غزة / ديانا طبيل
يوم المعاق العالمي..يوم مهم في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة في كل انحاء العالم, تزداد فيه حقوقهم وتوفر فيه سبل العيش الكريم لهم ، بينما يمر الثالث من ديسمبر من كل عام على قطاع غزة مضيفا إلى إحصائيات المؤسسات التي تعنى بهذه الشريحة مزيدا من الأرقام لعدد المعاقين والمتضررين جراء العدوان المتواصل من قبل الاحتلال الصهيوني.
هذه الشريحة يصبح جل أحلامها الحصول على كرسي كهربائي يمكنها من متابعة تفاصيل حياتها اليومية.
رهن الحظ
في شمال القطاع التقت "الرسالة" الشاب أحمد المغربي" 21 عاما " والذي أصبح بين ليلة وضحاها يحمل اسم معاق جراء تعرضه لإطلاق نار من قناص اسرائيلى أثناء احد الاجتياحات ليفقد قدرته على الحركة بشكل كامل .
يقول المغربي: في مايو 2010 تمر الذكرى السادسة لاعاقتى ورغم هذه السنوات الخمس إلا اننى ولحتى هذا اللحظة لم احصل على كرسي كهربائي يمكنني من ممارسة حياتي أو التنقل ما بين المنزل والشارع, لا سيما وأنا مصاب بشلل ثلاثي لا يمكنني من التحكم بالكرسي اليدوي .
وأضاف مستدركا: لكن عدد الكراسي التي تدخل القطاع لا تكاد تكفى لعشرة بالمئة من عدد المعاقين ، وهذا يعنى أن حصولي على عجلة كهربائية سيظل رهن الحظ .
في حين تقول والدة المعاق المغربي أن حياة ابنها توقفت منذ إصابته فلم يستطع إكمال دراسته الثانوية لأنه بحاجة إلى شخص يرافقه طيلة الأربعة والعشرين ساعة ، موضحة أن ابنها يقضى حياته ما بين السرير والجلوس على باب المنزل أو أمام شاشة التلفاز ، أما في حال حصوله على كرسي كهربائي فسيتمكن من مغادرة البيت والذهاب إلى السوق أو جلب العلاج الخاص به أو زيارة أصدقائه دون اى مساعدة من الآخرين .
وطالبت المغربي المؤسسات الدولية الى النظر بعين الرأفة والرحمة لهؤلاء الشباب الذين دفعوا أعمارهم من اجل هذا الوطن ،خاصة وان عشرات الجمعيات التي تعنى بشئون المعاقين لديها كشوف بمئات الأسماء التي تنتظر دورها للحصول على كراسي كهربائي، لان العائلات بغزة غير قادرة على توفيره, فسعره يبلغ نحو 4000 دولار وهذه تكلفة مستحيلة للوضع المعيشي لمعظمهم في ظل الفقر المدقع والحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة.
إحدى المعجزتين
وعلى نفس الشكل الذي يقضى فيه المغربي يومه يقضيه علاء عوكل" 19 عاما " والذي أصيب برصاصة غادرة في عموده الفقري لتحيله إلى معاق لا يقوى على التحرك أو ممارسة حياته الطبيعية ، فمنذ ثلاثة سنوات وهو يقبع داخل منزل عائلته في معسكر جباليا للاجئين ، وفى صباح كل يوم يتمنى أن تحدث احدى المعجزتين أولهما أن تعود الحركة إلى جسده وثانيهما أن تتصل احدى المؤسسات لتخبر ذويه أن دوره في الحصول على كرسي كهربائي قد حان .
ويضيف المعاقون فئة مهمشة مجتمعياً والمؤسسات التي تعنى بنا تكاد لا توفر لنا اى وسائل تذكر ، ويقتصر الأمر على دعوتنا لحفل أو لإحياء مناسبة أو لإعطائنا شهادة تقدير ، أما ما يتم توزيعه من كراسي فهي بالعادة غير ملائمة لحالتنا أو إننا نمتلك واحدة مثلها .
ويطالب عوكل الحكومة الفلسطينية أن تنظر بعين الاعتبار إلى المعاقين بغزة وتحاول قدر المستطاع حماية حقوقهم من خلال دمج جهود المؤسسات وعمل قواعد بيانات تجمع كل المعاقين واحتياجاتهم .
