قائمة الموقع

حرب المستوطنين.. نكبة جديدة

2011-10-31T16:17:27+02:00

القدس المحتلة– لمراسلنا

على وقع أصواتٍ وضجيج وتسلل رائحة الدخان إلى أنفاسه استفاق شهير حنني من قرية بيت فوريك شرق نابلس قبل عدة أيام، ففي البداية ظن أن أحدا ما نسي أن يطفئ نارا أوقدها، ليكتشف فيما بعد أنها نار حقد المستوطنين وصلت إليه وممتلكاته.

ورأى ذاك المواطن فيما يرى أي فلسطيني قبح اعتداءاتهم، فلم يكتفوا بإضرام النيران في مركبته "الغالية على قلبه" بل وفجروا أسطوانة غاز في إحدى الغرف الجانبية التابعة لمنزله وألحقوا بها أضرارا جسيمة.. ولعل كل تلك الجرأة لم تأت من فراغ بل من مساندة لجيش الاحتلال الذي تمركز في مكان قريب.

استباحة كل شيء

الحرب التي أعلنها المغتصبون في الضفة لم تترك شيئا إلا وحفرت بصماتهم عليه، فلا المساجد سلمت ولا المنازل ولا المركبات ولا حتى أرواح الفلسطينيين ليشكلوا همّا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ويقول المواطن أسعد حنني من بيت فوريك لـ"الرسالة نت" إن تصاعد اعتداءات المستوطنين في الفترة الأخيرة كلفتهم الكثير، فقبل أقل من شهر أضرموا النيران في ثلاث سيارات كانت متوقفة على أطراف القرية، كما أقدموا على الاعتداء على ممتلكات المواطن شهير.

ويؤكد حنني أن تلك الاعتداءات عادة ما تصاحبها تحركات مشبوهة لجيش الاحتلال الذي يقوم أحيانا بوضع الحواجز على مدخل القرية أو التواجد بشكل مكثف ينبئ بقرب اعتداء للمغتصبين، مبينا أن الجنود وعند وقوع أي اعتداء يكملون الدور بقمع الفلسطينيين المعتدى عليهم دون أدنى محاسبة للمغتصبين.

وفي المنطقة ذاتها تعاني قرى جنوب نابلس من حرب المغتصبين المتصاعدة خاصة في موسم قطف الزيتون، ذاك الذي ضُربت كل معانيه الاقتصادية بفعل عربدة لم تنته فصولها بعد.

فيقول المواطن عبد السلام عواد من قرية عورتا لـ"الرسالة" إن مجموعة من المغتصبين ترصد تحركات بعض العائلات في البلدة وموعد ذهابها لقطف الزيتون كي تقوم بالاعتداء عليها ومنعها من الوصول إلى أراضيها، موضحا أن عائلة من البلدة تعرضت خمس مرات متتالية للمنع من قطف ثمار الزيتون من قبل المغتصبين الذين يحاولون سرقة تلك الأراضي.

ويلفت عواد إلى أن جيش الاحتلال يقوم بخداع المواطنين، حيث يبلغهم بأن هناك تنسيقا بعدم دخول المغتصبين للأرض كي يسرعوا في قطف الزيتون، ولكنهم حين يصلون إلى الأراضي يفاجأون بوجود مجموعات منهم وقد استعدت بالأسلحة والهراوات والحجارة للاعتداء.

ويضيف: في أكثر من مرة نتعرض للاعتداء من المغتصبين وذلك أمام أعين الجنود الذين لا يحركون ساكنا، فيما يبلغنا أحد الضباط أن أمامنا ثلاثة أيام فقط لإنهاء قطف الزيتون فيما يقارب ثلاثة آلاف دونم، فهذا الإجراء نحن نعرف هدفه وهو أن نبعد عن أرضنا ولكننا لن نتركها".

