قائمة الموقع

السيارات "المهترئة".. متى يُحكم عليها بالإعدام !

2012-01-29T07:38:57+02:00

غزة – صابرين العابد

إذا ركبت سيارة أجرة لابد أنك تتعرض لمواقف لا تتمنى تكرارها، فقد تحاول فتح الباب فلا تجد "أكرة" وإن وجدتها فقد "تنخلع" إذا أمسكت بها لتستقر في يدك، وقد يكون حظك أسوأ من ذلك، فتتمزق ثيابك عندما تحاول الجلوس على الكرسي، وعند وصولك لهدفك تدرك أنك خرجت لتوك من زيارة للمعرض الدائم للسيارات المهترئة..

لعل البحث عن لقمة العيش أجبر العديد من العاطلين عن العمل للبحث عن مهنة لا تحتاج إلى تقديم طلب توظيف ولا واسطة، والأهم من ذلك "على قد الحال" و"تجيب طبخة اليوم" وتغني عن ذل السؤال.

ولكن هل يقبل الجمهور العادي فضلا عن قانون المرور بسيارة "مكركعة" تفتقر لأدنى متطلبات السلامة، أقل ما يقال عنها أنها غير صالحة للسير على الطرقات، فضلا عن أنها تشكل خطرا على المواطنين؟

لقمة العيش

(أبو علي ج.) -سائق سيارة أجرة مهترئة- يقول: "يا ربي بدي أترزق أنا.. شغل (إسرائيل) واقف من زمان، والخياطة مش ماشية معنا، وبالعافية دبرت السيارة بعد ما بعت ذهب زوجتي"، ويتابع بتنهيدة تعكس مدى الألم: "ربنا بعلم بالحال بدي أوفر لقمة عيش للأولاد بدل ما أمد إيدية للناس".

أما أبو توفيق أحمد –صاحب سيارة من نوع فيات- لم يختلف وضعه المادي عن أبو علي إلا أنه –وفق قوله- يرجو الحكومة أن توفر لهم البديل "وتخففّ عنا شوية، ما بدها الحكومة ترأف فينا من الضرائب".

وتُعرّف السيارات "المكركعة" –حسب قانون المرور رقم (5) لسنة 2000م في المادة رقم (1)- على أنها "كل مركبة عدا الجرّار الزراعي والمجرور التي بلغت في يوم تجديد رخصتها 20 سنة".

فشل مشروع تصحيحها

مدير عام الطرق والمشاريع في وزارة النقل والمواصلات المهندس سعيد عمار أوضح أن السيارة تتكون من جزأين (الهيكل والجزء الميكانيكي)، مبيناً أن معظم السيارات "المهترئة" يرجع السبب في قِدَمِها إلى تردّي هيكلها "مما يشكل إزعاجاً وضيقاً للراكب".

وقال إن بعض هذه السيارات من إجمالي المركبات العمومية -الـ 10 آلاف سيارة- تشكل خطورة على المواطن، وأن حلّ المشكلة يتطلب سحب السيارات من مالكيها وفق قرارات ومعايير خاصة.

وأضاف: "طرحنا قبل مدة مشروع تصحيح السيارات القديمة وتناقشنا مع الحكومة، لكن لم نلقَ استجابة من الإدارة العليا مما أدى لتوقف المشروع"، عازيا ذلك إلى "الفشل الإداري" -حسب وصفه، بالإضافة إلى تذرعها بعدم توفر النقود الكافية.

ولفت إلى أن الحكومة نفسها تشتري سيارات لموظفيها تنضم لقائمة "السيارات التعبانة"، وفق تعبيره.

وأفاد عمار أنهم لا يطبقون قوانين السير على المركبات وفقاً لما ينص عليه القانون؛ "حتى لا نكون نحن والزمن على أصحاب السيارات" حسب قوله، بالإضافة إلى أنهم أعفوا السائقين من مبلغ ضرائب على المعاملات بقيمة 30 مليون دولار؛ مستشهداّ بقول عمر بن الخطاب "لا تظلموا الناس فتكفتوهم".

وعند تساؤل "الرسالة" عن المسئولية المُلقاة على عاتق الوزارة تجاه السيارات "المهترئة"، أشار مدير عام الطرق والمشاريع إلى أن دوريات السلامة على الطريق هي المسئولة عن ملاحقتهم؛ سعياً لإلزامهم بالقانون.

ونظراً لأن الراكب غالباً ما يسعى وراء راحته فإن الطلب على السيارات الخاصة ازداد وازدادت مع ذلك شكاوى المواطنين ضد السيارات "المهترئة"، ورد عمار على ذلك بقوله أن الوضع المعيشي للمواطنين لا يسمح بإتلافها.

سحب السيارة المخالفة

ورد في المادة رقم (13) من قانون المرور رقم 5 أنه "لا يجوز تسيير أية مركبة على الطريق انتهت مدة صلاحية سيرها المحددة في الرخصة إلا بعد تجديدها طبقاً للقانون".

في هذا السياق، بيّن مدير عام شرطة المرور المقدّم علي النادي أنهم يتبعون نظام الحملات على السيارات القديمة والمنتهية الرخصة؛ لحجزها وإلزام مالكيها بتجديد ترخيصها وتصحيح ما يلزمها، مهددين إياهم بأنه في حال عدم إجراء المطلوب سيطبّقون إشعار سحب السيارة من صاحبها.

