لراحتهم، فمن لطخت أيديهم بالدماء –طبقا لوصف الاحتلال- وبات من سابع المستحيلات الإفراج عنهم كان فندق خمس نجوم بغزة في انتظارهم، وهذا ما أغاظ (إسرائيل) ودفعها لأن تجثو على ركبتيها ندما وحسرة.

انتهاكات السلطة وما استجد منها أخرج المحللين السياسيين عن طوعهم، واستنكروها جملة وتفصيلا، وقد وصف المحلل والكاتب المعروف مصطفى الصواف استدعاء أجهزة الضفة لأسرى المحررين بـ"الخطوة الحقيرة".

وقال لـ"الرسالة نت": "هذا عمل غير لائق، ويجب أن يكون مرفوضا من الأسرى والشعب الفلسطيني، وهو نوع من الحقارة التي لا يمكن أن تمر علينا"، مستدركا: "هؤلاء الأبطال يجب أن يكرموا بما يليق بهم لا أن يزجوا في السجون من جديد".

وأكد أن استمرار تجاوزات السلطة دليل واضح على رفض رئيس السلطة محمود عباس للمصالحة، مضيفًا: "عباس يريد استهلاك الوقت للتوجه للأمم المتحدة".

ورغم ذلك فإن حماس في غزة ما زالت توجه الدعوة تلو الأخرى لإحياء جهود المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، ولكن ممارسات أجهزة السلطة لا تبشر بخير، وتحرم الفلسطينيين من أن يتنفسوا الصعداء ولو لبرهة من الزمن.

وفي هذا السياق شدد الصواف على أن المصالحة مهمة للقضية الفلسطينية رغم انتهاكات السلطة، مؤكدا أن من أهداف المصالحة إعادة تقييم هذه الأجهزة وتغيير عقيدتها العسكرية.

كواليس الصفقة

وبعيدا عن الاستدعاءات والاعتقالات الفتحاوية فقد بدأت تتكشف تباعا كواليس صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والاحتلال (الإسرائيلي) برعاية مصرية.

وكشفت مصادر خاصة لـ "الرسالة نت" مؤخرا عن مشادة ساخنة نشبت بين مسؤول بارز في المخابرات المصرية و"الطيب عبد الرحيم" الأمين العام للرئاسة الفلسطينية؛ جراء احتجاج الأخير على الدور المصري في إنجاز صفقة "الوفاء للأحرار" في هذا التوقيت.

واعترض عبد الرحيم بصورة "وقحة" على دور مصر في العملية وفق شروط المقاومة، وادعى أن الصفقة تؤثر سلبا على الجهود السياسية التي تبذلها السلطة لنيل الاعتراف بالدولة.

وفي هذا السياق أكد مشير المصري -القيادي بحركة حماس- أن فريق السلطة يضع الصفقة في إطار المقامرة السياسية، قائلا: "قضية الأسرى منسية لدى السلطة، واستدعاء الأسرى المحررين دليل قاطع على ذلك".

وأضاف: "هذا يؤكد الحسابات الحزبية الضيقة والتناقض في المواقف الفتحاوية"، مستطردا: "إرجاء الصفقة والتوجه للأمم المتحدة هو الأهم عند السلطة إضافة إلى بقاء البهجة الفاشلة لـ(استحقاق أيلول)".

وشدد على أن نجاح صفقة التبادل شكّل إنجازا عظيما للمقاومة الفلسطينية، قائلا: "من يرفض صفقة التبادل يرفض خيار المقاومة، ومن يطعن بها فهو يطعن في مصر التي رعتها".

وبما أن الجماهير الفلسطينية قد احتشدت لاستقبال الأسرى المحررين فإنها قادرة على أن تحشد نفسها مرة أخرى وبتلقائية وعفوية لتتخلص من الاتفاقات الأمنية والتنسيق الأمني مع الاحتلال، وإن كان "فنجان القهوة" يأتي من باب التهنئة بالإفراج فالأنسب من ذلك كله أن تتفضل أجهزة السلطة لمنزل الأسير وتهنئه بالسلامة عوضا عن "الفنجان".

اخبار ذات صلة