بقلم/ أ. خضر محمد أبو جحجوح
شاعر وكاتب من غزة
أن يكون طيبا فهذا أمر جميل، ولكن أن يتظاهر بالطيبة وهو يستغل الإهانة في شكل يصوره على أنه مزاح، حتى إذا شعر أنك في لحظة غاضب ادّعى أنه يمازحك، وإذا ما حاولت ممازحته يوما ضاق صدره بالمزاح الحقيقي..
وأن يتظاهر بالسماحة وتقبل الرأي الآخر وهو في الحقيقة لا يتقبل سوى رأيه الشخصي، ولكنه يحاول أن يصبح قاضيا وفي رواية الصاحب المختارِ (مختارا) على كاهليك؛ وهو واقع في شحناء حتى مع ذاته وكل ما يحيط به..
وأن يدعي الإيثار وهو يعطيك فضلة ما يفيض عن حاجته، فهذا أمر مغثٍ، وفاعله بحاجة إلى صياغة جديدة ليتعلّمَ السُّلوك القويم، لتستقيم له الطيبة الحقيقية، والإيثار ويرعوي عن تفضيل نفسه على الآخرين.
لو جربت يا عزيزي ما جربت من حال شخص كنت تحبّه، يوم صدقت طيبة ادَّعاها، ومزاحا بريئا كان يغلفه بابتسامة بنفسجيّة، وهدوء بارد كالثلج، كنت تقمع مشاعرك، وتكبح جماحها إن نبت فيها وسواس الشكّ والريبة تجاه ممازحاته الشائكة، ولو جربت معشار ما جربتُ أنا الذي ضعت بين طيبتي وطيبة مزيفة، لقلت فيه ما لم ينبت على شفتيّ من أوصاف، ولنبتت في شفتيك إبرٌ من شوك الأسى، وسعدان الصدمة، وأنَّات الألم.
أيها الطيب العزيز، تعال نتقاسم الهموم، على شاطئي الأثير، أبيض زنبق الذكرى، مع شذى الأنين. كم أتوق لانبعاثي من رماد الذاكرة، يمامة بيضاء، في هديل قرمزي، لا عنقاء، في ضجيج أرجواني مجنح، آه يا لانبعاثي من ركام أهاله الجاحدون.!
كن طيبا كما تحبّ، وازرع روحك البيضاء في الصحراء، تخضر البراري الصفر وينزوي الشوك، ويفنى الزائفون، ويرعوي المساء عن حصاد عمرك الدامي في سلال المارقين.
كن طيبا أو طيبا.