قائمة الموقع

بفوز الإسلاميين.. عرش إسرائيل "يتمايل"

2011-10-26T17:23:15+02:00

غزة - أحمد الكومي

"إن لكل زمان رجاله.. والليبراليون والعلمانيون أخذوا زمانهم، وهذا هو زمان الإسلام والإسلاميين".. هذا ملخص ما يجري الآن في المنطقة العربية بأكملها، وستشعر بالفخر حينما تعلم أن قائل هذه الكلمات هو درة علماء المسلمين في عصرنا الشيخ يوسف القرضاوي الذي تفاءل خيرا بالأحزاب الإسلامية الصاعدة وعودتهم للواجهة من جديد.

القرضاوي قال إن ما يحدث للعالم العربي من ثورات هو وضع طبيعي بعد وصول الظلم والفساد لذروته، "وحان الوقت لأن يقود الإسلاميون العالم".

وعندما سئل البروفسور "نوح فيلدمان" -أستاذ القانون والفقه الإسلامي بجامعة هارفارد- عن سبب تأليفه كتاب "سقوط الدولة الإسلامية وصعودها" أجاب قائلا: "لقد لاحظت أن الإسلاميين يفوزون بالانتخابات في أي دولة تسمح بانتخابات نزيهة، وشعرت بأن الشعوب تتطلع إلى مثل ذلك النموذج الحديث من الدولة الإسلامية القادِرة على التعامل مع عالم اليوم"، وكانت زبدة الكتاب توصي الغرب بضرورة التعامل مع الإسلاميين وتفهّم الشريعة.

وكان لفيلدمان ما أوصى، فقد أفل نجم الطغاة من الحكام العرب وبدأت أنظمتهم –المعادية للإسلاميين- تتهاوى حتى ضُرب بها الأمثال، وأُخذ من سقوطها العبر، وسطع نجم الإسلاميين من جديد تتقدمهم جماعة الإخوان وذراعها في فلسطين حركة المقاومة الإسلامية حماس.

بدءا بحماس

البداية كانت لحماس التي اكتسحت مقاعد البرلمان الفلسطيني في انتخابات لم يطعن بنزاهتها أحد مرورا بحركة النهضة التونسية الإسلامية التي حصدت غالبية مقاعد المجلس الوطني التأسيسي حديثا، وليس انتهاء بجماعة الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من الأحزاب الإسلامية.

هذه المعادلة حيّرت الفلاسفة ورجال السياسية وقلبت موازين القوى في المنطقة بعدما كانت الأحزاب الإسلامية محظورة في أغلب البلدان العربية لدرجة أن وُصف الإسلاميون فيها بـ"الأشباح" لعظم البلاء الواقع عليهم إلى أن استيقظت الشعوب من غفلتها، وبدأت تنفض الغبار عنها، وحملت "الإسلاميين" إلى الواجهة من جديد ليقودوا دفة الحكم فيها.

وبعودتهم كانت (إسرائيل) أول الخائفين، وأخذت تحذر من فرض الشريعة الإسلامية في المنطقة، ودليل ذلك إخفاقها في منع سيطرة حماس على مقاليد الحكم بغزة بعدما وصفت نجاحها بـ"الزلزال السياسي"، وحذرت من أن الربيع العربي على وشك أن يلد شتاءً إسلاميا.

الدكتور محمود الزهار -عضو القيادة السياسية لحركة حماس- اعتبر ما يجري على الساحة العربية يأتي في سياقٍ رباني لدورة حضارية جديدة ليس فيها ظلم وإجرام غربي، وقال إنها تحقيق لرؤية ربانية تتحقق فيها أهداف الشعوب وتطلعاتها نحو حياة كريمة.

وأكد في تصريح خاص لـ"الرسالة نت" أن عودة الإسلاميين للواجهة السياسية ينذر بمستقبل واعد للمنطقة العربية، "وبخاصة القضية الفلسطينية التي تنتظر هبة عربية "تُخلخل" أركان (إسرائيل) وتلحقها بركب الأنظمة البائدة".

والزهار صاحب كتاب "الحقيقة الكونية للحضارات"، وتناول فيه أهميَّة وجود دولة مركزيَّة إسلاميَّة تضم المسلمين فيما بين أرجائها وحدودها مع وجود دول مركزية لكل القوى الناهضة في العالم المعاصر.

والأمة الإسلاميَّة –الكلام للزهار- بحاجة إلى الإطار المركزي الجامع الذي يعبر عن دين الأمة وعن طموحاتها، "ويوفر المنعة الاقتصاديَّة والعسكريَّة، ويحسن كذلك من ممكنات استغلال ثروات الأمة الطبيعيَّة، وخصوصًا الموارد الإستراتيجيَّة مثل النَّفط".

