قائمة الموقع

بحرب الأدمغة.. العقل الفلسطيني يتفوق

2011-12-31T08:25:33+02:00

غزة- الرسالة نت "خاص"

بعد ثلاث أعوام من الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة بات المواطنون يشعرون بالأمان, في ظل أجهزة أمنية تسهر على رعايتهم وتلاحق العيون التي تتربص بهم لتنفيذ أجندة الاحتلال ومخططاته ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته.

"الرسالة نت" تفتح ملف العملاء خلال الحرب على قطاع غزة وما تلاها من ثلاث سنوات, لتطلع القراء على أبرز الانجازات الأمنية التي أدت لكشف والقبض على العشرات ممن خانوا مجتمعهم وأهليهم, الأمر الذي دفع قادة الاحتلال للاعتراف بأزمة استخبارية في غزة.

يقول " أبو محمد" أحد ضباط جهاز الأمن الداخلي الذين عملوا خلال الحرب على القطاع: "في اليوم الأول جرى استهداف المقر العام لجهاز الأمن الداخلي واستشهد عدد من أفراد الجهاز وأصيب عدد آخر, وكانت صدمة كبيرة في تلك الأيام, ولكن لخطورة الموقف جرى التواصل مع جميع العاملين في الجهاز لمباشرة أعمالهم بشكل ميداني, وهذه السرعة في الموقف أدت للكثير من الانجازات وكشف العديد من العملاء".

وأضاف: "الاحتلال بعد عدة أيام من بدء الحرب نفذ بنك أهدافه, فشرع بتحريك العملاء المتعاملين معه لكشف مزيد من الأهداف غير المكتشفة", هذا الأمر على حد قول أبو محمد مكنَّ الأجهزة الأمنية من كشف العديد منهم.

وأشار إلى أن التعاون الكبير بين المقاومة ورجال الأمن والمواطنين في جميع مناطق قطاع غزة مكن من كشف العملاء, مؤكداً أن عدد منهم جرى التعامل معهم وفق ما يحتاجه الأمر, والكثير منهم تم التعامل معهم بشكل ميداني.

وفي ذات السياق نقل موقع المجد الأمني أن المقاومة الفلسطينية أعدمت 5% من العملاء خلال الحرب, واعتقلت وتعاملت ميدانياً مع 25% منهم, إضافة لوضع 50% منهم تحت الاقامة الجبرية, و اعتقال 20% منهم في أماكن خاصة.

ويعلق الضابط على الاحصائية بالقول: "الوضع الميداني كان صعباً للغاية ما يحتّم التعامل مع العملاء بالطرق المناسبة", مؤكداً أن الاحتلال أيضاً صفى العشرات من العملاء من خلال قصفهم أثناء تواجدهم في أماكن تم استهدافها, دون مراعاة لحياتهم.

ولفت إلى أن المقاومة خلال الحرب كانت ذات شقين أولها العمل العسكري المقاوم ضد قوات الاحتلال, فيما الشق الثاني تمثل في العمل الأمني ومحاربة العملاء الذين كانوا يساعدون الاحتلال في تحديد الأهداف ومعرفة أماكن المقاومين.

أعمال العملاء خلال الحرب

وفيما يتعلق بطبيعة عمل العملاء خلال الحرب قال الضابط : "أغلب أعمالهم كانت تتركز في متابعة الأماكن التي تخرج منها الصواريخ, وهناك عدد من العملاء ألقي القبض عليهم وهم يتواصلون مع الاحتلال ويبلغونه عن خرج صواريخ من أماكن قريبة من منازلهم, فيما كان البعض يخرج في النهار ليبحث عن بعض الشخصيات القيادية في المقاومة".

وأوضح أن بعض العملاء عمل خلال الحرب مع قوات الاحتلال أثناء الاجتياح, وقد كانوا يتواصلون مع قوات الاحتلال "الاسرائيلي" عبر الشاباك ويتم ادخالهم في الوحدات القتالية كمرشدين للجنود والدبابات أثناء الاجتياح والقيام بتصفية المقاومين وعمل كمائن لهم بهدف الخطف أو القتل.

وتابع: "وعمل العملاء على تحديد بيوت المجاهدين والأماكن المستهدفة بدقة, إضافة لتصوير بعض الأماكن التي يطلبها ضابط الشاباك".

ولفت إلى أن العملاء عملوا خلال الحرب على تحديد أماكن الحراسة للأجهزة الأمنية تمهيداً لاستهدافهم, مشيراً إلى أنه جرى تكليف عميل بالتوجه لمستشفى الشفاء لرصد تحركات الشرطة وقد حدد ذلك العميل وجود شرطيين على باب المسجد وتم استهدافهم وتدمير المسجد بشكل كامل.

وبين أن بعض العملاء عمل خلال الحرب على نشر الشائعات بين المواطنين, ضمن الحرب النفسية التي كانت تشنها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة, مؤكداً أن المواطنين بالتعاون مع رجال الأمن كشفوا الكثير منهم.

