معاقون: قضيتنا موسمية ونطالب بتطبيق "قانون المعاق"
الشئون الاجتماعية: لدينا برامج لهم ونجري مسحا لتحديد احتياجاتهم
جمعيات: الحصار يمنع دخول الأدوات الطبية والتأهيلية
غزة/لميس الهمص
اصطف المئات من المعاقين الفلسطينيين من مختلف الأعمار في يومهم العالمي رافعين اللافتات والأعلام، راسمين لوحة فنية معبرة عن التحدي والإصرار والإبداع.
ويقف المعاقين ليطالبوا بحقوقهم التي حرموا منها ، مؤكدين أنهم لا يحظون بالاهتمام إلا في هذا اليوم من العام .
ويحتفل العالم في الثالث من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للمعاق، الذي يصادف الإعلان عن الاتفاقية الخاصة بحقوق ذوي الإعاقة لعام 2006، وهي الاتفاقية التي سعت إلى الإقرار بحقوق ذوي الإعاقة والتعاطي معها من خلال نهج وفعل قانوني ملزم.
ويقضي المعاقون في غزة أوقاتهم بالتنقل بين الجمعيات التي تهتم بشئونهم وترعاهم على أمل إيجاد مساحة لاختراق الساحة الاجتماعية والتغلب على العراقيل التي تقف في وجههم.
مطالبة بالحقوق
وتتزايد مطالب المعاقين بدمجهم في المجتمع والبحث عن حقوقهم رغم قناعتهم بضياع حقوق الأصحاء والمنكوبين والمدمرة بيوتهم في قطاع غزة، ما يجعل من رحلة البحث تلك مهمة صعبة ومعقدة.
وعبر المعاقون عن آرائهم أثناء إحيائهم يوم المعاق العالمي، حيث يمر عليهم هذا العام بشكل مختلف عن سابقيه حيث تزايدت أعداد المعاقين بشكل لافت عقب الحرب على غزة التي أدت لإعاقة ما يزيد عن ستمائة شخص بإعاقات مختلفة .
الشاب أحمد علي الذي أصيب برصاصة في عموده الفقري خلال الحرب الأخيرة على غزة أحالته إلى معاق لا يقوى على الحركة وجعلته حبيس منزله طالب من خلال "الرسالة" إلى النظر للمعاقين ومعاناتهم وألا تقتصر الاحتفالات على يوم واحد سنويا.
وأوضح أن المعاقين فئة مهمشة مجتمعياً والمؤسسات التي تعنى بهم تكاد لا توفر لهم أية وسائل تذكر، متمنيا من الحكومة أن تنظر بعين الاعتبار إلى المعاقين بغزة وتحاول قدر المستطاع حماية حقوقهم من خلال دمج جهود المؤسسات وعمل قواعد بيانات تجمع كل المعاقين واحتياجاتهم .
ويطالب المعاقون المسئولين أن يأخذوا بحسبانهم احتياجاتهم لاسيما أنهم باتوا يشكلون نسبة كبيرة في الأراضي الفلسطينية ، ودعوا لسن القوانين والتشريعات ضمن حقوق المعاق لتلبية احتياجاتهم والعمل من أجل توفير حياة آمنة ومستقرة لهم كباقي الأصحاء.
وتشير مصادر متخصصة إلى أن نسبة المعاقين في الأراضي الفلسطينية تعتبر الأعلى على مستوى العالم، حيث تصل إلى حوالي 3.5% من مجموع السكان، وترتفع في محافظات غزة بشكل خاص لتصل إلى حوالي 4% أي نحو 70000 معاق.
ويقول سمير زقوت مدير وحدة البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان أن الإعاقة تشكل سبباً للتمييز في العمل وحرمان المعاقين من الحصول على فرص عمل أسوة بأقرانهم الأصحاء، مشيرا إلى أن الحصار يمنع دخول الأدوات الطبية والتأهيلية اللازمة للمعاقين ويعرقل سفر المحتاجين منهم للعلاج.
وأكد أن الحصار المشدد واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية تعد عاملا مثبطا لقدرة الفلسطينيين على إعمال قانونهم الخاص (القانون رقم 4 لعام 1999) والذي يحمي حقوق المعاقين ويضمن إشراكهم في العمل بنسبة 5% في كافة المجالات ويصون حقهم في الوصول إلى كافة الخدمات ويلزم السلطات بمواءمة المباني الحكومية بما يتناسب مع ذوي الإعاقة.
كما أكد زقوت وجود علاقة وطيدة بين الفقر والبطالة والإعاقة كونهما يسهمان في إحداث إعاقات جديدة، مشيرا إلى أن الفقير أو العاطل عن العمل لا يستطيعان تأمين تغذية صحية ومتنوعة لأطفالهما وكذلك الأمر فيما يتعلق بالرعاية الصحية.
