كانت تقف أمامي كالمجنونة تهذي بكلمات، وتكشر عن أنيابها متوعدة.. قتلتُها، فهوت أرضا تستنشق عبير الذكريات.. تتلاشى الصور..
ماتت أعوام.. الزبد يزين ثغرها، وشعرها الذهبي يتناثر في أرجاء الغرفة.. تتقلب الأفكار صارخةً.. أرميها من النافذة، لا... أدفنها في الغرفة، لا... أيقظها من نومها العميق، أتراجع.. تتسع الغرفة.. تضيق.. أشعر بالاختناق.. أسقط أرضا.. ألعنها.. فتبتسم.. أهشّم وجهها بأقدامي.
أستيقظ من أحلامي على ترنيم الصباح لأرى نفسي أمام جثة لفتاة من الشرق.. أتسلق السرير.. يُفتح الباب على نغمات آذار.. يقترب مصافحا.. يدوسها بأقدامه، يصرخ:" لقد أدهشت الجميع.. كلهم صفقوا.. صرخوا.. نادوا باسمك".
...
- ما بك يا رجل! تكلم.. أكرهك صامتا..
...
هل أنت مريض؟
تدخل عشتار راكضةً.. تسحقها.. تنثر رائحة شعرها على وجهي.. تنفث غيمة رمادية.. تضحك بغنج: "كنت مثيرا".
تتكور الدنيا على شاكلة وحش كاسر.. تتراكض الصور هاربة في ذهني.. أستجديها.. أتوسل إليها.. تتناثر الحكاية على ترانيم المساء.. يهتز السرير ليعلن مغادرة آذار.. يدوسها مودعا.. تقترب عشتار.. تدوسها.. تسحقها بعفوية.. تتراقص الغرفة على صفيق مغادرتها.. وحدي أغازلها بأعوامها الأربعةُ والستين.. أنتفض مودعا أدوسها حتى ينتفض الأحمر القاني راسما خريطة لعالم مبعج.
بقلم: هيثم الجرو