غزة – الرسالة نت
أكدت وزارة شئون الأسرى والمحررين بان ما يزيد عن (290) ألف مواطن فلسطيني مروا بتجربة الاعتقال في سجون الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة الأولى في الثامن من ديسمبر 1987م ، بينهم (210) آلاف حالة من بداية الانتفاضة حتى قدوم السلطة الفلسطينية في منتصف عام 1994 ، و(10000) حالة اعتقال ما بين عام 1994 وحتى اندلاع انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من سبتمبر 2000 ، و(70) ألف حالة اعتقال خلال سنوات انتفاضة الأقصى ولحتي الآن ليصل مجموع من ذاقوا مرارة الاعتقال في سجون الاحتلال(290) ألف مواطن من مختلف الأعمار والفئات والشرائح .
واعتبرت الوزارة في تقرير لها بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لاندلاع الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة ) لجوء الاحتلال إلى استخدام سياسة الاعتقال ضد الفلسطينيين منذ احتلاله للأرض الفلسطينية عام 1967 ، يهدف إلى وقف مقاومة هذا الشعب المجاهد ، وكسر إرادته ، وإخضاعه لاملاءات الاحتلال ، و بث اليأس والخوف في صدور أبناء الشعب الفلسطيني بعد أن يسمع عن ممارسات الاحتلال بحق الأسرى في السجون ،وما يتعرضون له من تنكيل وتعذيب وقتل ، إلا انه وعلى الرغم من الأعداد الهائلة التي اعتقلها الاحتلال والتي وصلت إلى ما يقارب من (750) ألف فلسطيني، يشكلون ما نسبته 20% من الشعب الفلسطيني ،إلا أن الاحتلال فشل بشكل كامل فى تحقيق أهدافه من وراء تلك السياسة ، ولم يستطيع أن يوقف هذا الشعب عن مقاومته أو ثنيه عن طريق الجهاد والتضحية من اجل إنهاء الاحتلال استعاده حقوقه .
فشل للاحتلال
وقال رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة بان السحر انقلب على الساحر حيث أراد الاحتلال بالاعتقال القضاء على إرادة هذا الشعب ، فحدث العكس حيث تحول الأسر والاعتقال إلى مصدر اعتزاز وفخر للشباب الفلسطيني، الذي يدافع عن أرضه ومقدساته ، وأصبح الأسرى يخرجون من السجون أكثر وعياً وتمسكاً بحقوقهم ، وأكثر إصراراً على مواصلة طريق المقاومة ،وخاض الأسرى المحررين غمار التصدي لمخططات الاحتلال ، وقادوا العمل الوطني لسنوات طويلة ،وهذا دفع بأبناء الشعب الفلسطيني إلى سلوك نفس الطريق الذي سار عليه هؤلاء الأسرى .
وأضاف الأشقر بان أوضاع الأسرى خلال الانتفاضة الأولى كانت أسوء بكثير مما هي عليه الآن ، وكانت السجون تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحياة البسيطة ، ولا يتوفر فيها العشرات من الأدوات والأجهزة التي تنتشر في السجون في الوقت الحالي ، كالتلفزيونات ، والراديو هات وبلاطات التسخين ،وغيرها ، وكان الطعام سئ كماً ونوعاً بشكل يفوق ما عليه الآن من السوء والقلة، ولا يوجد أغطيه أو فرشات أو ملابس، وكانت السجون تتكدس بالأسرى إلى حد ان ينام الأسير على جانبه لكي يفسح مجالاً لغيره من الأسرى للنوم، كذلك كان العديد من السجون يمنع فيها الزيارات بشكل نهائي فسجن "كتسيعوت" في صحراء النقب مثلاً والذي افتتح في عام 1988،لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الأسرى، الذين كانوا يعتقلون يومياً من مناطق الضفة والقطاع ، لم يسمح بزيارة الأسرى فيه سوى في نهاية عام 1991، وكان العنف الجسدي هو السائد في التعامل مع الأسرى ، حيث استشهد نتيجة ممارسة أساليب التعذيب القاسية والمحرمة دولياً ضد الأسرى (23) أسير فلسطيني، مقابل (5) شهداء من الأسرى سقطوا نتيجة التعذيب خلال انتفاضة الأقصى ، وهذا لا يعتبر تغييراً نحو احترام القانون الدولي ،ولكن الاحتلال بدأ في السنوات الأخيرة يعتمد على أساليب التعذيب النفسي أكثر من التعذيب الجسدي ،الأمر الذي يفسر هذا العدد القليل من شهداء الحركة الأسيرة الذين سقطوا نتيجة التعذيب خلال انتفاضة الأقصى ،في المقابل هناك ارتفاع في عدد الأسرى الذين استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي المتعمد .
أسرى منذ الانتفاضة الأولى
وبين الأشقر بأنه لا يزال في سجون الاحتلال (319) أسير معتقلين منذ الانتفاضة الأولى وقبلها وهم الأسرى القدامى الذين رفض الاحتلال الإفراج عنهم بعد اتفاق أوسلو ، منهم ( 127 ) أسيرا من الضفة الغربية، وأقدمهم وأقدم الأسرى جميعاً الأسير ( نائل البرغوتى) والمعتقل منذ4/4/1978 ، ومنهم (127) أسيراً من قطاع غزة، وأقدمهم الأسير(سليم الكيال) والمعتقل منذ 1983.،و هناك ( 44 أسيراً ) من الأسرى القدامى، من أبناء القدس وأقدمهم فؤاد الرازم، المعتقل منذ1981، و( 20 أسيراً ) من أراضي 1948وأقدمهم الأسير (سامي خالد يونس )، ومعتقل منذ 1983 ، واسيراً واحداً من الأسرى العرب .
