الرسالة نت – مؤمن الخالدي
لم يتجرع مرارة مجزرة جنين التي أقدم عليها الاحتلال عام 2002 وراح ضحيتها عدد كبير من المدنيين بينهم أطفال ونساء, وقرر الانتقام لدماء أبناء شعبه، فجهَّز حقيبة ملغمة وتوجه بها إلى منطقة "مجدو" ورصد هدفه بدقة، ثم استقل حافلة إسرائيلية وضغط على زر التفجير، إلا أن الحقيبة لم تتفجر بالكامل، ثم سقط مغشياً عليه، ليستيقظ ويجد نفسه في زنزانة لا تتعدى مساحتها الأمتار.
ما سلف، يوجز بطولة فلسطيني "غيور" على شعبه، اُعتقل لسنوات عديدة، بعدما اضمحل الأمل لديه بالإفراج، إلا أن قدر الله كان غالباً، ليفرج عنه في صفقة مُشرفة أطلق عليها اسم "وفاء الأحرار".
الأسير المحرر "زيدان محمد زيدان"، يبلغ من العمر 29 عاماً، قضى 9 أعوام في الأسر بعد اعتقاله من مخيمه بمدينة جنين عام 2002، وأفرج عنه ضمن الصفقة، ليُبْعد إلى قطاع غزة.
زيدان يروي لـ"الرسالة نت" اللحظات العصيبة التي مر بها لحظة تنفيذ العملية الاستشهادية التي لم يكتب لها النجاح، ويقول: "حدث الانفجار بشكل جزئي في الحقيبة؛ بسبب خلل فني، أدى لإصابتي في بطني بجراح حرجة".
وجراحه الحرجة لم تشفع له من تعذيب متوقع على يد محققي "الشاباك"، الذين نقلوه إلى مقراتهم وعذبوه، لينتزعوا منه اعترافاً يرشد للجهة التي تقف خلف العملية.
حياة العزل
ويتذكر المحرر تلك اللحظات التي عاشها في زنازين لا تتجاوز الأمتار منعزلاً عن العالم، ليقضي 23ساعة من يومه داخلها، ولم يسمح له إلا بساعة واحدة للفورة التي كانت تخصص في الأوقات "الميتة" –كما يصفها-، ليمضي 43 يوماً بها على خلفية ضرب ضابط داخل السجن.
وعن الإضرابات التي خاضها الأسرى يشير زيدان إلى أنها كانت تكتيكية ومنظمة بالنسبة لأغلب السجون من خلال الاتفاق على موعد محدد لبدء الإضراب، قائلا" الإضرابات هي الورقة الأخيرة للأسير، والتي يجب أن تربح" .
وعنها يقول زيدان: "منعت من الزيارات قرابة السنتين، قلقت خلالها على عائلتي كثيراً، فما كان مني سوى الصبر والدعاء لهم".
وحول اللحظات الأولى لسماعه نبأ اختطاف الجندي (الإسرائيلي) جلعاد شاليط ، أوضح المحرر أن جميع الأسرى سجدوا لله سجدة شكر، وشرعوا بالتكبير.
ولم يخف زيدان حالة الخوف والقلق التي كانت تراود الأسرى من فشل عملية أسر شاليط أو كشف مكان احتجازه من قبل الاحتلال، الأمر الذي كان سيؤثر سلبيا على نفسيات الأسرى حسب رأيه.
دموع الحزن والفرح
وأما لحظة سماعه لنبأ ورود اسمه في صفقة وفاء الأحرار، فهذا ما عجز المحرر زيدان عن وصفه لنا من شدة فرحته، إلا أن حالة من الحزن قد اكتوت قلبه لمفارقته بعض أحبته وأصدقائه في سجون الاحتلال.
ولم تكن فرحته بالإفراج أكثر من فرحته لرؤية جموع المسلمين في مكة المكرمة عندما زارها حاجا بيت الله الحرام، فالأمر بالنسبة له ما زال حلما يراوده رغم تحققه فعليا على أرض الواقع.
وبصفقة "وفاء الأحرار" تكون المقاومة الفلسطينية على رأسها حركة حماس، قد أنقذت أسيرنا "زيدان" من موت محقق في زناين الاحتلال، وأعادته للحياة، ليعود بطلاً محرراً بعدما توجه استشهادياً لينتقم لدماء أبناء شعبه.
ولأجل ذلك، توجه المحرر زيدان للمقاومة الفلسطينية بجزيل الشكر، معبراً عن امتنانه لحماس على وجه الخصوص وفاء لوعدها بإطلاق سراح الأسرى.