ووضّح النادي الإجراءات التي تجب على مالكي السيارات القديمة إجراءها كالآتي: "تُختم السيارة ختم صلاحية السير بعد سحب الرخصة من صاحبها ليذهب للكراجات المرخصة "الديناموميتر" ويرخصها بالكامل، وفي حال كونها –السيارة- صالحة يأخذ السائق الرخصة بناءً على ما أجراه من فحص، أما إذا كانت غير صالحة نُشعِره بضرورة تصحيحها وإلا يتم حجزها".

وأفاد مدير عام شرطة المرور أنهم أطلقوا من 27/11/2011- وحتى 19/1/2012 من العام الحالي، الحملة السنوية للتدقيق في المركبات العامة والرخص وفقاً للقانون، مقدراً إجمالي المخالفات المرورية الناتجة عن الحملة بـ10233 مخالفة، و684 سيارة و175 دراجة هوائية محجوزة.

وأوضح أن المادة رقم (5) تنص على "أن يكون تجديد رخصة المركبات القديمة، والعمومية بالإضافة إلى الحافلات التي مضى على سنة صنعها مدة عشر سنوات كل ستة أشهر، ولا يجوز تجديد رخصة المركبة القديمة إذا مضى على انتهاء صلاحية رخصة تسييرها مدة تزيد على سنة (ما عدا الدراجات النارية والمركبات الخصوصية والمركبات التجارية التي لا يزيد وزنها الإجمالي عن ستة آلاف كيلو جرام).

وقال النادي لـ"الرسالة": "إن تعاملنا مع جميع مركبات السير واحد بدون تحديد موديل معين"، موضحاً أنه في حال كانت السيارة أخذت وقتها الزمني الكافي يتم إعدامها وقص الشّاصي لتتحول إلى قطع غيار.

وذكر مدير عام شرطة المرور أن عملهم مرتبط ارتباطاً تنظيمياً وإدارياً مع المرور ووزارة النقل والمواصلات، ومكملا له، مثمّناً دور دوريات السلامة على الطريق –التابعة للوزارة- في مساعدتهم على الطرقات.

هيّئ مركبتك

ووفقاً لما جاء في المادة (6) من قانون المرور رقم (5) لعام 2000م أن "المركبات تخضع للفحص الفني عند تسجيلها لأول مرة في سلطة الترخيص المختصة وفقاً للأنظمة المقررة".

ولهذا تحدثت "الرسالة" مع مدير عام الترخيص في قطاع غزة محمد العامودي لتوضيح آلية تعاملهم مع المركبات العمومية تحديداً، الذي قال: "مراعاة من إدارة الترخيص لأهالي غزة بعد الحصار الذي فُرِضَ عليهم وتعطّلهم عن العمل ارتأينا إصدار قرار بتحويل السيارات القديمة إلى أجرة".

ونظراً للعدد الهائل من السيارات القديمة، قال مدير عام الترخيص: "منذ بداية عام 2012 انطلقنا بحملة لتجديد هذه السيارات أو إتلافها"، موضحاً أن خطوات التجديد تغيرت وأصبحت كالآتي: "التوجه لورشات السلامة الفنية "الديناموميتر" وإجراء الفحص الكامل لها".

وأردف قائلاً: "في حال كانت المركبة سليمة يجري التجديد لها وما دون ذلك سيتم إتلافها"، معقباً أن لوحات السيارات الورقية ستُغيّر لبلاستيكية.

وأفاد العامودي أنهم سيبدأون بتطبيق القانون رقم 5 لعام 2000م الذي ينص على "أن سيارات العمومي ممنوع تجديدها بعد 19 عاماً.

وانطلقت المرور بالتعاون مع الترخيص –وفق العامودي- منذ بداية عام 2012 بمشروعي تغيير لوحات السيارات وتوحيد أرقامها تحت رقم (3).

وأوضح مدير عام الترخيص أنهم طوال الفترة الماضية كانوا يتعاملون مع الجانب (الإسرائيلي) فقط في دخول المركبات، إلا أنهم حالياً اتجهوا للتعامل مع الجانب المصري بالإضافة إلى (الإسرائيلي)، مقدراً عدد السيارات التي تدخل من الجانبين بـ"4 آلاف سيارة".

وكانت سلطة الترخيص في الوزارة قد أصدرت قانوناً يعفي السيارات العمومية الوافدة من الجانب المصري من الرسوم الجمركية.

وأكد العامودي حرصهم على سلامة المواطن بالدرجة الأولى، متمنياً على جميع السائقين الالتزام بالقوانين "حتى نعمل معاً لتغيير الأسطول المهترئ لمركباتهم"، حسب قوله.

وهكذا تحولت طرقاتنا مع هذه الأطنان من الحديد التي تسير فيها إلى "خنقة" حقيقية، بسبب الكثافة العددية للسيارات "المكركعة"، خاصة أن هناك المئات منها والتي يعود بعضها لزمن السبعينيات، أو قبل ذلك.

اخبار ذات صلة