فايز أيوب الشيخ
أفاق أهالي الضفة المحتلة على لوحات إعلانية تملأ شوارع ومفارق المدن الرئيسية تدعو إلى حل "الدولة الواحدة" بدلاً من حل الدولتين الذي تتبناه حركة فتح والسلطة في رام الله.
وهذه الدعوة التي تشرف عليها "مجموعة تكامل" ليست الأولى من نوعها التي يتم إطلاقها، حيث سبق وأن أعلن كبير المفاوضين الفتحاويين صائب عريقات عن دعوته لخيار الدولة الواحدة والديمقراطية، على حد وصفه.
**من يقف وراءها؟
ولسرد تفاصيل ماجرى أفاد النائب المستقل حسن خريشة، بأن أهالي الضفة أفاقوا على لافتات إعلانية كبيرة تملأ شوارع المدن الرئيسية تم إلصاقها بواسطة الشركة الإعلانية المشهورة "ستايل"، موضحاً أن أهم لافتات الحملة الدعائية حملت شعار "حل الدولتين (x) حل الدولة()".
وأشار خريشة لـ"الرسالة" إلى أن هذا التصرف "مدعاة للسؤال حول من يقف وراء هذه الفكرة " ويُسأل عنها أصحاب وثيقة جنيف التي يقودها ياسر عبدربه أو سري نسيبة ومجموعته.."، منوهاً إلى أن –الأفكار المطروحة- منافية لحل الدولة الواحدة الذي كان مطروحاً إبان انطلاقة حركة فتح والداعي إلى إقامة الدولة على كل الأرض الفلسطينية.
وألمح خريشة إلى أن الجهة التي تقود "الفكرة" ليست مجهولة لدى السلطة في رام الله على اعتبار أن الحملة تبنتها شركة دعاية مدفوعة الأجر، لكنه اعتبر–في نفس الوقت- توجه تلك الجهات للإعلان بواسطة شركات خاصة "دليل على أنهم لا يملكون شعبية ولا وجود لهم على الأرض".
وشدد خريشة على أن أية جهة تصدر عنها مثل هذه الأفكار الهدامة للقضية الفلسطينية فإن ذلك يمثل "إعادة تطبيع مرفوض بالنسبة للشعب الفلسطيني"، لأن كل المطبعين -في بالنهاية- يخدمون الاحتلال ولا يخدمون القضية الفلسطينية ، حسب رأيه.
وأضاف "بالتالي أن يصدر هذا عن مجموعة من المطبعين اجتمعوا في جامعة أرئيل العبرية اعتقد أن ذلك خارج الرؤية الفلسطينية ويعملون لصالح العدو الصهيوني ولا يعملون لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة".
وعبر خريشة عن اعتقاده "بألا أحد يستطيع أن يتبنى أصحاب هذا الفكر لأنهم نتاج عملية تطبيع متواصلة مع الاحتلال". وأضاف "اعتقد أنها عملية تطبيع جديدة وسياسة للمطبعين الجدد لتقزيم القضية الفلسطينية".
** نظراً لتوجهات فتحاوية
وشهد الشارع الفلسطيني في الضفة ردة فعل عفوية من العديد من المواطنين الذين بادروا إلى تمزيق اليافطات التي تلغي أحلامهم السياسية في دولة تكون عاصمتها القدس كمشروع مرحلي لإتمام مسيرة العودة والتحرير.
وذكرت مصادر محلية لـ"الرسالة"، بأنه يشرف على -فكرة حل الدولة الواحدة- الكادر الفتحاوي "ياسر المصري" والذي يعتقد أن حل الدولتين أصبح من الماضي ومن غير المعقول تطبيقه على أرض الواقع لأن الحقائق التي فرضها الإستيطان لا تسمح بذلك، حسب إدعائه.
يذكر أن "مجموعة تكامل" ظهرت في الشارع الفلسطيني في ختام حوارات بين مجموعة شعبية من حركة "فتح" وأخرى (إسرائيلية) نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام.
وفي محاولة للتهرب من انتماء توجه أصحاب هذا الفكر لحركة فتح، نفى زياد أبو عين عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن يكونوا تابعين لحركته أو يمثلوا برنامجها السياسي، وقال "برنامجنا السياسي الذي اتفقنا عليه هو حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران وحق العودة للاجئين على أرضية القرار 194 "، مشيراً إلى أن (الجانب الإسرائيلي) هو الذي يتحمل مسئولية انفراط حل الدولتين.