في حين كان الشاب حسام عليان "20 عاماً" من بيت لاهيا، والذي بترت ساقيه في قصف صاروخي خلال اجتياح إسرائيلي لشمال قطاع غزة، أكثر حظاً لأنه تمكن من الحصول على كرسي كهربائي ساعده على تجاوز أزمته وأعاقته .
ويقول عن ذلك: مكنى الكرسي الكهربائي من الخروج من المنزل والعودة إلى الحياة وضجتها وهذا ساعدني على تجاوز الأزمة والعودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية رغم تغيبي عنها لثلاثة فصول كنت انتظر فيها دوري بالحصول على كرسي كهربائي ، والآن احمد الله على وضعي النفسي فأنا في السنة الثالثة من الدراسة وكلى أمل أن احصل بعد التخرج على وظيفة حكومية تمكنني من الاستمرار في الحياة وبناء أسرة سعيدة .
الأعلى عالمياً
وأعرب عليان عن أمله في تطبيق قانون المعاق الفلسطيني رقم 4 للعام 1999و الذي يمنحنا حقوقنا في مجال الخدمات الصحية وخدمات التأهيل والرعاية والتعليم والتشغيل، فضلاً عن حقوقنا في مجال الترفيه والرياضة والمشاركة في الحياة الثقافية للمجتمع.
في حين تمكن ساهر الناطور " 25 عاما " من مدينة غزة أن يشق طريقه في الحياة بعد امتلاكه لكرسي كهربائي مكنه من العمل في ميدان فلسطين من خلال بيع كروت الجوال وتصريف العملات إلى جانب صديق له يساعده في ممارسة هذه المهنة .
ويقول ساهر انه ومنذ إصابته شعر انه فقد كل معاني الحياة خاصة عندما كان يضطر إلى طلب المساعدة من أفراد أسرته أو احد المارة في الشارع ، بعد سنة من إصابته تمكن من الحصول على كرسي كهربائي بمساعدة احد أقربائه الذي يعمل مع مؤسسات أجنبية وبعدها وبمساعدة الأصدقاء والأهل استطاع أن يشق طريقه في الحياة كأي مواطن طبيعي .
في هذا السياق قال مركز الميزان لحقوق الإنسان إن نسبة المعاقين في الأراضي الفلسطينية تعد الأعلى على مستوى دول العالم، مطالباً المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة لحمايتهم من جرائم الحرب الإسرائيلية التي تنتهك حقهم في الحياة وتوقع الإعاقات في صفوفهم.
وذكر "الميزان" أن نسبة المعاقين تصل إلى حوالي 3.5 في المئة من مجموع السكان، وترتفع في محافظات قطاع غزة بشكل خاص لتصل إلى حوالي 4 في المئة، أي نحو 70000 وفقاً لمصادر اتحاد لجان الإغاثة الطبية.
وأفاد المركز في بيان أصدره بمناسبة اليوم العالمي للمعاق أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة أضاف حوالي 500 شخص إلى صفوف ذوي الإحتياجات الخاصة، جراء بتر في الأطراف وضرر في حاستي السمع والبصر لحقت بالفلسطينيين من سكان قطاع غزة، لافتاً إلى أن الحصار يمنع دخول الأدوات الطبية والتأهيلية اللازمة للمعاقين، ويعرقل خروج المحتاجين منهم للخدمات والعلاج خارج قطاع غزة.
قانون المعاقين
و أوضح المركز الحقوقي أن الحصار المشدد واستمرار العدوان يشكل عامل مثبط لقدرة الحكومة الفلسطينية والمؤسسات الأهلية والمجتمع المدني على إعمال قانون المعاقين رقم 4 لعام 1999، الذي يحمي جملة حقوق الإنسان بالنسبة للمعوقين ويضمن إشراكهم في العمل بنسبة 5 في المئة في كافة المجالات، كما يحمي حقهم في الوصول إلى كافة الخدمات ويلزم السلطات بموائمة المباني الحكومية بما يتناسب مع ذوي الإعاقة.
وأكد مركز "الميزان" أن استمرار الحصار يفضي إلى مضاعفة معاناة المعاقين وذويهم، ويسهم في التسبب بحدوث إعاقات جديدة في صفوف الأطفال، الأمر الذي يجب أن يدفع على المجتمع الدولي للتحرك لوقف الحصار بوصفه جريمة حرب كونه أحد أسوأ أشكال العقوبات الجماعية، ويرقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية بالنظر لكونه أحد أسوأ أشكال الاضطهاد العنصري .