وحول ما إن كان الغرب سيفسح المجال أمام الإسلاميين لخوض غمار السياسية وإصلاح ما أفسدته الأنظمة السابقة علق القيادي بحماس: "الغرب مخيّر بين التعايش مع الإسلاميين أو التصادم معهم، وإن تعايش معهم فسيكون ذلك في مصلحته، وإن قرر معاداتهم فسيدفع الثمن بلا شك".

وفيما يتعلق بتخوف (إسرائيل) من اتساع نفوذ الإسلاميين في المنطقة على المدى القريب شدد الزهار على دور الثورات في توجيه البوصلة العربية اتجاه القضية الفلسطينية، مؤكدا أن من حق (إسرائيل) الخوف من صعود الأحزاب الإسلامية؛ "لأن الثورات العربية وصعود الإسلاميين سيمس كيانها"، وفق قوله.

داء ودواء

وبما أن سقوط أنظمة الطغاة يهدد (إسرائيل) ويثير قلقها فإن الجار –السلطة بالضفة- ملزمة بأخذ الحيطة والحذر لأن الداء سرعان ما يستشري في الأجساد الضعيفة، ولم يخطئ أجدادنا قديما عندما قالوا عبارتهم المشهورة: "إذا ذكرت الذئب فأعدّ له العصا".

وفي هذا السياق استبعد الدكتور محمود الزهار أن تغيّر السلطة من حالها فيما يتعلق بوقف التنسيق الأمني ووقف الاعتقال السياسي، قائلا: "السلطة لا تستخلص العبر مما يجري حولها، ورؤيتها مرتبطة بما تحت أقدامها"؛ في إشارة إلى ركونها واعتمادها على (إسرائيل).

وختم الزهار حديثه بالتأكد على قوة العلاقة التي تحكم حماس بالأنظمة العربية الجديدة في المنطقة، مستطردا: "علاقة حماس بالأنظمة الجديدة ستكون أفضل وسيكون عمقنا استراتيجياً بكل أبعاده السياسية".

دلالات مستقبلة

ولأن تعدد الآراء يحقق الفائدة كان لـ "الرسالة نت" وقفة مع الداعية والمفكر الإسلامي الشيخ يوسف فرحات الذي تحدث لها بإسهاب عبر الهاتف من الديار السعودية عما تمر به المنطقة العربية من "فتوحات إسلامية".. إن صح القول.

وأكد فرحات أن صعود الإسلاميين عبر المشاركة في العمليات الانتخابية هي محاولة قديمة حقيقية، "لكنها لم تلق قبولا لدى الأنظمة الدكتاتورية"، مضيفا: "تغيير الواقع السيئ الذي تعيشه الأمة هو هدفهم من الوصول إلى الحكم بحيث ينسجم مع الشريعة الإسلامية".

واستطرد: "التجربة البرلمانية والحكومية ليست سهلة لأنها تحوي كثيرا من المطبات والمصاعب التي تقف عقبة أمام تحقيق متطلبات الحكومة".

وعن أثر الثورات العربية على القضية الفلسطينية أوضح فرحات أن الفلسطينيين سددوا فاتورة تخاذل الحكام العرب وتواطئهم، مستدركا: "الإسلاميون سيضعون حلا جذريا للقضية الفلسطينية، وسيكون النصر حليف الأمة".

وفيما إن كان الحل الجذري للقضية الفلسطينية على يد الإسلاميين يحمل دلالات تخص الطرف المحتل –(إسرائيل)- فقد شدد المفكر الإسلامي على أن بروز الأحزاب الإسلامية يشكل خطرا واضحا وجليا على الأمن (الإسرائيلي)، قائلا: "الصهاينة يرفضون التحولات والتغيرات في الدول العربية، وهم قلقون وخائفون من ذلك بصورة كبيرة لأنهم يعلمون جيدا ما معنى أن يصبح الحكام العرب من الإسلاميين".

ودعا فرحات السلطة في الضفة المحتلة إلى استخلاص الدروس والعبر من الثورات العربية، وتابع: "السلطة تعرف أن هذه الثورات تأخذ طابعا إسلاميا.. لكن للأسف هي مرتبطة بالتزامات أمنية واقتصادية لا تنفك عنها"، داعيا إياها إلى وقفة جادة مع نفسها والإسراع في مصالحة حماس قبل فوات الأوان.

اخبار ذات صلة