قائمة الموقع

الأسرى.. معاناة ملونة وتعذيب فوق العادة !

2012-04-14T17:33:23+03:00

غزة- محمد بلّور- الرسالة نت

أكثر ما يتمنون رؤيته هو نجمة في السماء أو خضرة النباتات التي تعرفون ! يعيشون في قبور لا شيء يبلل شفاههم إلا مزيداً من الصبر !.

يبتكر الاحتلال سنةً بعد سنة طرقاً جديدة لتعذيب الأسرى بهدف الحصول على اعترافات أو التأثير على قدراتهم العقلية وترك عاهات في أجسادهم.

وكم من الأسرى مات تحت التعذيب الوحشي عبر الضرب المبرح والشبح والصعق الكهربي وغيرها من طرق التعذيب الجسدي .

ويركّز الاحتلال مؤخرا على طرق تعذيب نفسية تعد أكثر إيلاماً أهمها التهديد بالقتل وإهانة زوجته ووالديه أمامه.

تعيش الحركة الفلسطينية الأسيرة في السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف في الأسابيع الأخيرة فوق برميل من البارود فتهدد بالإضراب وانتفاضة سجون.

ويطالب الأسرى بإنهاء معاناة العزل الانفرادي وعودة الزيارة للمنوعين والتعليم وإيقاف السجن الإداري والإهمال الطبي وعدد من مطالب الحياة اليومية

التعذيب من البداية

بالنسبة للباحث في شئون الأسرى الأسير المحرر فؤاد الخفّش فإن التعذيب لا يبدأ من زنازين وحجرات التحقيق بل من لحظة الاعتقال الأولى .

وقال الخفّش إن تكبيل الأسير لحظة اعتقاله وتقييده بالأغلال أمام أطفاله وأسرته هو المحطة الأولى من التعذيب يليه الزج به في العربة العسكرية تحت أحذية الجنود .

وأضاف:" ينقل الأسير مقيداً لمركز التحقيق معصوب العينين ويمنع من قضاء حاجته ثم يدخل مركز التحقيق لتبدأ جولة جديدة " .

ويفهم من الأسلوب العنيف الذي يعتقل به الأسير قبل وصوله لمركز التحقيق أن بانتظاره ما هو أفظع كما يقول المحرر الخفّش وأن كل ما جرى ليس إلا رسائل تمهيدية لرحلة أعنف .

أما مدير المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى إسماعيل الثوابتة فقسم التعذيب في السجون إلى "جسدي ونفسي" بينما ركّز الاحتلال في السنوات الأخيرة على التعذيب النفسي .

وأضاف: "بات التعذيب النفسي يمنح الاحتلال نتائج أفضل فزادت وتيرته ومن صوره تهديد الاحتلال بإحضار زوجته أو أمه وإهانتها أمامه وتهديده بالقتل" .

وأكد أن كل تلك الأساليب محرمة دولياً وممنوعة حسب القانون واتفاقية جنيف الرابعة لكن الاحتلال يضرب كل ذلك بعرض الحائط .

وتابع: "تعد الإشاعة والأفلام المفبركة والتهديد بالاعتداء من أشهر الأساليب النفسية تعذيباً وقد حدث أن أُعيد التحقيق مع أسير حكم سابقاً وكذلك انتزعوا اعترافات أمام تهديد الأسير بالقتل بحضور زوجته أو أبويه والتهديد بالاعتداء عليهما" .

العزل

مكبلين من أيديهم وأرجلهم ومعصوبي العينين وغالباً عراة , لا هواء ولا شمس ولا أدنى مستلزمات التواصل مع العالم هذا هو حال الأسرى المعزولين .

ويرى الخفّش أن أسوأ طرق التعذيب هو "العزل الانفرادي" الذي يتم في زنزانة أشبه بالقبر لها بابان حديديان سميكان تحجب النور والشمس والهواء .

يعيش الأسير بمعزل عن العالم لا يعرف الوقت ولا المكان وهو ما دفع الخفّش تارةً ليصلي العشاء قبل أن يحضروا له طعام الغذاء عند الثانية عشر ظهراً ! .

ويتعارض العزل مع مقولة عالم الاجتماع "ابن خلدون" حين قال "الإنسان اجتماعي بطبعه يؤُلف ويألف " لذا يعيش الأسير بمعزل عن البشر.

