فايز أيوب الشيخ
"السلطة الفلسطينية تفكر في وقف التنسيق الأمني".. خبر تداولته وسائل الإعلام، ولكنه لا يحمل أي مصداقية او جدية، فالوقائع على الارض تشير إلى أن "السلطة تعزز من تعاونها مع الاحتلال" ليس في الشق الأمني فقط بل وفي الشقين المدني والاقتصادي وكذلك التطبيع الدائم في كل المجالات.
ومؤخراً.. كانت أجهزة السلطة قد وفرت الأمن لعدد من المستوطنين أثناء زيارتهم قبر يوسف والتقطوا معهم صوراً تذكارية، كما وفرت حماية أثناء استقبال فتحي أبو مغلي وزير الصحة في "حكومة فياض" لعدد من ضباط جيش الاحتلال وضباط الإدارة المدنية بسلاحهم داخل مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله.
ردة فعل لم تُتخذ بعد!
ويأتي تواصل عمليات التنسيق الأمني مع الاحتلال منافياً لما ذكره ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حول نية السلطة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال كردة فعل على تواصل الاستيطان وتهويد القدس.
وأضاف -عبد ربه في الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام- أن القرار لم يُتخذ بعد بوقف حماية المستوطنين في الضفة لكنه قد يكون مطروحا على طاولة البحث لدى قيادة السلطة لوقفه بالإضافة إلى وقف التعاون الاقتصادي مع دولة الاحتلال.
وفي هذا السياق، اعتبر النائب عن حركة حماس فتحي القرعاوي، أن تصريحات عبدربه " اعتراف ضمني وشبه صريح بعمليات التنسيق الجارية بين السلطة والاحتلال"، مشيراً إلى أنه سبقه في ذلك رئيس السلطة محمود عباس شخصياً عندما اعترف –الشهر الماضي- بأن (إسرائيل) تريد للسلطة أن تكون جهازاً أمنياً أو ضمن جماعة لحد".
ونوه لـ"الرسالة" الى أن قادة الاحتلال قالوا في أكثر من مناسبة "بأن التعاون الأمني بين الطرفين بلغ درجة كبيرة ومتقدمة مما ساهم في حفظ أمن (إسرائيل) بطريقة أو بأخرى".
وتعقيباً على زيارة وفد (إسرائيلي) لمجمع فلسطين الطبي برام الله، أوضح القرعاوي أن تلك الزيارات لم تعد خافية على أحد سواء لمناطق السلطة أو داخل الكيان، مشيراً إلى أن هذا التبادل في الزيارات سواء كانت أمنية أو مدنية "شئ غير معيب في قاموس السلطة".
وأضاف "أبو مغلي حاول إخفاء الموضوع بالزعم بأن الوفد الزائر طبي ولكن الصور كشفت عن طبيعته وحقيقة اللقاءات التي تجري بين الطرفين من حين لآخر".
انتهاء السلطة وعجزها
واستبعد القرعاوي أن توقف السلطة تعاونها الأمني مع الاحتلال، معتبراً ايقافه "بمثابة إعلان انتهاء السلطة" لأن الأخيرة جاءت وفق شروط مجحفة معظمها شروط أمنية وهذا ما يلمسه المواطن الفلسطيني في كل جوانب الحياة الفلسطينية.
وعلى صعيد تأثير التنسيق الأمني على المصالحة، أكد النائب عن كتلة التغيير والاصلاح، أن السلطة تعجز إلى حد الآن عن تنفيذ بنود المصالحة، مرجعا السبب الى تواصل "التنسيق الأمني مع الاحتلال".
وقال "السلطة تعجز عن فكفكة أي ملف من ملفات انهاء الانقسام، والمتمثلة في "الحريات العامة "، و"المعتقلين السياسيين"، و"إعادة المفصولين" الذي هو من أسهل الملفات التي يمكن تحقيقها"، مما يشير إلى الضغوط الواضحة والارتباطات في الاتفاقيات المجحفة المفروضة على السلطة".
