غزة – الرسالة نت
"إني أتنفس تحت الماء.. إني أغرق.. أغرق".. رسالة "قبانية" تنطبق تماما على واقع المصالحة الفلسطينية المتعثرة منذ عدة أشهر بفعل تباين مواقف الفصيلين المنقسمين: "حماس، وفتح".
وحتى اللحظة لم تفض جولات المباحثات الخارجية التي قام بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قبل أيام عن نتائج مبشرة.
وعلى ضوء انسداد أفق إنهاء الانقسام أعلن تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة مبادرة جديدة قال إنها تستهدف دفع جهود تحقيق المصالحة.
وتقوم المبادرة على أساس بدء لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة والضفة الغربية بتحديث سجلات الناخبين من تاريخ 15 مايو/أيار المقبل لمدة لا تزيد عن شهر من هذا التاريخ استكمالا لتنفيذ اتفاق القاهرة الموقع في مايو/أيار من العام الماضي.
ووصف التجمع مبادرته بـ"الأولى من نوعها"، وبأنها تأتي في إطار الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية، "والعمل على التطبيق الفوري لملف المصالحة الوطنية وفاء لدماء الشهداء ومعاناة الأسرى المضربين عن الطعام ودعما لكل الجرحى".
وتحث المبادرة على عقد اجتماع وطني شامل لتحديد تاريخ بدء عملية الانتخابات الرئاسية، والمجلس التشريعي، والمجلس الوطني، "مع التزام جميع الأطراف بأهمية إجراء الانتخابات في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية"، وإن عارضت (إسرائيل) إجراء الانتخابات فيجري تنفيذها بأساليب متطورة عبر التصويت الإلكتروني، "وذلك لتأكيد حق الشعب الفلسطيني في القدس".
وتدعو المبادرة إلى أن يبدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمشاورات الفورية لتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني تطبيقا لإعلان الدوحة، ثم تعلن لجنة الانتخابات المركزية انتهاءها من تحديث سجلات الناخبين بانتظار القرار السياسي لإعلان تاريخ بدء العملية الانتخابية.
وشدد خليل عساف -منسق تجمع الشخصيات المستقلة في الضفة الغربية- على "أهمية إنجاز المصالحة الوطنية التي ما زالت تراوح مكانها رغم التقدم الملحوظ بعد اتفاقي القاهرة والدوحة"، مطالبا حركتي فتح وحماس بضرورة إنجازها سعيا للتفرغ للتحديات الراهنة.
وقال عساف: "لجنة الحريات العامة ولجان المصالحة الأخرى قطعت شوطا كبيرا في خطواتها"، داعيا قيادة حركتي فتح وحماس إلى المضي قدما في هذا الإطار وإنجاز المصالحة.
ولم تتخذ حتى اللحظة خطوات عملية من شأنها تبديد التجمد الحاصل في ملف المصالحة، وخاصة أن تبادل الاتهامات ما يزال حاضرا.
وأرجع الدكتور يوسف رزقة -المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية- تعطيل المصالحة الفلسطينية إلى "عدم جدية السلطة الفلسطينية في تطبيقها".
وقال رزقة: "لم تجر أي خطوة عملية فيما يتعلق بتحديد المواعيد أو تشكيل الحكومة الانتقالية"، منبها إلى أن تشكيل الحكومة مرتبط بأمور عديدة منها: تحديد مواعيد الانتخابات وإجراؤها في كل المناطقة المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، "ومرتبطة كذلك بتهيئة أجواء الحريات المناسبة لإجراء انتخابات".
وأشار إلى أن رئيس السلطة محمود عباس لم يحصل على إجابات واضحة من الاحتلال "الإسرائيلي" حول إجراء الانتخابات في الضفة الغربية والقدس.
ورفض رزقة ما ذكره عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح) عزام الأحمد من أن حماس تعطل المصالحة، موضحا أن هذه المزاعم باطلة، "والسبب الجوهري هو الموقف (الإسرائيلي) وتدخلاته السلبية وعدم الجدية عند رئيس السلطة مما عطل المصالحة".
الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين اعتبر من ناحيته أن المشهد الفلسطيني يسير باتجاه مزيد من التأزم على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، "وذلك لأسباب عدة أهمها: استمرار الانقسام، وعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتوقف العملية السلمية؛ ولغياب إستراتيجية فلسطينية قادرة على مواجهة المشروع الصهيوني".
وأوضح شاهين أن الوضع سيبقى باتجاه التأزم ما لم تكن هناك إستراتيجية قادرة على تقديم إجابات واضحة حول الاستحقاقات الأهم، مؤكدا أن وضع الإستراتيجية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال يجب أن ينطلق بإنجاز الوحدة وتعزيز المقاومة الشعبية، "وتعزيز الحراك الدولي والتوجه لعضويات كاملة في مجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة، وهذا يتطلب وضع حجر الأساس باستعادة الوحدة بالمصالحة وليس بالمصافحة"، كما قال.