بعد الحرب

وبعد إنتهاء الضربة الأولى عاد جهاز الأمن الداخلي للعمل بقوة من خلال متابعة كافة الملفات المستجدة خلال العدوان, وقد أدت المتابعة المستمرة للأحداث لكشف المزيد من العملاء.

ويقول الضابط :"خلال الحرب تمكنا من كشف العديد ممن كانوا مرتبطين بجهاز المخابرات الاسرائيلي "شاباك", وبعد العدوان تم متابعة الكثير من الملفات وتم كشف العشرات منهم, وقد تطور العمل الأمني خلال تلك الفترة بشكل ملحوظ".

وأضاف :"الحرب مثلت تجربة غنية للعمل الأمني, فقد استطاع ضباط الأمن التعرف على الكثير من الأمور المتعلقة بعمل العملاء, من خلال مراقبتهم ومراقبة مزوديهم بالأموال وعبر طرق أخرى لا نريد الافصاح عنها".

حملة أمنية

وبعد الحرب مباشرة انطلقت حملة توعوية كبيرة شرعت بها وزارة الداخلية تهدف لتعريف الناس بالعملاء وطرق عملهم وتحث العملاء على التوبة وتسليم أنفسهم.

ولفت أبو محمد إلى وزارة الداخلية وجهاز الأمن الداخلي نفذوا عملية توعية أمنية واسعة في قطاع غزة بعد الحرب, بهدف بناء جدار وقاية ضد المحاولات "الاسرائيلية" لتجنيد عملاء جدد.

وأشار إلى أن هذه الحملة شملت جميع قطاعات المجتمع الفلسطيني, مؤكداً انها تكللت بعد عام بفتح باب التوبة وحملة مكافحة التخابر مع الاحتلال.

المهندس إيهاب الغصين الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية أكد أن وزارته استطاعت من خلال حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال، الحصول على قائمة طويلة من أسماء عملاء تم الاعتراف عليهم من قبل عملاء آخرين سلموا أنفسهم، مؤكداً على أن الأجهزة الأمنية شرعت بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة بحقهم وتتابع آخرين عن كثب، ليتم تقديمهم إلى القانون وتوجيه تهمة الخيانة العظمى إليهم، التي حدد القانون الفلسطيني عقوبتها، بأحكام تصل إلى الإعدام.

وقال الغصين "لدينا عملاء من أطياف عديدة، منهم الجدد ومنهم المخضرمون والقدماء، ومنهم من ليس عليه أي شبهة أمنية"، رافضاً الكشف عن عدد العملاء الذين سلموا أنفسهم خلال فترة التوبة.

وبيّن أن العملاء الذين تساوقوا مع الحملة واقتنعوا بالتوبة وسلموا أنفسهم للأجهزة الأمنية، تم الإفراج عنهم جميعاً بعد ساعات قليلة من التسليم، عقب تعبئتهم لاستمارة داخلية سرية، ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية من جديد، مشيراً إلى أن وزارته تملك مخططات سرية في دوائر ضيقة للغاية، تهدف إلى الاعتناء بأولئك العملاء وتثقيفهم أمنياً، ودمجهم في مخطط علاجي اجتماعي.

وأشار إلى أن العمل الأمني في غزة تمحور في شن حملة اعتقالات موسعة ومكثفة لكل العملاء الذين باتوا مكشوفين ولم يسلموا أنفسهم والذين جرى الاعتراف عليهم من قبل عملاء آخرين، بالإضافة إلى اعتقال كل من لديه شبهة أمنية للتحقيق معه.

اعدام العملاء

ومن أبرز الانجازات التي تكللت بالنجاح في غزة عمليات اعدام العملاء الذين ثبتت عليهم الخيانة والتسبب في استشهاد عدد من قادة المقاومة, وقد أعدمت الحكومة الفلسطينية بعد الحرب أربعة عملاء للاحتلال.

ففي الخامس عشر من أبريل من العام 2010 نفذت الحكومة الفلسطينية بقطاع غزة حكم الإعدام بحق العميلين "محمد إبراهيم إسماعيل" والمدعو (السبع) من سكان رفح و "ناصر سلامة أبو فريح" من سكان جباليا بتهم التخابر مع الاحتلال والتسبب في قتل العديد من المجاهدين وإصابة عدد أخر خلال سنوات عملهم.

وفي السادس والعشرين من يوليو من نفس العام 2011 أعدمت الحكومة عميلين – رجل وابنه- متهمين بالتخابر مع سلطات الاحتلال "الإسرائيلي", ومساعدة المخابرات في محاولة اغتيال قائد حركة حماس في قطاع غزة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في العام 2003, بالإضافة للمشاركة في اغتيال الشهيد رأفت أحمد حمد الزعانين وايقاعه في كمين للقوات الخاصة.

وتستمر الحرب الأمنية بين أجهزة الأمن الفلسطينية والمخابرات "الإسرائيلية" على أشهدها, لكن المراقبين يرون أن المقاومة باتت أقوى في ظل العمل الأمني المنظم والتعاون الكامل مع جميع رجال المقاومة على الساحة الفلسطينية في قطاع غزة.

اخبار ذات صلة