وقدمت الحركة الأسيرة خلال الانتفاضة الأولى (43) شهيداً ، منهم (25) من الضفة الغربية و(18) شهيد من قطاع غزة ، بينهم(23) شهيد قضوا نتيجة التعذيب، و(11) أسير استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي المتعمد و(2 ) من الشهداء استشهدا نتيجة إطلاق النار عليهما مباشرة ، وكذلك استشهد (7) أسرى نتيجة القتل العمد بدم بارد بعد الاعتقال .
وأوضح التقرير بأن الاحتلال اعتقل منذ 1967 ما يزيد عن (750) ألف فلسطيني ، لا يزال منهم (8300) أسير داخل سجون الاحتلال ،بينهم (370) من الأطفال وهو العدد المتبقي من أكثر من (7500) طفل اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى ،وهناك (34) أسيرة لا يزلن رهن الاعتقال ، وكذلك هناك (400) أسير يخضعون للاعتقال الإداري الظالم دون محاكمة أو تهمة تدينهم ،وهناك (18) نائب فى المجلس التشريعى مختطفين لدى الاحتلال ، وأكثر من (1600) أسير مريض في ظل إهمال طبي متعمد ومقصود ، كما وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى (197) أسير شهيد ،منهم ( 70 ) أسيراً استشهدوا نتيجة التعذيب ، و( 50 أسيراً ) سقطوا نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد و ( 70 ) استشهدوا نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال ، و(7) نتيجة إطلاق النار المباشر على الأسرى .
اعتقالات مكثفة
وأوضح الأشقر أن نسبة الاعتقالات خلال الانتفاضة الأولى كانت كبيرة جداًً قياساً بالانتفاضة الثانية نظراً للاحتكاك المباشر بين المواطن الفلسطيني وقوات الاحتلال التي كانت تسيطر على الاراضى الفلسطينية بالكامل ، لذلك لجأ الاحتلال إلى افتتاح سجون جديدة لاستيعاب هذا العدد الهائل من المعتقلين ، ومن ابرز واكبر السجون الذي افتتحها الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى (سجن النقب) حيث اعتقل في هذا السجن ما يزيد عن (100) ألف أسير ، كانت تمارس فيه سلطات الاحتلال كافة أشكال الاهانة والتنكيل بالمعتقلين ،من اقتحام الأقسام والاعتداء على الأسرى بالضرب ورش الغاز السام ،هذا عدا عن عمليات الاقتحام بعد منتصف الليل بحجة العدد الأمني للمعتقلين ،ولا تبالي إدارة السجن بالأوضاع المناخية حيث يعتبر الجو الصحراوي من اشد المناطق برودة فى فصل الشتاء وأشدها حراً في الصيف مما يزيد من معاناة المعتقلين ،بالإضافة إلى العدد اليومي لثلاث مرات ،والتنغيص على حياة الأسرى بالنقل والعزل والقمع ، وعدم السماح بزيارة المحامين والأهل ، وعدم تقديم العلاج اللازم للمرضى ،و كان العلاج الوحيد الذي يقدم للمرضى هو الماء ، ثم تقدمت أساليب العلاج في السجن فكان العلاج السحري (حبة الاكامول) علاجاً شافياً لكل الأمراض بما فيها الخطيرة ، كذلك كانت هناك أوامر للسجانين بالتعامل مع الأسرى بكل بقسوة وعنف .
واستشهد في هذا السجن وتحديداً في 16/8/1988 اثنين من الأسرى هما الأسير(اسعد جبر الشوا) من غزة والأسير (بسام إبراهيم الصمودى ) من جنين نتيجة قيام حراس السجن بإطلاق النار المباشر عليهما من قبل حراس السجن ، وقد أغلق هذا السجن نتيجة تقلص عدد المعتقلين بعد اتفاق أوسلو الذي أفضى إلى إطلاق سراح عدة آلاف من الأسرى ، وأعيد افتتاحه في عام 2002 لاستيعاب الإعداد الكبيرة من المعتقلين بعد اندلاع انتفاضة الأقصى ،فى ظروف قاسية حيث عمدت إدارة السجن إلى إقامة جدران أسمنتية عازلة بين الأقسام يصل طولها إلى ثمانية أمتار، لمنع التواصل بين المعتقلين وحجزهم في كانتونات الهدف منها مزيد من الضغط والقهر بحق الأسرى، كما تمارس إدارة السجن أسلوب العدد المفاجئ بعد منتصف الليل ،والتفتيش العاري، كما تنتشر الحشرات والزواحف السامة في الأقسام ، ويمنع الأسرى من زيارة ذويهم لفترات طويلة ، ويمنع أهالي الأسرى الذين يتمكنون من الزيارة بعد سفر طويل وإجراءات شاقة من إدخال الملابس والأغراض لأبنائهم الأسرى .
وخلال الانتفاضة الحالية ارتقى في سجن النقب ثلاثة شهداء اثنين منهم بسبب الإهمال الطبي المتعمد وهم (جمال حسن السراحين) من الخليل والأسير (جواد عادل ابو مغصيب) من دير البلح بقطاع غزة ،بينما ارتقى الثالث وهو الشهيد (محمد الأشقر) نتيجة إطلاق النار الحى عليه مباشرة من قبل حراس السجن ، أثناء احتجاج سلمى على أوضاعهم المعيشة الصعبة .