غزة/ مها شهوان
أكد محللون اقتصاديون أن قطاع غزة يعاني من تدهور اقتصادي لاسيما بعد الحرب الأخيرة على القطاع مما أدى إلى تضرر القطاع الإنتاجي بسبب توقف العديد من المؤسسات المدمرة .
وأوضح محللون بأنه تم تحويل الاقتصاد في القطاع من الطابع الإنتاجي التنموي إلى الاقتصاد الذي يعتمد على المساعدات الإغاثية المقدمة من دول العالم.
ويقوم اقتصاد الحرب على المشاريع البسيطة التي تستمر مدتها لفترة قصيرة خشية من إعلان أي طارئ يسبب خسائر فادحة.
القطاع الإنتاجي
وفي هذا السياق يرى المحلل الاقتصادي معين رجب أنه من الصعب وصف الوضع الاقتصادي في قطاع غزة باقتصاد حرب ، موضحا بان مشاريع بعد الحرب باتت مستعدة للتكيف مع الحالة التي تحدث في الحرب.
وذكر أن الحرب الأخيرة على القطاع كان لها تأثير على المنشآت الصناعية والأراضي الزراعية والبنية التحتية بالإضافة إلى المرافق العامة،مبينا بان القطاع الإنتاجي تضرر كثيرا بتوقف العديد من مؤسساته عن العمل لتدمير مبانيها والياتها.
في حين أشار المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان إلى أن اقتصاد غزة يعتبر اقتصاد حرب لأنه قائم على الأسس الاقتصادية التقليدية منذ حالة الحصار المشدد الذي يشهده القطاع ،موضحا بأنه يتم إمداد قطاع غزة بـ33 سلعة باعتبار القطاع كيانا معاديا للكيان الصهيوني منذ 2007م مما جعل أبناء القطاع يعتمدون على الأنفاق ليكون اقتصادهم غير رسمي.
وبين أبو رمضان أن الخسائر المباشرة الني تعرض لها القطاع حسب التقديرات المحلية والدولية تقدر بـ 3مليارات دولار ،في حين أن الخسائر غير المباشرة كانت نتيجة انعدام البيئة التنافسية والقروض الاستثمارية لعدم وجود استثمارات كالبلدان الأخرى.
وقال:" القطاع الخاص تضرر بنسبة 53%من حجم الاقتصاد في غزة ،حيث يوجد حوالي 70 ألف عامل انضموا إلى قائمة العاطلين عن العمل ،مما يمكن القول أن هناك 50%من الخسائر التي نتحدث عنها تتعلق بالقطاع الخاص.
في حين أوضح رجب بان الضرر الذي خلفته الحرب كان كبيرا ،لاسيما وانه لم يتم حتى اللحظة إعادة اعمار ما تم تدميره خلال الحرب، موضحا بان الخسائر شملت كافة مؤسسات القطاع بما فيها ضحايا الحرب من الشهداء والجرحى فجميعهم يمثلون خسائر أثرت على الوضع الاقتصادي.
وأضاف بان الأضرار التي طالت المنشات والمساكن تعذر على أصحابها إعادة بنائها بسبب فقدانهم لأعمالهم وأصبحوا تحت بند العاطلين عن العمل، مشيرا إلى أن المدارس والمرافق والمستشفيات التي تعرضت للتدمير تركت أوضاعا اقتصادية بالغة الصعوبة خاصة بعد مضي عام ولم يتم إيجاد الحلول الناجعة والاعمار الضروري للتخفيف عن ما خلفته الحرب.
وعن تأثير الحرب على القطاع الخاص أشار رجب إلى أن الحصار والحرب لهما تأثير أساسي ورئيسي على عمل القطاع الخاص ،موضحا بان الاقتصاد الخاص حينما يقوم بالعمل الإنتاجي يحتاج لتصريح إمكاناته وخامات من الخارج.
الطاقات المتاحة
وحول استعادة الوضع الاقتصادي لوضعه السابق أكد رجب ان إمكانية استعادة الوضع هو احتمال ضئيل ومحدود ،مرجعا ذلك إلى أن الاقتصاد الصناعي خاصة والإنتاج المحلي عامة في ظل الحصار القائم حال دون وصول الإمكانيات المتمثلة بالخامات التي يعتمد الحصول عليها من الخارج ويتعذر توفيرها محليا .
واعتبر رجب أن من ايجابيات الحرب تجاه الاقتصاد بأنها حاولت استغلال الطاقات المتاحة للاستفادة منها وذلك يشكل ميزة يعرض من خلالها أقصى طاقة إنتاجية للاستفادة من مثل هذه الظروف،مشيرا إلى وجود مساوئ لذلك الأمر لأنه يزيد من الأعباء والمعاناة .
في حين أوضح أبو رمضان بأنه تم تحويل الاقتصاد من الطابع الإنتاجي التنموي إلى الاقتصاد الذي يعتمد على المساعدات الإغاثية المقدمة من العالم، مشيرا بأنه بحسب المراقبين فان 80% من سكان القطاع يعيشون تحت قطع الفقر و 28% تحت خط الفقر المدقع .
ولفت إلى أن سوق غزة بات يعتمد على الاقتصاد غير الرسمي مما جعل اقتصادها غير طبيعي بسبب عدم السماح بإدخال المواد اللازمة للأسواق، موضحا بأنها تحل جزءا من أزمة الأسواق إلا أن السلع التي تدخل السوق تكون أضعاف سعرها في السوق المصري.
وعن ذلك قال رجب:" بضاعة الأنفاق تشكل الجزء الرئيسي من حجم البضائع التي تأتي يوميا إلى القطاع حيث تقدر بـ2-3 مليون دولار وتصل على مدار السنة إلى مليار دولار ".
وأوضح بأنها تغطي جزءا كبيرا من احتياجات المواطنين بنسبة 60-70% ، لكنها لم تغط كافة الجوانب الأساسية كمواد البناء بالكمية المطلوبة.
وعن بعض البضائع التي تجلب عبر الأنفاق ويفتدها السوق الغزي كالوقود والأدوات الكهربائية أكد رجب بان لهذا الجانب سلبيات لان أسعارها مرتفعه فوق طاقة المواطنين ،مضيفا بأنها عرضة للتلف لأنه في حال تعذر وصولها ستزداد المعاناة .
وحول استعادة الحكومة لوضعها الاقتصادي ذكر أبو رمضان بأنها تتعرض لازمة كبيرة تحاول رسم سياسات تساهم في امتصاص هذه الأزمة وان حجم الكارثة كبير جدا مما يتطلب شراكة مع العمل الأهلي.
وأكد على أن التهرب من الضرائب ليس مفيدا لأنه واجب وطني فالحكومة بدونه لا تستطيع أن تقدم شيئا من الخدمات دون الضرائب .
في حين أوضح رجب بان الحكومة تسعى لإدارة الاقتصاد بالصورة المناسبة ،إلا انه لازال أمامها الكثير لمواجهة كافة المصاعب القائمة ،مشيرا إلى أنها تقر بان مشكلاتها الاقتصادية قائمة.
وبحسب رجب فان ما تقوم به الحكومة تبقى جهودا تحتاج إلى جهد إضافي ومتابعة مستمرة حتى يتحقق المطلوب منها وهذا يتطلب إدارة مثالية للأداء الحكومي.