فايز أيوب الشيخ
خلافا لما يتطلع له الشعب الفلسطيني بإعلان "حكومة وحدة" تنهي حقبة الانقسام وتُحضر لإجراء الانتخابات العامة وإعمار غزة أعلن رئيس السلطة محمود عباس تعديلا وزاريا جديدا على "حكومة فياض".
ويرى ساسة ومراقبون أن هذا الإعلان "يهدف إلى إطالة أمد الانقسام، "وتبديد أي جهود لتحقيق المصالحة، وفيه تأجيل لحكومة التوافق الوطني إلى أجل غير مسمى"، مؤكدين أن إجراء هذا التعديل يعني عدم الجدية في تنفيذ ما تم التوقيع عليه، "بدءا من اتفاق القاهرة في الرابع من أيار مرورا باتفاق الدوحة وما تلاهما من تفاهمات لإنهاء الانقسام".
المجلس التشريعي يرى بدوره أن هذا التعديل يفتقر إلى أي أساس قانوني أو دستوري، "إذ إن "حكومة فياض" غير قانونية وغير دستورية لأنها لم تحظ بمصادقة المجلس التشريعي على اعتبار أن ما بُني على باطل فهو باطل".
** تورطوا في الفساد
وليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها إجراء تعديل على "حكومة فياض" التي أُقيل عدد من وزرائها على خلفية فضائح وملفات فساد تورطوا فيها مثل وزيري الاقتصاد "حسن أبو لبدة" والزراعة "إسماعيل دعيق".
فيما أدى شتم وزير العمل "أحمد مجدلاني" لشرف الموظفين الحكوميين -خلال برنامج إذاعي- إلى تفجير الساحة الفلسطينية للمطالبة بإقالته من منصبه، ولك ذلك لم يحدث رغم المسيرات الغاضبة ومطالب النقابات بذلك.
أما باقي الوزارات في "حكومة فياض" فهي ليست بأفضل حالا من سابقتها, فهناك توتر واضطراب يسودان وزارة الصحة ضد الوزير "فتحي أبو مغلي" المتهم بممارسة مخالفات إدارية ومالية في الوزارة، "وبالتنسيق مع (الإسرائيليين) والسماح لهم بزيارة مجمع فلسطين الطبي برام الله التي اعتبرت سابقة خطيرة، فهو كذلك مسؤول عن فضيحتي "الخبز المسرطن" و"الأدوية الفاسدة" التي غزت أسواق الضفة".
كما إن وزارة المرأة في "حكومة فياض" مضطربة على وقع الفضيحة الأخلاقية الموجودة فيها بعدما اشتكت 17 موظفة في الوزارة من تعرّضهن للتحرش من مدير في الوزارة مع علم وزير المرأة بالأمر، ومحاولتها التكتم على المسألة وعدم محاسبة المعتدي على أعراض الموظفات.
** انتقادات ومحاصصة
ولطالما كانت قيادات من حركة فتح قد اشتكت وطالبت كثيرا بتغيير "حكومة فياض" أو تعديلها بصورة واسعة، وقد تعرض "فياض" لانتقادات من جانب هذه القيادات علما أن فتح أكدت مرارا أنها لا تقبل بأقل من نصف الحقائب في أي تعديل وزاري.
عضو المجلس الثوري لحركة فتح زياد أبو عين نفى أن يكون لدى حركته أي مطامع في التعديل الوزاري الجديد، معتبرا أن هدف عباس من هذا التعديل تطعيم الحكومة، "وليس إجراء تغيير فيها".
وعزا أبو عين التطعيم الوزاري المزعوم إلى أن هناك حوالي سبع حقائب شاغرة بدون وزراء مثل: "الإعلام والاقتصاد والشباب والرياضة"، كما لم يستبعد أن يضم التعديل وزراء آخرين من الفصائل المنضوية تحت إطار منظمة التحرير.
وزعم في حديثه لـ"الرسالة" أن التعديل على "حكومة فياض" لايؤثر بالمطلق على التوجه العام نحو المصالحة الوطنية، مؤكدا أنه وبمجرد تشكيل ما أسماها "حكومة المصالحة" فإنه سيجري حل الحكومتين في الضفة وغزة في آن واحد.
ومن وجهة النظر الأخرى في غزة فقد اعتبر الدكتور يوسف رزقة -المستشار السياسي لرئيس الوزراء- أن إنشاء "حكومة جديدة" في الضفة يوحي بأن المصالحة غير موجودة، "وأن القائمين عليها لم يعودوا متشجعين للمضي في تحقيقها".
وأرجع رزقة في حديثه المقتضب لـ"الرسالة" السبب في ذلك التعديل الجاري إلى ترميم وتعديل في حكومة فياض.. "على اعتبار أن بعض وزراءها تم إحالتهم إلى التحقيق بتهم الفساد".
وحول ما إذا كان قرار التعديل نابعا من الحرج الذي تسبب به الوزراء الفاسدون الذين أقيلوا من الحكومة رد أبو عين بالقول: "الفساد منتشر في كل العالم، ونحن لا نخبئ فسادنا وإنما ننشره على الحبل، ولكي لا يتحدث أحد عن فسادنا فإننا نتهم الفاسد ونحاسبه ونتخذ الإجراءات بحقه وذلك نظرا للشفافية العليا الموجودة لدى حركة فتح والسلطة"، وفق زعمه.
** المصالحة مؤجلة
ويرى عبد الرحيم ملوح - نائب الأمين العام للجبهة الشعبية- من ناحيته أنه من المفترض -وفق "اتفاق الدوحة"- أن يشكل عباس حكومة شخصيات مستقلة، "ومن ذوي الكفاءات".
وأوضح ملوح لـ"الرسالة" أنهم -في الجبهة الشعبية- ليسوا شركاء في التعديل الوزاري، "ورغم ذلك أقر بأن هناك عددا من الوزارات يجب أن يعاد النظر فيها مثل وزارة القدس".
وقال: "واقعيا هناك رأي يقول إن تعديل الحكومة يعني أن المصالحة مؤجلة إلى أجل غير مسمى، ونحن من وجهة نظرنا نقول إن المصالحة ينبغي ألا تؤجل، ويجب إنهاء الانقسام فورا".
وفي السياق انتقد النائب المستقل حسن خريشة "خطوة عباس"، معتبرا أن إجراء تعديلات في الوقت الراهن يهدف إلى إطالة أمد الانقسام، "وتبديد أي جهود لتحقيق المصالحة".
وأشار في حديث لـ"الرسالة" إلى أن الحديث عن تعديل وزاري جديد أمر مرفوض،" وسينعكس على المصالحة ويقتلها"، مؤكدا أن المطلوب تشكيل حكومة جديدة بناءً على اتفاقات القاهرة وإعلان الدوحة لهدف التحضير للانتخابات المركزية وإعادة الإعمار.