تحدي
وتقول آمنة ضاهر الطالبة في قسم العلوم التربوية بالكلية الجامعية أن الإعاقة ليست عائقا أو شيئا يجب أن يشعر صاحبه بالخجل وإنما هي حافز أكبر للإبداع والإنجاز والإنتاج، مضيفة أن هناك من العظماء من كان يعاني من الإعاقة وكانت إعاقته سبب تحد له أمثال الشيخ أحمد ياسين والمبدعة هيلين كيلر والأديب طه حسين.
ووجهت ضاهر رسالة إلى المجتمع الفلسطيني بألا يخجل وهو يحصي عدد المعاقين به فلربما تكون إعاقتهم سببا لتخطيهم حاجز الإبداع والتفوق، موجهة رسالة أخرى إلى الأسر التي تحوى أفرادا معاقين بالصبر والثبات والتشجيع للمعاق وأن يكونوا عنصر تحفيز لأبنائهم وألا يشعروهم بالنقص.
وتتزايد مطالب المعاقين بحفظ حقوقهم في الوظيفة العمومية وتطبيق القانون الذي ينص على منحهم ما نسبته 5% من الوظائف الحكومية .
وفي هذا السياق ذكر أحمد الكرد وزير الشؤون الاجتماعية أن وزارته تعنى بشكل جدي بالمعاقين فتمنحهم رعاية صحية من خلال التأمين الصحي المجاني ، كما أنها تقدم مساعدات مالية شهرية لـ6700 معاق، وتحاول دمجهم بالمجتمع من خلال الأدوات المساعدة كالكراسي الكهربائية .
وأوضح أن وزارته تعنى بمتابعة تطبيق قانون المعاق وضمان 5% من الوظائف الحكومية ، مبينا أن تطبيق هذا القانون جار في عدد من الوزارات إلا أن هناك بعض التخصصات التي تطلبها الوزارات لا يتقدم لها أي من المعاقين كون غالبيتهم يتقدمون للأعمال اليدوية وهي تعتبر وظائف محددة وبأعداد قليلة داخل الوزارات .
وحول الآلية التي يتم بها صرف مساعدات شهرية للمعاقين بين الكرد أن ذلك يأتي بناء على مسح لحالات المعاقين من حيث الوضع المادي الصعب وشدة الإعاقة ، وبنفس الطريقة توزع الكراسي المتحركة من خلالا طاقم طبي متخصص .
وأشار إلى وجود تعاون كامل من المؤسسات الأهلية مع الوزارة والخدمات جمعيها تقدم بالتنسيق مع الوزارة ، مؤكدا على مشروع مسح شامل للمعاقين تقوم به الوزارة لأول مرة بالتعاون مع مؤسسات مدنية لتحديد احتياجات كل معاقي القطاع وتقديم الخدمات لهم بناء على ذلك المسح الذي سينتهي مع نهاية العام.
وبحسب الكرد فإن استنكاف الموظفين أثر بشكل سلبي على الخدمات المقدمة للمعاقين فكانت هناك مراكز تأهيل تتوزع في جميع محافظات القطاع إلا أنها أغلقت بعد استنكاف 99% من موظفيها ، منوها إلى أن الوزارة استطاعت إعادة فتح مركز التأهيل بغزة وعاد ليمارس مهامه من جديد.
الوحيد في القطاع
ويعتبر مركز الأطراف الصناعية الوحيد في القطاع الذي يخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعمل المركز التابع لبلدية غزة على مساعدة حالات البتر في القدمين أو الساقين لتوفير طرف صناعي يستطيع المريض من خلاله متابعة حياته بشكل طبيعي بعد أن يتدرب على التعامل معه ، كما نجح المركز في التعامل مع حالات الشلل وتقوس القدمين لدى الأطفال واستطاع القضاء عليها.
وبحسب مدير المركز حازم الشوا فإن المركز يتعامل مع خمسة آلاف حالة كانت قبل الحرب الأخيرة على غزة من مرضى السكر وضغط الدم بالإضافة لمرضى تصلب الشرايين وضحايا حوادث الطرق، وجرحى الانتفاضة والاقتحامات الإسرائيلية والقصف، مشيرا إلى أن الأعداد تضاعفت بعد الحرب الأخيرة على غزة ومن المحتمل أن يحتاج أكثر من 250 شخصا لأطراف صناعية ، منوها إلى التشوه الكبير الذي يعاني منه مصابو الحرب فإصاباتهم المعقدة تجعل التعامل مع حالاتهم صعب للغاية كون البتر الذين يعانون منه معقد وفي أغلب الحالات تكون القدم الأخرى السليمة ضعيفة.
