قائمة الموقع

الطفل "الزعلان" يلحق بوالده للجنان

2011-12-10T15:53:55+02:00

الرسالة نت - كمال عليان

بجانب قبر ابن أخيه الشهيد رمضان جلس "طلعت الزعلان" ينظر إلى الناس وهم يواسون العائلة باستشهاده، وكأن الأيام تعيد نفسها، فقبل يوم من دفن الشهيد رمضان تم دفن والده الشهيد رجب الزعلان في ذات المقبرة.

ينظر طلعت -شقيق الشهيد بهجت وعم الشهيد الطفل رمضان- إلى القبرين المتلاصقين نظرات الحسرة والألم قائلا: "ها قد لحقت بوالدك الذي لطالما تعلقت به يا رمضان.. ربنا يرحمكم".

وتعود بداية حكاية الموت الى ليلة الثامن من الشهر الحالي عندما كان الطفل رمضان الزعلان  ابن الاثني عشر عاما نائما بجوار اخوته في بيتهم المتواضع، قبل أن تقصف طائرات الاحتلال موقعا للمقاومة الفلسطينية بجوار منزلهم وتحوله إلى ركام.

وكان المئات من المواطنين قد شيعوا بعد صلاة الظهر، السبت، جثمان الطفل رمضان بعد يوم من تشييع والده الشهيد بهجت.

"بعد القصف دخلت بيت أخي بهجت مباشرة، وجدته مخضماً بالدماء، بعد أن اخترقت جسده  الشظايا".. يقول شقيق الشهيد الذي يسكن بجواره.

كلمات حارقة خرجت من فم طلعت أفاضت دمع جميع من تواجد في المكان: "عندما دخلت منزل أخي المدمر وجدته يلفظ أنفاسه الأخيرة ويقول "الحقوا أولادي .. الحقوا أولادي".

وفي لحظة ألم جثمت على صدور من كانوا في المكان جميعا قطع الأربعيني أبو العبد وهو جار الشهيد صمت الجميع وكانت دمعته تغطي عينيه بضباب حزن كثيف وقال :" بعد القصف دخلت منزل بهجت وتوجهت لغرفة الأطفال، لأجد ركام المنزل والشظايا تعتلي أجساد الصغار".

ويضيف أبو العبد وقد خرجت منه حشرجة دمعة قاسية: "شرعت فوراً بإزالة الركام عن الأطفال، حتى وجدت رمضان وحملته واعتقدنا حينها أنه استشهد على الفور؛ لكن في المستشفى أبلغونا أنه حي، وقدَّر الله بعدها أن يلحق رمضان بوالده شهيداً".

صمت طلعت -عم الشهيد- قليلا ثم استعاد قواه من جديد ليكمل: "كان المشهد صعباً للغاية، ولا أذكر أني مررت بما هو أصعب في حياتي، فلم أكن أتصور أن أرى أخي وعائلته بهذا المنظر؛ لكن الحمد لله على قضاءه وقدره، وحسبي الله ونعم الوكيل".

وفي مسجد عباد الرحمن بمخيم الشاطئ -حيث شُيّع الشهيد رمضان- وقف الطفل محمد ينظر إلى صديقه رمضان وهو مسجي على أرض المسجد، حتى أنه لم يستطع الاقتراب من جثمانه ووداعه، واكتفى بالنظر إليه من بعيد.

يقول وكله خوف من المشهد الذي أمامه :" مش عارف كيف بدي اروح على المدرسة من اليوم وطالع، فأنا ورمضان نذهب إلى المدرسة سويا ونعود إلى البيت سويا، ولا أدري كيف سأجلس على مقعد الدراسة وهو ليس جالس بجانبي"

وبينما كان يمسح دموعه من على وجنتيه يضيف : " قبل استشهاده بيومين كنا نلعب كورة في المدرسة وأكملنا اللعبة في الحارة، ولم أكن أعلم أن هذه اللعبة هي آخر ذكرى بيننا... الله يرحمه وان شاء الله كل يوم بدي اقرأ قرآن على روحه".

ويهز الحاج أبو محمد برأسه تصديقا لحديث ابنه محمد ويقول:" صحيح .. علاقة محمد برمضان الله يرحمو علاقة قوية جدا، فهم لا يفارقون بعضهم بعضا، إما في المدرسة أو في بيتنا أو في بيتهم".

ويؤكد أبو محمد أنه حزين جدا على ولده بعدما فقد أعز أصدقائه، متمتما بقوله:" حسبنا الله ونعم الوكيل على اليهود، شو عمللهم رضمان وأبوه!!".

الشاب العشريني محمد خالد أحد جيران الشهيد بدأ حديثه حول تفاصيل الحادث بروح ألهبتها الفاجعة قائلا: "القصف الاسرائيلي يومها كان منتصف الليل فألغى سكونه، ودمر زجاج المنازل المجاورة، وحطم منزل الشهيد بهجت رحمه الله".

يعود بذاكرته إلى ما قبل ثلاثة أيام ويضيف: "توجهنا وجميع الجيران لإنقاذ البيت المدمر إلا أن بهجت قد استشهد على الفور ونقلنا أبناءه وزوجته التي قد اصيبت بعدما وقع عليها باب حديدي إلى المستشفى".

أطرق محمد رأسه وصمت هنيهة ثم تابع: "استشهد بهجت وابنه رمضان وأصيبت زوجته وأبنائه الآخرين، حيث يرقد أحدهم في العناية المكثفة بالمستشفى حتى اللحظة".

عاش بهجت وولده رمضان في الدنيا سوية يوماً بيوم، وها هما يزفان الى الاخرة معاً، غادر رمضان، ولسان حاله يردد "بأي ذنب قُتلت؟!".

اخبار ذات صلة