وما زالت روائح ألسنة اللهب التي اشتعلت في عدة مساجد في الضفة شاهدة على جرمهم، ولكن لا حيلة في اليد أمام تجبر المغتصبين ومساندة جنود مدججين بأعتى أنواع الأسلحة وتنسيق أمني لا يسمح لصاحب الأرض أن يدافع عن نفسه حتى لو بلغ الاعتداء درجة القتل.

اعتداء ممنهج

ويرى الكثير من المراقبين أن اعتداءات المغتصبين في الضفة ممنهجة وتحمل طابعا منظما يهدف إلى ترحيل الفلسطينيين بمساعدة من أذرع حكومة الاحتلال التي تدّعي أحيانا أنها تقوم بمحاسبة المغتصبين.

وفي هذا يعتبر الخبير في شؤون الاستيطان جمال جمعة أن المغتصبين هم من يقودون تحركات حكومة الاحتلال التي تستجيب لهم بل تساندهم وتوفر لهم كل الإمكانيات.

ويقول جمعة لـ"الرسالة نت" إن مجموعات من المغتصبين تنظم نفسها فيما يشبه العصابات وتقوم باعتداءاتها على كل ما تطاله أيديهم، فمثلا في جنوب نابلس يمنعون قطف الزيتون ويستغلون الانتشار الأمني الصهيوني المكثف للقيام بعربدة أخرى كحرق السيارات والمنازل، في حين يدرسون خططا لاحتلال عدة أماكن في الضفة وقراها باعتبارها بؤرا استيطانية تابعة لهم تحت ذرائع مختلفة ودائما أمام أعين جنود الاحتلال بل وبمساندتهم.

ويضيف: ما يقوم به المغتصبون في الفترة الأخيرة في مدن الضفة غير مصنف إلا ضمن إطار إرهاب وحرب يقودونها ضد كل ما هو فلسطيني، وهم يهدفون بذلك إلى تحطيم حلم الفلسطينيين بأي دولة وكأنهم يريدون القول (هذه دولتنا)".

وبرزت خلال الأيام الأخيرة عبارات برع في نشرها المغتصبون مثل "هذا زيتون تابع لليهود" من خلال نشر إعلانات وملصقات على أراضي وأشجار الفلسطينيين في بيت لحم وبيت صفافا والجانية غرب رام الله وغيرها، الأمر الذي ينذر بنوايا لديهم لا تخفى على أهالي الضفة المحتلة.

السلطة وسباتها

وبينما تتغلغل اليد الاستيطانية أكثر فأكثر في قلب الضفة تاركة الدمار والإرهاب والتخريب، تقف السلطة موقف المتفرج بل النائم تجاه تلك الممارسات، وفي بعض الأحيان تصل إلى درجة المساعدة فيها!

ولا تبرع وسائل الإعلام التابعة لها إلا في إحصاء الاعتداءات الاستيطانية نهاية كل شهر وصياغة الأخبار حول جرائمهم، بينما لا تصل درجة التفكير لديها إلى محاولة إيجاد حل جذري لإيقاف اعتداءاتهم التي لم تكن بهذه الحدة حين كانت المقاومة تدك حصونهم.

ويرى النواب الإسلاميون في الضفة أن اعتداءات المغتصبين المتصاعدة على أرض الضفة تتزايد بسبب عدم وجود رادع كالمقاومة، معتبرين أن السلطة بتنسيقها الأمني وبحماية المغتصبين وبمحاربة المقاومة تساعد في تصاعد تلك الاعتداءات.

ويؤكد النواب أن المغتصبين يجرؤون على اقتحام القرى والمدن وإحراق مساجدها وممتلكات المواطنين فيها بسبب معرفتهم المسبقة بأن السلطة تمنع أي شكل للمقاومة وتطارد من يقوم بها على أساس تحقيق السلام!

ولا بد أن نضرب مثال قطاع غزة حين كنا نرى المغتصبين يعتدون على المنازل والمزروعات، بينما الآن لا يجرؤ حتى جندي داخل دبابة أن يقترب من حدود القطاع لما صنعته المقاومة من ردع.

اخبار ذات صلة