(اكتب إليكَ من دمشق، ولا ادري كيف أصف شعوري وما يجول في نفسي، وما يخفق في فؤادي. وهذه فترة قصيرة أنا بعيد فيها عن مشاغل القتال، وما ذلك رغبة مني، ولكن الظروف هي التي أوجدتني في دمشق، بعيداً عن رائحة البارود وعبير الجنة وخوض المعارك إلى جانب إخواني الأبطال الذين يقومون بتحرير وطنهم. نصرهم الله وأيدهم بقوة من عنده.
لقد كانت الفترة الماضية مليئة بالانتصارات الباهرة والأعمال المجيدة التي بهرت العالم وحطمت العدو. لقد سطرنا صفحات مجد لا تنسى في التاريخ. ولكن هذا لم يأت عفواً ولا سهلاً، وإنما بالتضحيات العظيمة والجهود المتواصلة ليلاً ونهاراً، وهو عمل نسي كل منا نفسه وأهله وأولاده وطعامه ونومه وكل ما في الدنيا إلا الرغبة في النصر وسحق العدو الكبير في عدده والقوي في عتاده بما لدينا من السلاح القليل، ولقد قدَّرنا الله على ذلك وكافَّأنا على جدّنا بالنصر المبين، لكننا ما زلنا في أول الطريق، وعلينا أن نضاعف الجهود ونصل الليل بالنهار حتى نصل إلى النصر النهائي، واني أبشرك من الآن أننا سنصل إليه إن شاء الله).
(هذه الرسالة وجهها الشهيد عبد القادر الحسيني من دمشق بتاريخ 14 ربيع أول 1365م إلى سماحة الحاج أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا أبان وجوده في مصر).