الرسالة نت - أحمد أبو قمر
"كان قلقا طوال يوم استشهاده ولم يكن بالشخص العادي وكأن شيئا ما يشغل باله؛ فقد استيقظ مبكرا يوم الجمعة الماضي وأيقظ الجميع لصلاة الفجر، ثم تناول الفطور وأخذ يداعب ابنته سارة".. بهذه الكلمات وصفت أم كرم حال زوجها محمود الحنني قبل استشهاده بساعات.
وأوضحت أنه أخبرها على سبيل الداعبة بعد عودته من صلاة الجمعة أنه سيذهب ليتزوج من امرأة ثالثة.
وأضافت أم كرم: "بعد أن أكمل زوجي تلك الكلمات وصلته رسالة من الشهيد زهير القيسي مكتوب فيها: (قوم يا أبو أحمد وتوكل على الله أنا بانتظارك)، فخرج بعد أن قبل ابنته سارة التي تبلغ من العمر سنة ونصف، وقال لها: ارجعي لأمك يا بابا مش حطول"، مشيرة إلى أنها كانت تشعر بأن زوجها لن يعود إليها إذا خرج في أي لحظة؛ وذلك بعد أن رأته في منامها يزف شهيدا.
النشأة ..
ولد الشهيد الحنني بتاريخ 21/3/1968م في قرية "بيت فوريك" بمدينة نابلس، وعرف فيها باسم "ناصر الرصد"؛ بعد أن بات اسمه يؤرق الاحتلال؛ فقد كان من أوائل المنخرطين في صفوف المقاومة مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، والتي تطورت فيها من رشق الحجارة إلى المولوتوف والزجاجات الحارقة وصولا لتشكيل خلايا عسكرية مسلحة تطارد الجنود وتقلقهم.
ويعتبر الشهيد محمود -اعتقل عام 1988، وحوكم بالسجن لمدة خمس سنوات- الابن الوحيد لإحدى عشر شقيقة، وله أربع بنات وولد وحيد لم يبلغ الـ"16 عاما"، وهو متزوج من امرأتين.
وعرف الحنني بين إخوانه الأسرى بصبره منقطع النظير وقدرته على التحمل، إذ إنه ثبت خلال جولات التحقيق ولم يستطع الاحتلال سحب كلمة واحدة من فمه رغم كل التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرض له.
واستطاع الشهيد الانخراط مع الأسرى والتخطيط معهم من داخل السجن ليخرج عام 1993م بعد توقيع منظمة التحرير والكيان الصهيوني لاتفاق "أوسلو".
وقد وفّق الشهيد الحنني بين عمله الجهادي ومسيرته العلمية، فحصل على بكالوريوس في الهندسة وكان من أوائل دفعته.
حياته الجهادية
عمل الشهيد أبو أحمد تركز على إعداد الاستشهاديين الذين كانوا يلجؤون إلى الأراضي المحتلة عام 1948 ويفجرون أنفسهم هناك موقعين القتلى والخسائر الفادحة بالمحتلين.
وضمن مسيرته الجهادية عمل داخل فلسطين المحتلة على حرق عدد كبير من المركبات الصهيونية بـ(تل أبيب) وكذلك حرق مخزن للأخشاب قدر بملايين الدولارات، وطعنَ مستوطنا بالسكين.
ويعتبر الحنني مؤسس لجان المقاومة الشعبية بالضفة بعد أن كان من نشطاء حركة فتح العسكريين ومن مؤسسي نواتها في نابلس.
وبينما كان الشهيد في الأردن كشف الاحتلال خليته واعتقلها وحكم عليها بالمؤبدات بعدما قبض على أشرف حنني في شارع صلاح الدين بالقدس عندما كان متوجها لتنفيذ عملية استشهادية كان يقف وراءها الشهيد محمود.
وفي ذلك الوقت اعتقله جهاز المخابرات الأردنية لأكثر من ثلاثة أشهر وأخضعه لتحقيقٍ قاسٍ حتى تم إبعاده قصرا إلى مصر ومنها عبر الأنفاق إلى قطاع غزة ليواصل عمله الجهادي.
وفي صفقة "وفاء الأحرار" أفرج الاحتلال عن أفراد مجموعته التي تم اعتقالها ومن ضمنهم أشرف حنني، وجرى إبعادهم إلى غزة ليلتم الشمل من جديد ويواصلوا طريقهم الجهادي الذي بدأوه في الضفة سويا.
موعده مع الشهادة
في عصر يوم الجمعة 10/3/2012م كان الشهيد أبو أحمد برفقة الأمين العام للجان المقاومة الشعبية الشيخ "زهير القيسي" (أبو إبراهيم) حين تعرضت سيارتهما لقصف صهيوني غاشم في (تل الهوا) قرب مبنى تلفزيون فلسطين، مما أدى لاستشهادهما من الفور.
ورفضت الحكومة (الإسرائيلية) نقل جثمان الشهيد محمود إلى قريته "بيت فوريك" مسقط رأسه ليدفن فيها بعدما تقدمت عائلته بطلب إلى السلطة من أجل التنسيق ونقل جثمان الشهيد.
يذكر أن الشهيد تعرض لمحاولتي اغتيال في قطاع غزة إحداهما خلال الحرب الأخيرة على القطاع.
وكانت زوجته الأولى التي لم تشاهده لمدة ست سنوات قد أنهت معاملات استصدار جواز سفر قبل أيام فقط لتزور زوجها في قطاع غزة.