غزة- فادي الحسني
خفيف الظل واللحية ..عريض البنية والجمهور ..دائم الابتسامة والرقة، يحب غزة كما لو كانت أماً، فغنى لصمودها من خلف الحدود وغنى لشاطئها قبل ان يلمس رماله، واليوم جاء ليحتفي بعرسها ويكحل عينيه برؤية أبطالها الأسرى المحررين.
صعد منصة الاحتفاء بالأسرى في ساحة "الكتيبة" في أول ظهور له في غزة، فتفجأ الجمع به وهوي يغني وينشد للحرية من قلب غزة... فصفقوا له وحيوه ودندنوا مع كلماته.
يدخل الفنان عوينات القلب دون استئذان .. فهو واحد من اكثر الناس الذي غنوا لفلسطين فقدم "صامد يا دار، وغنى الوطن، ناطر عالبوابة، وغزة من قلب الحصار"، وآخرها كان "حررنا الأسرى" التي تزامنت مع تحرير الأسرى في اطار صفقة (وفاء الأحرار) بين الاحتلال وحركة حماس.
قدر التوقيت
ورغم أن توقيت زيارة المنشد عوينات إلى غزة لم يكن محددا مع انجاز صفقة التبادل، لكنه اعتبر أن قدر تزامن الزيارة مع الإفراج كان "بفضل الله تعالى"، مشيرا إلى أنه يسعى إلى زيارة القطاع منذ عامين، "وفي كل مرة كانت تتعثر الأمور"، وفق قوله.
وبدى عوينات الذي التقيناه في مكان اقامته في "فندق كومودور" بغزة، سعيداً وهو عائد من جولة محلية كان قد زار خلالها عددا من المؤسسات، لكنه في وقت سابق التقى برئيس الوزراء اسماعيل هنية.
وقال ان السعادة تفيض من جوانحه لوجوده في غزة، مضيفا "منذ زمن وانا اتحدث عن غزة عن بعد، ولكن وجودي عن قرب اسعدني كثيراً لأنني شاهدت شاطئ البحر وغزة وأهلها، الذين غنيت لهم دون أن أراهم".
وارتسمت ابتسامة عريضة على محيى عوينات، وهو يشير إلى أن غزة دائمة الحضور بداخله ولها مكانة عظيمة في قلبه، وقال: "اول مرة التقي أهل غزة الذين غنيت لهم سواء كانوا شهداء او احياء او اسرى(..) دائما غزة في جدول اعمالي سواء كنت داخلها أو خارجها".
وعن شعوره خلال مشاركته غزة فرحتها، اكد أنه شعور حافل بالفرح، فهذه المناسبة (أي الاحتفال بالأسرى) تمثل حلما وأمنية بالنسبة له ولكنه "حمد الله" أنها تحققت.
وفي سؤاله عن الوقت القياسي الذي خرجت فيه أنشودة "حررنا الأسرى"، أوضح أن الإعداد لها استغرق سبع ساعات عمل متواصلة، ابتداء من كتابة الكلمات، واللحن، والغناء، والمكساج، وقال إن مجهود ابسط ما يقدم إلى "أولئك الأبطال.. الأسرى المحررين".
والمنشد عوينات فلسطيني من مدينة قلقيلية ومن مواليد الكويت، ويقيم حالياً في المملكة الأردنية، وقد درس الشريعة وأصول الدين بجامعة الزرقاء الأهلية- الأردن.
وأوضح أنه كان متعطشاً لرؤية غزة، مبينا أن اعجابه زاد بقطاع غزة وأهله خلال هذه الزيارة التي لم تتجاوز بضعة ايام.
وأشار إلى أن لديه تصوير بعض الاعمال التي رفض الإفصاح عنها، لكنه وعد بتقديم كل ما هو جديد من فن إسلامي راق.
رعاية
على نحو متصل لفت عوينات إلى أنه سيحرص قبل مغادرته القطاع على تصوير "شيء"، مشيرا إلى أن الحالة الفنية في غزة بحاجة الى عناية ورعاية. وأكد أن الظروف السياسية الصعبة انعكست على الحالة الفنية، متمنيا ان يكون القادم افضل.
وحول طبيعة توصيفه إن كان منشداً إسلامياً أو فناناً أو غير ذلك، قال: "لدينا ازمة كبيرة بالجمهور الذي يهتم بالقشور اكثر من الجوهر، ويلفت انتباهه منشد او انشودة(..) انا أصف نفسي فنان اقدم رسالة ولكن العبرة فيما اقدم، والمهم هو أن نرتقي بالجمهور".
ونظراً لضيق وقته رغب المنشد عوينات أن يكون اللقاء قصيراً، لكنه لم يحرم "الرسالة" من عذوبة صوته في ختام اللقاء فأهداها موال "اسير الشوق والفرحة أسيرُ.. وطريق الحق عهد الله أسيرُ.. يا با الوطن فرحان برجعة أسيرُ.. أسرانا الاغلى وأغلى من الذهب".
وتجدر الإشارة إلى أن عوينات بدأت موهبته منذ الصغر في مسجد الحمضان بالكويت خلال ترتيل القرآن في المسجد، ولقي هذا التشجيع الكبير فاتجه للنشيد، وكانت البداية الحقيقية عام 1987عندما تأسست فرقة الروابي الفنيّة بالكويت فبدأ معها المسيرة التي تميّزت بالإبداع والتجديد والتأسيس لقاعدة نوعية في عالم الفن الهادف.
والمنشد حاصل على جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي في مجال الإنشاد والتي تنظمها رابطة الفن الإسلامي وترعاها مملكة البحرين في عام 2008، إضافة إلى الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة التاسع للإذاعة والتلفزيون 2003 في أغنية (أمشي ودروبي نار) كلمات مريم العموري وألحان عبدالفتاح عوينات وتوزيع آفو آرام وأداء الطفلة ميس شلش.