ورغم زعم أبو عين في حديث لـ"الرسالة" عدم معرفته للجهة التي تقف وراء "فكرة الدولة الواحدة"، فقد رد على الاتهامات بانتماء هؤلاء لحركته فقال "قطعاً هذا لا يعني شيئاً بالنسبة لحركته"، مضيفاً "هذا اجتهاد شخصي يمثل الأشخاص أنفسهم ولا يمثل حركة فتح ولا السياسة العامة للحركة".
**نتيجة الفراغ الحزبي
من ناحيته، أكد فتحي النائب عن كتلة التغيير والإصلاح، أنه لا يمكن أن تُنشر هذه الشعارات بدون علم السلطة وإذنها، علماً بأن الجهات التي أشرفت على النشر هي جهات مرخصة ويستحيل أن تنشر لافتات لجهات أخرى معارضة للسلطة وتوجهاتها.
وأشار إلى أنه غالباً ما تكون جهات محصورة بجهة أو جهتين ومعروفة للشعب الفلسطيني، موجهاً الاتهام إلى جهة تابعة للسلطة في رام الله وصفها بأنها راضية عن هذا العمل.
ولفت القرعاوي في حديثه لـ"الرسالة" إلى موضوع حل الدولتين في بقعة صغيرة وواقع مرير كما هو في الضفة المحتلة " شبه مستحيل". وأضاف "على العكس بتنا نرى جهة المستوطنين تكبر وتتطور على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه في حين يتراجع الجانب الفلسطيني سواء بالتهجير أو الاندماج (..) الناس وصلت القمر والشعوب تحررت وفي السلطة رجال مازالوا يتوسلون وقف الاستيطان لفترة قريبة حتى متابعة موضوع المفاوضات".
واعتبر القرعاوي أنه في ظل الفراغ الحزبي الموجود في الضفة الآن وعدم وجود جهات تقف إعلامياً -على الأقل- أمام هذه الجهات فإنه ستتكون مجموعات أخرى غير "مجموعة تكامل" سوف تنزل للشارع الفلسطيني، مشيراً إلى أن هناك جهات في الضفة مسموح لها رفع شعارات أكثر خطورة ولم تجد معقبا ولا معارضا.
وقال القرعاوي "الواقع الفلسطيني مؤلم في الضفة فجهة واحدة تستحوذ على الوضع وهي الأجهزة الأمنية للأسف الشديد"، مؤكداً أن المستوى السياسي بعيد كل البعد عما هو موجود في ساحة الضفة الآن وكأنهم يعيشون في عالمهم الخاص.
وأضاف "الأجهزة الأمنية هي التي تنسق وتخطط وتنفذ في ساحة الضفة مباشرة (..) الساحة مفتوحة لمثل هذه الجهات لأن تكتب ما تكتب وتملي توجهاتها دون معقب أو معارض بشرط أن تكون مؤيدة للسلطة وغير معارضة لها".
**جريمة سياسية
ويرى الكثير من المراقبين أن حلقات التآمر على الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية والقضية الفلسطينية بدأت تكتمل حلقاتها من خلال الدعوة الجديدة التي يقف خلفها فريق التسوية الذي جلب الدمار للشارع الفلسطيني خلال العشرين سنة الماضية التي هي عمر مسيرة التسوية والتي سمحت بسرقة الأرض الفلسطينية على يد الإستيطان والمستوطنين وبحماية أجهزة أمن السلطة.
وتهدف الدعوة الجديدة -بحسب المراقبين- إلى القبول بواقع الإستيطان في الضفة الغربية والإقرار بملكية الأراضي التي سيطر عليها اليهود في الضفة لبناء المستوطنات، وهو ما يعني أن الذي مع اليهود لليهود وما هو مع الفلسطينيين للفلسطينيين الذي يملكون 38% من أراضي الضفة فقط حسب "اتفاقيات أوسلو" بالإضافة إلى أن الاحتلال يفرض سيطرة كاملة على القدس، كما أن الدعوة تحمل الإقرار بالحقوق اليهودية الدينية في الحرم القدسي الشريف.