قائمة الموقع

المحرر دويدار: تحرير اسرى المؤبدات باختطاف الجنود

2011-10-28T15:20:10+02:00

المحافظة الوسطى-محمد بلّور

يدلل الفرح نفسه في منزل الأسير المحرر ناصر دويدار بمخيم النصيرات طربا بعودة المجاهد القديم بعد عشرين سنة من الأسر في سجون الاحتلال. 

في منزله الصغير غرب قرية الزوايدة يتلقون التهنئة بمناسبتين الأولى عودته سالما من السجون والثانية حفل زفاف ابنه أنس الذي أقيم بعد ثلاثة أيام من تحريره. 

ورغم أن مراسم الاستقبال في خيمة التهنئة باستقباله انتهت إلا أن الضيوف لازالوا يصلون فرادى وجماعات. 

وكان دويدار -45 سنة- قد نال الحرية في صفقة "وفاء الأحرار" بعد عشرين سنة من الأسر حيث حكم عليه الاحتلال أحد عشر مؤبدا وعشرين سنة بتهمة الانتماء للمجموعة الأولى في القسام والمشاركة في أعمال مناهضة للاحتلال.

البزّة العسكرية

تعريفا بهويته فضّل القائمون على حفل الاستقبال أن يعيدوا إليه بزّة عسكرية كان قد ارتداها قبل 21 سنة في جنح الظلام حين كان مطاردا في صفوف كتائب القسام. 

وظهر دويدار طوال الأيام الأولى من تحريره مرتديا بزّة عسكرية خضراء مرقطة سهّلت على جموع المهنئين تحديد هويته فجلّهم لا يعرفه شخصيا وإنما جاؤوا للتعرف عليه وتهنئته بالعودة. 

يجلس ناصر بين سطر ممتد من أقاربه يقتنصون فرصة الحديث عن شئون العائلة كلما انقطع وصول الضيوف بينما يستعين هو بهم في التعرف على أشخاص تبدّلت ملامحهم وكبر سنّهم.  

وقال للرسالة: كانت تهمتي الانتماء لكتائب الشهيد عز الدين القسام والقيام بأعمال مقاومة والآن بعد أن تحررت أشعر كأنني لازلت أعيش حلما-يبتسم-وما شاء الله كل شيء متغير في قطاع غزة والاستقبال كان حافلا من كافة الفصائل الوطنية ومن عموم أبناء شعبنا وكلهم ما شاء الله عنهم. 

قبل أن يسجن ترك ولديه بكر في عمر سنتين وانس بعمر 3 شهور وخرج ليجدهم شبانا يافعين بينما احتفل قبل أيام بزفاف نجله أنس.

مشتاق للحرية

يختم دويدار الحديث بابتسامة عريضة تدلّ على عظيم سعادته بالحرية ورؤيته لأهله وذويه بعد طول غياب وآمال باللقاء كادت تتلاشى.

وحول أكثر ما كان يشتاق إليه أضاف: الحريّة.. الحريّة أول شيء وأكثر ما كنت متشوّقا إليه, عدت وأتمنى أن يفرج عن كل الأسرى لقد عدنا وقلوبنا تعتصر على إخواننا القابعين في السجون. 

معظم سكان مخيم النصيرات يسمعون بالأسير ناصر ويعرفون قصته مع مطاردين سابقين وشهداء وأسرى كانوا خلف القضبان.

السنوات العشرين التي مضت عززت من محبته وتأثره بزملائه في العمل المقاوم خاصة زملاء المجموعة الأولى في القسام.

عن زملاء المقاومة أضاف: ليس هناك شخص محدد كان له الأثر في شخصيتي لكن أكثر من أثّر فيّ فترة أسري هم أبناء قضيتي وهم وليد وخميس عقل وجلال صقر وعيد مصلح وحازم العايدي وآخرين.

نقطة تحوّل

ليس من باب المبالغة القول أن عملية أسر الجندي جلعاد شاليط شكلت تحوّلا في حياة مئات الأسرى الفلسطينيين الذين كاد العالم الخارجي أن ينساهم وهم في قبور الأحياء.

الصبر الذي يتحلى به الأسير يستمده من الله فقط كما يقول دويدار:" الله فقط هو من يصبر الإنسان, تصوّر إنسانا مسجونا في حجرة صغيرة بها عشرة أشخاص!, لكن الإنسان بالإيمان والصبر والإرادة يتحمل المعاناة.

لا أحد ينسى تلك الأيام الأولى من أسر "شاليط" حين اشتعل الأمل في قلوب كبار الأسرى دفعة واحدة, يومها عادت أشواق الحرية ولمّ الشمل تداعب أحلامهم.

وكانت آمال الأسرى بالحرية قد تقلّصت بعدما فقدوا فرصة الحرية في صفقات التبادل السابقة وجولات من مفاوضات التسوية فشلت في إطلاق سراحهم.

عن ذلك أضاف: أول فترة أسرنا كنا نأمل أن نتحرر مع أي تطور في ملف الجندي (الإسرائيلي) المختفي "رون آراد" ولكن لم يحدث لنا شيء ثم تأملنا أن نتحرر عقب أية جولة مفاوضات بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية أو أية صفقة كانت تتم مع حزب الله ولكن لم يحدث شيء أما خطف شاليط فشكل لدينا أملا كبيرا في كتائب القسام وكان الاعتماد على الله في أن ننال الحرية.

متابعة مستمرة

وكانت كلما أتت وسائل الإعلام المتاحة في السجون على ذكر صفقة الأسرى يحبس دويدار انفاسه وزملاؤه ويرخي السمع وهو حفيظ على كل ما يقال!