وأردف القرعاوي قائلاً "التنسيق الأمني يأتي بناء على الطلب (الإسرائيلي) والأمريكي وأتحدى أن تستطيع السلطة وقفه لأنه قائم على قاعدة أن (إسرائيل) وأمريكا تدفعان ثمن هذا التنسيق للسلطة بالمال المسيس".
إستراتيجية السلطة..!؟
من ناحيته، زعم عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، بأن السلطة وحركته تفكران جديا في وضع استراتيجية جديدة بخصوص التعاون الأمني أو الاقتصادي مع الاحتلال، مشيراً إلى أن هناك ورش عمل عقدت في مؤسسات السلطة على صعيد مقاطعة المحاكم (الإسرائيلية) وإلغاء الاعتقال الإداري، كما يجري مراجعة الكثير من القضايا التي كان يقدمها الجانب الفلسطيني وقابلتها (إسرائيل) بالتنكر وإدارة الظهر لعملية السلام برمتها.
وعلق زكي في حديث لـ"الرسالة" على –الزيارة (الإسرائيلية) الأخيرة لمجمع فلسطين الطبي برام الله- فقال "أكتفي بما جاء في بيان فتح من استهجان للزيارة (..) لا يجب أن تلهينا القضايا الفرعية عن الأساس وهو لا مفاوضات ولا تعايش ولا علاقة كما كان في السابق مع (الإسرائيليين) الذين قابلوا كل ما قابله الفلسطينيون اتجاه التعايش والسلام بالتوسع والاستيطان".
وأضاف "باعتقادي أنه بمجرد بدء السلطة في تنفيذ استراتيجيتها الجديدة، ستكون (إسرائيل) في ضائقة لأن (الإسرائيليين) ليس بمقدورهم مواجهة الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح والأكثر وزناً في العالم لعدالة قضيته واستعداده للموت من أجل الحرية".
وفيما يخص المصالحة، اكتفى زكي بالقول "المصالحة ممر إجباري وحتمي وضروري ونحن في فتح نقدم كل شئ لتحقيقها وآن الأوان لنكون في خندق واحد لمواجهة التحدي الكبير".
التنسيق والمصالحة
من جهته، بين خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أن التنسيق الأمني هو من استحقاقات اتفاقيات أوسلو وواجبات السلطة اتجاه الكيان، لافتاً إلى أنه لا أحد يستطيع انكار التنسيق القائم بين السلطة والاحتلال والذي كان دائماً على حساب الأمن الفلسطيني وكرامته.
ويرى حبيب في حديثه لـ"الرسالة" أن الاحتلال لن يسمح للسلطة بوقف التنسيق لأنه المستفيد الأوحد منه، لافتاً إلى أن "التعاون الأمني والمفاوضات ومسيرة التسوية "بات فشلها واضحاً تماماً والرهان عليها خاسر لذلك يجب الاتجاه إلى خيارات أخرى وانجاز أي شيء لصالح شعبنا".
وشدد على ضرورة وقف التنسيق الأمني لكي تكون هناك مصالحة لأن "الاثنين لا يتلقيان، فالتنسيق ضد المصالحة وضد شعبنا وهو دائماً عنصر من عناصر التوتر والتفرقة والانقسام الفلسطيني"، وفق تعبيره.
يذكر أن القيادي المطرود من حركة فتح محمد دحلان دافع عن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، وقال في صفحته بالفيسبوك: "من المهم الآن أن تتخذ السلطة قرارًا وطنيًا جادًا ومسؤولاً حيال الأمر وليس مجرد تكتيكات واستعراضات مخادعه من البعض؛ فالأمن والتنسيق الأمني يجب أن يكونا سيفًا بيد السلطة وليس سيفًا عليها". ولطالما ارتبط اسم دحلان بالتنسيق الأمني حينما كان يقود جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، واتهمته حماس بمساعدة الاحتلال في ملاحقة المقاومة.