طالبوا بالإسراع في تطبيق المصالحة

تعديل "حكومة فياض".. فتح تصارع للهيمنة

فايز أيوب الشيخ

دخلت حركة فتح على خط الصراع الجاري على تعديل "حكومة فياض" –غير الشرعية- الذي أعلن عنه رئيس السلطة محمود عباس قبل أيام، في محاولة للسيطرة على الوزارات السيادية التي يتحكم بها "سلام فياض".

ويأتي –الصراع الفتحاوي الجديد القديم - رغم ما اعتبره الساسة والمراقبون بأنه تعديل" يهدف إلى إطالة أمد الانقسام وتبديد أي جهود لتحقيق المصالحة وبمثابة تأجيل لحكومة التوافق الوطني إلى أجل غير مسمى"، مؤكدين أن -إجراء هذا التعديل- يعني عدم الجدية في تنفيذ ما تم التوقيع عليه بدءا من اتفاق القاهرة في الرابع من أيار ومرورا باتفاق الدوحة وما تلاها من تفاهمات لإنهاء الانقسام.

معركة على "السيادية"

محمود العالول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، زعم أن حركته "لن تقاتل على عدد المواقع والوزارات في التعديل الجديد على حكومة فياض "، لكن جمال محيسن عضو اللجنة المركزية بالحركة قال أنه "لا يحق لأحد منع أي فتحاوي من تولي حقائب وزارية مثل الداخلية والخارجية والمالية وغيرها من المناصب السيادية"، في إشارة واضحة إلى تمسك فتح بالوزارات السيادية.

وكانت مصادر فتحاوية مطلعة في رام الله قد كشفت لـ" الرسالة نت" أن قيادة فتح طالبت بتولي وزارتي "المالية والخارجية" في التعديل الوزاري المرتقب، مشيرةً إلى أن عباس وعد الحركة بالنظر بطلبها دون إبداء الرفض أو التأييد. وأفصحت عن وجود غضب فتحاوي بالضفة من ممارسات فياض بحق الحركة وعناصرها.

بينما ذكرت مصادر فتحاوية أخرى أن التعديل هو "عمل اضطراري للتعويض عن وزراء الفساد فيها"، بهدف رفع الحصانة عنهم، تمهيدا للتحقيق معهم، كما أن جاء هذا التعديل لتذمر قيادات فتح من عدم سيطرتها على بعض الوزارات الخدمية، حسب المصادر الفتحاوية.

وأشار العالول في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أنه لم يجرِ بعد البحث في التعديل الوزاري الجديد، مؤكداً أن حركته ستُجري خلال الأيام القليلة القادمة مشاورات بهذا الشأن، وأبدى الحرص على أن يضم التعديل كافة النسيج الوطني بشكل عام، وفق تعبيره.

 وحول التوقيت المنتقد لهذا التعديل في ظل الأجواء الحالية للمصالحة، برر العالول ذلك بأن هناك استحقاقات لا بد منها ولا يمكنها أن تنتظر أكثر بعد أن تم تأجيلها إلى درجة كبيرة للغاية طوال الفترة الماضية على أمل أن تتحقق المصالحة.

وقال "خلال الفترة الأخيرة كان من الواضح تماماً أن ملف المصالحة لا زال مؤجلاً بفعل العديد من العوامل المتعلقة بعدم الانجاز السريع للملفات العالقة"، مستدركاً "إذا عدلنا الحكومة في الضفة غداً وتمت المصالحة بعد غد فسوف نضع الأولوية لتشكل الحكومة التوافقية".

بدون مصادقة التشريعي

وبما يخص عرض أية حكومة على المجلس التشريعي لمنحها الثقة، فقد رفض العالول ذلك لأن عمل التشريعي معلق الآن بفعل الانقسام وإلى حين تفعيله يمكن أن تعرض عليه أي حكومة قادمة..!.

وهذا ما رفضه النائب المستقل حسن خريشة، مشددا على عدم شرعية أي حكومة لم تنل ثقة أكثر من ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، واتهم حركة فتح بتعطيله وتغييبه طوال الفترة الماضية.