ووصف الخفّش زنزانة العزل بالقول: "هي قبر بكل ما تحمل الكلمة من معنى وهناك من عزل فيها لسنوات بلغت 13 سنة منهم الأسير محمود عيسى وحسن سلامة له 10 سنين وآخرين" .

أما الثوابتة فأكد أن العزل الانفرادي يؤثر على عقل الأسير، مشيراً إلى أن العزل بأنواعه يكون في زنزانة لا تصلح لعيش الحيوانات بها دورة مياه وصلت مع عدد من الأسير لسنوات زادت عن العشر سنين .

وتابع: "هناك عزل في زنازين حارّة جداً وزنازين باردة جداً وزنازين أخرى رطبة جداً , وهناك عزل طعامه سيء للغاية وآخر ماؤه غير صالح للشرب وكله بقصه إهانة الأسير والتأثير على عقله .

النجمة الأُمنية

أما أكثر ما أثار استغرابه ممن عرفهم وقابلهم في العزل فهو ذلك الأسير الذي لم ير نجمة في السماء منذ 10 سنين وكم تمنى رؤية واحدة منها فتحقق له حمله حين نقلوه بعد مداهمة لسجنه فشاهدها وكأنه نال حريته.

قصة ثانية لأمنية بسيطة هي لأسير آخر أعرب عن اشتياقه لرؤية لون النباتات الخضراء في الربيع وقد غابت عن عينيه لسنوات طويلة .

وكشف الخفّش أن تلك المشاعر تؤكد هدف الاحتلال من خلف العزل ألا وهو "تدمير الروح المعنوية والرغبة في الحياة" .

أما الثوابتة فقال إن  الاحتلال زاد على أسلوب العزل طريقة مؤذية عبر تعريض الأسير للضوء الأحمر .

وأضاف:" يضعون الأسير في حجرة صغيرة مضاءة بالأحمر الخافت حتى يصاب بالعمى لاحقاً وفي طرق أخرى يسجنوه في حجرة صغيرة ويفتحون سماعات صوت صاخبة كي يصاب بالصمم ويفقد حاسة السمع".

تجارب حيّة

ترتعد أطراف الأسير المحرر جلال صقر حين يتذكر كيف عاش 135 يوماً في أقبية التحقيق متعرّضاً لشتى أنواع العذاب .

أمضى صقر 20 سنة في الأسر ونال حريته في صفقة "وفاء الأحرار" حاملاً في جعبته الكثير عن ذكريات التعذيب في السجون .

وقال إن عملية "الشبح" لفترة طويلة كانت الأقسى من بين طرق التعذيب إضافة إلى هزّ الجسم ورفع الصدر لأعلى " .

وأضاف: "يعذبون الأسير بربطه من جزئه العلوي وإبقائه معلقاً على رؤوس أصابعه فيظل يتألم إلى أن يدخل في غيبوبة" .

ويشدد على أن تعذيب الأسير في الثلاجات لازال الأسوأ حيث يدخلونه في ثلاجة عبارة عن زنزانة ضيقة تضخ هواء وبخار ماء بارد .

ويشكل التفتيش العاري كما يرى صقر مؤخراً من أكثر الأساليب قسوةً على نفسية الأسير وهو معضلة يجد الأسير نفسه أمامها عاجزاً عن فعل شيء .

وحول معاناة العزل الانفرادي أوضح أن هذا الأسلوب يبعد الأسير عن كل العالم وكثيراً ما يحرم الاحتلال الأسير من كافة الأدوات الكهربية لعدة شهور.

ولا تتجاوز فترة الاستراحة "الفورة" للمعزولين انفرادياً سوى ساعة واحدة يقضيها الأسير مكبل اليدين والرجلين تحت مراقبة مشددة .

أما الأسير المحرر عطا أبو خبيزة الذي أمضى 17 سنة في سجون الاحتلال فقال إن أسوأ مراحل التعذيب حين يأتي الاحتلال بأسير أمامك يعترف عليك .

وأضاف: "هناك وسائل تعذيب مؤلمة أهمها الضغط على الصدر وخنق العنق والشبح لفترة طويلة ناهيك عن العزل الانفرادي في زنزانة ضيقة" .

ويقف الأسرى في سجون الاحتلال أمام مفترق طرق فإما أن ينجح إضرابهم وانتفاضتهم أو يعيشوا انتكاسة جديدة تنحدر بحياتهم نحو الأسوأ .

اخبار ذات صلة