وبحسب المعلومات الراشحة عن المركز فان 43% ممن ينتفعون من خدمات المركز هم أطفال دون سن الخامسة ويعانون من أمراض خلقية أو وراثية أو مرضية وبحاجة لأجهزة تقويم لربطها على أقدامهم والقضاء على أي تقوس فيها.
ويزيد عدد المؤسسات الأهلية التي تقدم خدماتها للأشخاص المعوقين في قطاع غزة عن 55 مؤسسة موزعة على كافة المحافظات، وتعمل مع مختلف أنواع الإعاقات وتتركز هذه المؤسسات في مدينة غزة وذلك بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا.
جرائم مستمرة
وقالت جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية:" إن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة أدى إلى إصابة أكثر من ستمائة فلسطيني بإعاقات"، مطالبة كافة المؤسسات الرسمية والأهلية بدعم حقوق المعاقين وتمكينهم من ممارسة دورهم في المجتمع".
وأضافت الجمعية في بيان صدر عنها "أن هذا العدد من المعاقين يستلزم زيادة المسئولية الجماعية تجاههم ليجدوا مكانهم في مجتمعهم من جديد كأفراد قادرين مستقلين معتمدين على أنفسهم".
وأوضحت أن فلسطين تحيي يوم المعاق لكن هذه المرة بشكل مختلف حيث تمر المناسبة والشعب الفلسطيني ما يزال صامداً رغم الجراحات والآلام والمصاب الجلل"، متساءلة: "أين العالم المتحضر من هذه الجرائم؟ وهل قوافل الشهداء والجرحى والمعوقين والمهجرين غير كافية لوقفة جادة؟".
وأشارت إلى أن حدوث الإعاقات أمر شائع يحدث لأي فرد وفي أي سن فالرصاص الغادر لا يفرق بين شاب أو امرأة أو طفل أو شيخ، كما ازدادت مظاهر العجز والإعاقة بين أبناء الشعب الفلسطيني ومعها ازدادت عليهم تعقيدات الحياة نفسياً واجتماعياً وتعليمياً ومهنياً.
وأكدت الإغاثة أن حالة الانقسام الفلسطيني الراهنة والحصار الإسرائيلي المفروض تُعد عائقاً كبيراً نحو إحداث التغيير الإيجابي للأوضاع المعوقين، ولها تأثيرات خطيرة على واقعهم، مطالبة كافة القوى والفصائل لإنهاء الانقسام، والمجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لرفع الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة.
من جهته قال رئيس الاتحاد العام للمعاقين عوني مطر "بالرغم من توافر الأدوات القانونية لدعم حقوق المعاقين الفلسطينيين، إلا أنه لا تزال هناك العديد من المعيقات كالحصار وعدم توفر مناخ سياسي ملائم يدعم ويفعل هذه القوانين".
وطالب مطر كافة المؤسسات الحكومية والأهلية الوطنية والدولية بالعمل على توفير كافة التسهيلات اللازمة لتمكين المعاقين من لعب دورهم كمواطنين داخل المجتمع وحمايتهم من التمييز والحرمان ، داعيا إلى تطبيق قانون حقوق المعاقين الفلسطيني الذي كفل للمعاق حق التمتع بالحياة الحرة والعيش الكريم.
دعم الحقوق
من جانبه أكد د. أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي اهتمام المجلس التشريعي بشريحة المعاقين وذلك من خلال سن القوانين التي تدعم حقوقهم، موضحا أن ذلك يشكل واجبا أساسيا يتمثله المجلس التشريعي وحقا طبيعيا ووفاء خالصا لشريحة المعاقين دون منة من أحد.
وشدد بحر على ضرورة تقديم المساعدة لهذه الشريحة الهامة، واصفا المعاقين بأنهم الأسوياء الذين يتربعون في سويداء قلوبنا، مشيرا إلى أن لجنة التربية في المجلس التشريعي -ممثلة بالنائب هدى نعيم التي تحمل على عاتقها هذا الملف- قامت بجهود جبارة من أجل الدفاع عن حقوق هذه الشريحة.
و طالب بحر دول العالم الحر والمنظمات الدولية بالنظر إلى حجم الأضرار التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، وخصوصا أن نسبة المعاقين في قطاع غزة هي الأعلى بين دول العالم، بسبب همجية الاحتلال الصهيوني المتكررة خاصة خلال حربه الأخيرة على القطاع، مشددا على ضرورة تقديم قادة الاحتلال الصهيوني كمجرمي حرب إلى المحاكم الدولية إذا أرادت هذه المنظمات الدولية أن تساهم في تقديم الدعم للمعاقين.