قائمة الموقع

عزبة عبد ربه ... شاهد على الحرب

2011-12-29T08:19:10+02:00

غزة - أحمد أبو قمر

اقترن اسم عزبة عبد ربه بالحرب الأخيرة على غزة، فكل ما تراه عيناك هو بقايا حجارة المنازل المدمرة وآثار المساجد والمصانع التي كانت شامخة في وقت من الأوقات، وكأن زلزالا ضرب المنطقة.

ورغم أن "العزبة" التي تقع الى الشرق من مخيم جباليا شمال قطاع غزة قيد الإنشاء والاعمار من جديد إلا أن صور شهداء وكتابات تزفهم على الجدران، وتظهر مساحات شاسعة من الأراضي المجرفة أعيد زراعة بعضها حديثا.

"الرسالة" جالت بين المواطنين لتكتشف معاناتهم التي ظلت حاضرة بقوة  في أذهان أهالي المنطقة حتى اليوم رغم مرور ثلاثة أعوام على حرب الفرقان.

ذكريات مريرة

المواطن إبراهيم عبد ربه (20 عاما) يروي تفاصيل استشهاد بنات أخيه -الطفلتان سعاد (سنتان) وشقيقتها أمل (7 سنوات) أمام جميع أفراد العائلة، ويقول: احتجزني جنود الاحتلال برفقة أفراد عائلتي الذين يزيد عددهم عن 20 شخصا في غرفة واحدة بلا طعام ولا ماء ولا كهرباء.

ويضيف وهو يقف في نفس المكان الذي استشهدت فيه الطفلتان "بعد ثمانية أيام من احتجازنا في غرفة صغيرة نادى جنود الاحتلال علينا عبر مكبرات الصوت بالخروج حاملين الرايات البيضاء"، فما كان منا إلا الخروج بسبب كثرة القذائف التي ضربت ساحة المنزل والأرض المجاورة لبيتنا.

وتابع ابراهيم:" بعد خروجنا من المنزل دمروه بالقذائف، ومن ثم صوب أحد الجنود بندقيته نحو الطفلة أمل وهي واقفة أمام أمها مباشرة واطلق عليها ست رصاصات في الصدر.

ويكمل "عندما همت جدتي أم فرج برفع أمل عن الأرض أطلق نفس الجندي رصاصتين على بطنها، وبعدها مباشرة أطلقوا ثلاث رصاصات على سعاد الواقفة بجوار أمل الملقاة على الأرض، لتسقط هي الأخرى شهيدة بجوار أختها.

بينما يصف إبراهيم المشهد "للرسالة"، إذ بجاره يسأله عن أخيه ليجيبه بيأس بدا على وجهه "أخوي محمد سافر مع بنته سمر لاستكمال علاجها ببلجيكا".

الطفلة سمر التي أصيبت في نفس المشهد بعيار ناري في بطنها تعاني من شلل كامل نتيجة استقرار الرصاصة بجوار العمود الفقري.

بلا رحمة..

عائلة إبراهيم عبد ربه لم تكن وحدها المنكوبة، ففي الشارع المجاور لبيته المهدوم تسكن عائلة الشهيد الأربعيني سمير رشيد.

محمد الذي كان شاهدا على قصة استشهاد والده سمير الذي مكث 11 يوما ميتا في بيته أمام عائلته، ولم يستطع أهله نقله إلى المستشفى أو حتى إخراجه من البيت، تحدث وعيناه تدمعان عن المآسي التي أصابتهم قائلا "قوة خاصة صهيونية دخلوا البيت وقاموا بقتل والدي، فحينها صرخ عمي "إسعاف... اسعاف" فأقدم أحد الجنود على إصابته في يده".

"لم نستطع إخراج أبي من الغرفة التي حجزونا بها، أو حتى فعل شيء له" بهذه الكلمات تلفظ الشبل محمد وعيونه تدمع.

وذكر محمد أن وكالة الغوث "الأونروا" انتشلت جثة والده من المنزل بعد عدة تنسيقات استمرت أكثر من أسبوع، مع جيش الاحتلال.

أما المواطن حسين فايز فيصف "للرسالة" المشهد المخيف الذي عاشه طوال عشرة أيام احتجز فيها مع عائلته في بيتهم الواقع في العزبة. ويقول "كنت أسمع صوت القوات الخاصة وهي تتحدث مع بعضها البعض ولا يبعدني عنها سوى بضع امتار.

وذكر حسين أن خروجه وعائلته من بيتهم بواسطة الصليب الأحمر كان بمثابة ولادة جديدة لهم ، رغم أنه لم يكن يتوقع نجاة أحد من شر قوات الاحتلال.

في الشارع الأخير من العزبة يقع مصنع أبو محمود الشوبكي لإنتاج الطوب، وعند سؤاله إذا كان قد تعرض لخسائر في الحرب قال "قول مين بها المنطقة ملحقش فيه ضرر".

وذكر أبو محمود أن خسائر مصنعه تعدت 130 ألف دولار، ولم يعوض إلا بــــــ39 ألف دولار، وتذمر كثيرا عندما تذكر ديونه المتراكمة عليه.

وعلى الناحية الأخرى من مصنع الشوبكي تقع مزرعة عبيد لبيع الأبقار، الذي أكد صاحبها أبو مصطفى الذي فقد أباه وأمه وأخاه خلال الحرب أن شلل تام لحق بمزرعته بعد قتل جميع المواشي الموجودة فيها.

وصرخ أبو مصطفى وقد ظهر القهر في عينيه "الله أكبر حتى الحيوانات مسلمتش منهم".

ومن الجدير ذكره أن حرب الفرقان التي شنتها (إسرائيل)ظهر يوم 27/12/2008 استمرت  23 يوما، خلفت ما يقارب 1417 شهيدا، وأكثر من 4300 جريح وخسائر مادية قدرت بملايين الدولارات.

وتعد عزبة عبد ربه التي سميت بذلك نسبة الى عائلة عبد ربه التي يقيم أغلبيتهم بها، من أكثر المناطق التي تعرضت للعدوان على مدار السنوات الماضية، واستشهد فيها العشرات.

وتبقى الحرب مزروعة في ذاكرة سكان عزبة عبد ربه، وتستمر قصص معاناتهم لتكون شاهدا على همجية الاحتلال.

اخبار ذات صلة