الرسالة نت – رامي خريس
انتهت أعمال مؤتمر فتح السادس وبدأت تداعياته السلبية على الحركة في الظهور وأولها ما يمكن أن يسمى بحالات (الحرد) التي أعقبت ظهور نتائج انتخابات اللجنة المركزية والمجلس الثوري ، فضلاً عن التململ الذي أصاب قيادات كبيرة ودفعها للتفكير بالانشقاق عن الحركة أو بالأحرى عن القيادة الجديدة لفتح الجديدة ، أو كما أطلق عليها بعض المراقبين (Fateh New Look).
ولم يقتصر الغضب على القيادات والكوادر الفتحاوية التي تتناقض في التوجهات مع رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس بل هناك بعض القيادات التي كانت تدور في فلكه أصبحت ترى أن دورها قد يتراجع على ضوء نتيجة الانتخابات ، وهو ما حدث مع نبيل عمرو (القيادي المتلون) في فتح وسفير سلطة عباس لدى القاهرة الذي فشل في الوصول إلى عضوية المركزية ، وبالتالي لم يعد لديه أي موقع متقدم في الحركة بعدما كان عضواً في مجلسها الثوري وهو ما دفع عمرو للإعلان عن تقديم استقالته من موقعه كسفير وترك الإشراف على فضائية "الفلسطينية" التابعة لحركة فتح.
عمرو اعترف أن استقالته مرتبطة بنتائج المؤتمر السادس ولكنه رفض الإفصاح لوسائل الإعلام عن السبب المباشر للاستقالة ولكنه قال أنه سيبقى يعمل في ميدان السياسة.
وكان عمرو قد تحدث منذ أيام بشكل سلبي عن تدخلات جرت في الانتخابات وأخطاء ومحاولات لتمرير مرشحين وإبعاد آخرين بصورة غير نزيهة. وأضافت التقارير أن عمرو رفض التوقيع رسمياً على لوائح اعتراض، وقال انه سيكتفي بالاحتجاج على طريقته الخاصة، وهي الانسحاب من المواقع الرسمية التي يشغلها.
وإذا كان عمرو قدم استقالته فقط فإن هناك قيادات كبيرة في الحركة لم تستطع بلع الهزيمة التي منيت بها وبدأت بحسب بعض المصادر الإعلامية التحرك الجدي تبحث عن طريق آخر لها وفي هذا الإطار بدأت تسري أحاديث عن قيام أعضاء سابقين في اللجنة المركزية للحركة مثل أحمد قريع باتصالات لتشكيل قيادة بديلة للحركة ، ولكن عباس سارع لاتخاذ خطوات سريعة لاحتواء أي انشقاق من خلال إرضاء بعض القيادات ، فعرض على قريع بحسب ما تقول بعض المصادر منصب أمين سر اللجنة المركزية حيث يحق لعباس تعيين ثلاثة أعضاء غير الذين فازوا في الانتخابات ، لكن قريع يبدو أنه رفض هذا التعيين واعتذر عن حضور الاجتماع الطارئ الذي عقدته اللجنة التنفيذية للمنظمة في رام الله السبت حيث كان من المقرر أن يعرض عليه عباس تولي أمانة السر تعويضا عن خسارته في انتخابات اللجنة ولتجميد اعتراضه على نتائج هذه الانتخابات، وكان قريع قد ندد بعمليات التلاعب التي شابت الاقتراع وطعن في نتائجها.
التفكير بالانشقاق و"الحرد" وغيرها من مظاهر الاستنكار التي ظهرت بعد المؤتمر السادس ونتائجه لن تقتصر غالباً على مواقف قيادي أو كادر فتحاوي بل ستمتد لتشمل قواعد عريضة من أعضاء الحركة وقياداتها في مناطق مختلفة ، وقد تتحول إلى حالات انشقاق جديدة تتعرض لها الحركة التي واجهت سابقاً انشقاقات في فترات ومراحل مختلفة ، كان أوسعها انشقاق أبو موسى مطلع الثمانينات .
وإذا كان بعض المحللين يرى انه لا توجد إرادة لبعض القيادات الغاضبة أو قدرة على الانشقاق وإنشاء أجسام بديلة ، فإن عوامل التشتت والتفتت ستبقى قائمة بحسب ما يرى أغلب المراقبين .
وإذا كانت حركة استطاعت أن تتعافي بعد الانشقاقات والهزات التي أصابتها في ذلك الوقت فلأنها بحسب المراقبين كانت فتية شابة أما الآن فإن الجسد الهرم أصبح لا يقوى على مواجهة أعراض الأنفلونزا فكيف بالأمراض المستعصية؟