وقال إنه لم يترك أية محطة إلا واستمع لأخبارها عن الصفقة لأنها أملهم بعد الله عز وجل في الحرية خاصة لأنه وإخوانه من أحكام المؤبدات لن يتحرروا إلا عبر صفقة تبادل. 

سخنت الأخبار عن قرب إتمام الصفقة قبل سنتين أثناء حكم رئيس وزراء الاحتلال ألمرت ثم ما لبثت أن فشلت لكن المتابعة المستمرة لأخبار الصفقة كانت متواصلة بين السجون والعالم الخارجي.

عن تلك المتابعة قال: تابعنا القضية عبر اتصالاتنا من داخل السجن مع قيادة حماس في الخارج وعلمنا منهم أن التفاوض في الصفقة عاد من جديد ثم تفاجأنا بخبر نشرته قناة العربية عن إتمام الصفقة فهرعنا نستمع للإذاعة العبرية فوجدنا أن هناك اجتماعا للمجلس الوزاري المصغر وأن الخبر صحيح وكان ذلك يوم الثلاثاء ثم أبلغونا بالحرية يوم الأحد ونشروا أسماءنا على الراديو.

ليلة الفرح

أي احلام هي التي حلّقت في ليلة الحرية فوق خيام وحجرات سجن النقب, القلوب كادت تقفز من بين الضلوع والوجوه كانت تنطق بملامحها دون الحاجة لمزيد من الفهم!

فرحة لا توصف عند الجميع! الكل كان ينتظر! جميع الأسرى بدؤوا في الحلاقة والكل يهيئ نفسه للحرية والكل كان يتمنى أن تشمله الصفقة لينعم بالحرية.

وحول تخوّفه من البقاء في الأسر قال:"إطلاقا لم أكن خائفا من هذا الأمر فأنا من أول مجموعة تأسست في كتائب القسام وأسماءنا من أول أسماء لائحة التحرير وكنت من أول 70 اسم وافق الاحتلال عليها , فإن لم يعمل إخواننا في حماس على تحريرنا في البداية سيحرروا من؟!.

أبلغ الاحتلال الأسرى يوم الأحد بقرار الإفراج والاستعداد للرحيل ثم نقلوهم إلى سجن "كتسعوت" النقب حيث مكثوا هناك حتى يوم التحرير والعودة.

عن آخر يوم في السجن قال دويدار:"كنّا متخوفين من غدر وخيانة اليهود وكنا خائفين حتى آخر لحظة من غدرهم ولكن بإيماننا بالله  وقدرة كتائب القسام على الاحتفاظ بشاليط 5 سنوات علمنا أن الصفقة ستنجح وبقينا كذلك حتى وصلنا صباح الثلاثاء معبر رفح ومكثنا ساعة وشعرنا بسخونة الأجواء وتخوّفنا من جديد أن يحدث خلل في الصفقة"..

لم يطمئن ناصر حتى جاءت باصات الصليب الأحمر وفكوا قيوده وانتظر وزملائه لساعتين وفي هذه المدة كان المصريون ينتظرون إشارة من المشرفين على الصفقة حتى جرى تحرير الأسرى واطمأنت قلوبهم.

النظرة الأولى

تمتع ناصر وبقية الأسرى في اللحظة الاولى من الحرية برؤية معبر رفح والمجاهد أحمد الجعبري ثم وفد رفيع من المصريين الذين كان لهم دور بارز في إتمام الصفقة.

 وعن لحظة دخول المعبر أضاف:"عندما بدأت الباصات بالتحرك كان ابني انس يبحث عني وقد سجنت وعمره 3 شهور وعندما رآني لم يتحمل الانتظار فرفعه شقيقي نعيم من شباك الباص ولم نتمالك أنفسنا وبدأت أقبله وأنا أبكي لأنه كبر وأنا كنت محروم من زيارتهم.

ويعتبر ناصر صفقة وفاء الأحرار مشرفة لأنها أول مرة يتم فيها الاختطاف والتفاوض من داخل فلسطين مشيرا إلى أن كل الأسرى داخل السجون أصبح لديهم قناعة أن التحرير لن يتم إلا بهذه الطريقة وبالقوة فقط خاصة أسرى المؤبدات.

 ويصف حياة السجن بالقول:"الحياة في السجن في الفترة الأخيرة صعبة للغاية فإدارة السجون سحبت كثير من منجزات الأسرى ومنعت عنهم الكتب وحتى المساطر ثم حرمونا من جزء كبير من "الكانتين"وقد حدث مؤخرا مضايقات كثيرة ومنع الزيارات من قبل الشرطة ثم أهم شيء معاناة العزل الذي كان السبب الأول في إضرابنا عن الطعام".

وأوصى الأسرى ناصر أن يتحدث للإعلام وكبار المسئولين عن معاناة الأسرى المرضى ومن أطرافهم مبتورة والمعزولين ومن أمضى فوق 20 سنة ومن أبرزهم الأسير حسن سلامة ومحمود عيسى وخالد الأزرق.

وتابع:"هم يتمنون من الجميع ألا تغمض أعينهم حتى يتحرروا ويتمنون من المقاومة أن تعمل بكل السبل لتحريرهم". 

وبدأ دويدار منذ الثلاثاء قبل الماضي فصلا جديدا في حياته بعد أن عاد لزوجته وولديه ومخيمه الذي درج فيه لكنه كبقية الأسرى المحررين ودون سابق اتفاق يتحدث عن فرحة ممزوجة بالحزن على من تركهم خلف القضبان.

اخبار ذات صلة