يضاف إلى ذلك، كما يشير خريشة، أن رئاسة المجلس التشريعي اعتبرت التعديل المُعلن "يفتقر إلى أي أساس قانوني أو دستوري"، حيث أن "حكومة فياض" غير قانونية وغير دستورية كونها لم تحظ على ثقة ومصادقة المجلس التشريعي، على اعتبار "إن ما بُني على باطل فهو باطل".

وأشار خريشة لـ"الرسالة نت" إلى أن هناك تصريحات قوية من قيادة حركة فتح أقرت بأن المصالحة مجمدة وانساقت وراء التعديل الوزاري الذي ينوي عباس إجرائه، مؤكداً  أن الأخير يهدف من وراء خطوته هذه "التغطية على فضيحة حكومة فياض التي أفرزت بعض الوزراء المتهمون بالفساد ".

وكان عدد من وزراء "حكومة فياض" أقيلوا على خلفية فضائح وملفات فساد متورطين بها مثل وزير الاقتصاد "حسن أبو لبدة" الذي تم إقالته بعد اتهامه بالفساد والاختلاس وإساءة الائتمان والاحتيال والتلاعب في سوق المال، أما وزير الزراعة "إسماعيل دعيق" فقد اتهم بالتعدي على المال العام والاختلاس وتزوير تواقيع، إضافة إلى ملفات الفساد اكتشفت في وزارات الصحة والعمل وشئون المرأة وغيرها.

ديمومة الانقسام

وفي السياق، أوضح خريشة سبب تلهف حركة فتح على إجراء التعديل الوزاري فقال "لقد شعرت قيادة فتح بديمومة الانقسام ما حفزها على التحكم بالحكومة من خلال الهيمنة على الوزارات السيادية وعلى رأسها وزارتي الداخلية والخارجية"، مؤكداً أن وزارة المالية لا يمكن لفتح أن تأخذها من فياض على اعتبار أنه المفتاح المالي الوحيد للسلطة.

وعبر خريشة عن اعتقاده بأن منصب رئاسة الحكومة يشهد منافسة شديدة بين عضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد وفياض، لافتاً إلى أن قيادة فتح تعتبر فياض يأخذ من رصيدها من خلال التحدث بإسمها والتفاوض عنها مع (الإسرائيليين) وتحديد سياسة السلطة. وأضاف "على قادة فتح الذين يستفزهم وجود فياض على رأس الحكومة أن يتحملوا ما جنته أيديهم عندما قبلوا الاستمرار بحكومته".

واعتبر خريشة أن الصراع في الضفة على الحكومة ليس من أجل تحقيق مصالح حزبية وتنظيمية وحسب وإنما من أجل مصالح شخصية لبعض المتنفذين في حركة فتح، مؤكداً أن الأخيرة "تلعب لعبتها في التعديل الجديد في الحالتين من تحت الطاولة ومن فوقها".

ورغم ما تعتبره  فتح –حسب خريشة- بأنها أحق بالحكومة وأن فياض بدونها صفر إلا أن قيادتها لا تستطيع مخالفة عباس الذيي تمسك بفياض وفقاً للاعتبارات التي يضعها الأوروبيون، مشدداً على أن "فتح لا يمكنها أن تتحرر من فياض لارتباطه بالأجهزة الأمنية وبالأمور المتعلقة بتمويل السلطة (..).

وتابع "فياض مُغطى من عباس ومُغطى إقليمياً وأوروبياً وتحديداً من أمريكا التي تصرف الموازنة للسلطة وبالتالي هو يمتلك مصادر القوة من خلال الأمن والمال".

وفي تحليله للصراع الدائر على التعديل الوزاري الجديد لـ"حكومة فياض"، يرى هاني المصري الكاتب والمحلل السياسي المعروف، بأنه دائماً ما تحدث الخلافات الفتحاوية على الحصص الوزارية مع كل تغيير أو تعديل في الحكومة، متوقعاً في حديثه لـ"الرسالة نت" أن تبرز الخلافات حول ما إذا كان سيجري تكليف فياض بتشكيل الحكومة مرة أخرى وحول توليه لوزارة المالية من جديد.

واعتبر المصري خطوة عباس "نعيا للمصالحة الوطنية وأنها مؤجلة حتى إشعار آخر على الأقل"، محذراً من تهميش القضايا الأساسية للمصالحة.

البث المباشر